نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية تقريراً، أمس، حول اختراقات تنظيم "داعش" في السعودية من الداخل، والعوامل التي سهّلت الأمر، والتي اعتبر التقرير أنّ أهمّها: وسائل التواصل الاجتماعي، وتبني "داعش" لأيديولوحية النظام السعودي، أي الوهابية، واستخدامها ضد آل سعود باعتبارهم "خانوا الإسلام".
وأشار المؤرخ في تاريخ الوهابية في جامعة "برينستون"، كول بونزل، في حديث إلى "نيويورك تايمز"، إلى أنّ "العقيدة الوهابية محورية في أيديولوجية الدولة الإسلامية (داعش)"، موضحاً أنها "تشكّل المصدر الأساسي لدينهم، وهي الجزء الأكثر ظهوراً من أيديولوجيتهم ككل".
ترفض السعودية المقارنة بينها وبين "داعش" على المستوى الأيديولوجي، إذ يحاجج مسؤولون سعوديون بحجة ضعيفة، ترتكز على أنه يوجد "الملايين من غير المسلمين في المملكة"، دون ذكر أن تلك الأقليات تتعرض للاضطهاد لأسباب دينية وعنصرية وإثنية. وقال التقرير إن الحجة الثانية التي تستخدمها السعودية هي أنها تشارك في "الحملات ضد المجموعات المسلّحة"، فيما يذكّر بتاريخ السعودية في دعم المجموعات الإسلامية المسلّحة وتمويلها، وذلك إما على مستوى النظام أو عبر قنوات غير رسمية (شركات، رجل أعمال، رجال دين).
واعتبرت "نيويورك تايمز" أن "داعش" يشكّل تهديداً جديداً للنظام السعودي، إذ إنه "يستخدم عقيدة المملكة ضدها"، ويتهمها بـ"إفساد الدين من أجل الحفاظ على الهيمنة". لكن المملكة تصرّ، وفق التقرير، على أن "الإسلام" السعودي "لا يروّج للخلافة كما يفعل تنظيم داعش"، وأن "كبار علماء المملكة يدينون الأعمال الإرهابية".
في المقابل، يرى ناقدون أنّه فيما تدّعي السعودية وجود تلك الاختلافات بينها وبين التنظيم، فإنّ كبار علمائها لم يعلنوا التخلي عن "تلك الجوانب من العقيدة الوهّابية" التي تبنّاها التنظيم، خاصّة حيال الأقليات كالشيعة الذين يعتبرهم الكثير من علماء النظام "كفّاراً"، إلى جانب غير المسلمين. بل على العكس، إذ إنّه يجري الالتزام بتلك العقائد الوهابية ويحاكم الناس على أساسها، وفق قول النقّاد.
وتمكّن "داعش" من اختراق المملكة عبر "الاستقطاب الرقمي" ومواقع التواصل الاجتماعي التي استخدمها التنظيم للوصول إلى أشخاص في داخل السعودية وإقناعهم بموالاة التنظيم وتنفيذ عمليات في الداخل "لزعزعة المملكة"، وفقاً لما ورد في التقرير. ومع ذلك، واجه التنظيم صعوبات في استهداف قوات الأمن، فدعت أنصارها في الداخل إلى استهداف أقربائهم الضباط. وفي شهر أيلول الماضي، اختطف رجلان أحد أقربائهما، وهو جندي في الجيش السعودي، وصوّرا عملية إعدامه. وتمكّنت قوات الأمن من قتل أحدهما واعتقال الثاني.
كذلك قتل ستة رجال أقرباء، كانوا قد بايعوا "داعش"، أحد أقربائهم الشهر الماضي، وهو رقيب في قوات مكافحة الإرهاب، اسمه بدر الرشيدي. وقتل شاب عمره 19 عاماً خاله، وكان عقيداً في الشرطة. وعمد "داعش" عقب عملية القتل إلى نشر شريط مصوّر للشاب، يتوجه به إلى أمّه قائلاً إن أخاها كان "كافراً موالياً للطغاة"، ولولاه لما "بقوا في الحكم".

دور السعودية في نشر ثقافة التطرف

أشارت مجموعة "جيوبوليتيكال مونيتور" في تقرير سابق لها إلى دور المؤسسات غير الحكومية الممولة من قبل آل سعود في نشر ثقافة التطرف في بلاد عديدة حول العالم، ولا سيما في بلجيكا التي شهدت هجوماً منذ أيام.
ويعطي التقرير نموذج "رابطة العالم الإسلامي" التي أسستها الرياض عام 1962، "لتوحيد المسلمين وإزالة العوامل التي تقسّم المجتمع الإسلامي حول العالم". ويشير التقرير إلى أن الرابطة قد موّلت باستمرار منذ 1967، الجوامع والمراكز الإسلامية في بروكسل. ولفت التقرير إلى المبالغ الطائلة التي صرفتها المؤسسة الممولة بنحو كبير من قبل آل سعود على الجوامع والمراكز الإسلامية في بروكسل، حيث يروّج لعقيدة المملكة عبر دعاة غير محليين. وقد موّلت المملكة المئات من المراكز وآلاف المدارس في بلاد غير إسلامية حول العالم.
(الأخبار)