رفضت واشنطن أمس مطلب سوريا الحصول على ضمانات مكتوبة، فيما استمرت العمليات العسكرية والأمنية للقوات السورية النظامية والاشتباكات مع المسلحين في عدد من المناطق السورية. وأعلنت القيادة المشتركة للجيش السوري الحر في الداخل أمس «الالتزام التام بمبادرة المبعوث الأممي العربي السيد كوفي أنان، انسجاماً مع البيان الرئاسي لمجلس الأمن».
وصرح المتحدث باسم البيت الأبيض، جاي كارني، للصحافيين: «لم نر أي مؤشر بعد على أن نظام الأسد يلتزم تعهداته» بموجب الاتفاق الذي جرى بوساطة موفد الأمين العام للأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان، فيما قالت المتحدثة باسمها فيكتوريا نولاند إن «هذه ليست سوى وسيلة أخرى للمماطلة من أجل كسب الوقت».
ووجه الامين العام للامم المتحدة بان كي مون امس نداء اخيرا الى النظام السوري لوقف الهجمات على المدنيين. وقال المتحدث باسم الامم المتحدة مارتن نسيركي ان «الامين العام كرر الطلب من الحكومة السورية ان توقف فورا اعمالها العسكرية التي تستهدف المدنيين واحترام الالتزامات التي وعدت بها المبعوث الخاص كوفي انان».
في هذا الوقت، أعلن المتحدث باسم القيادة المشتركة للجيش السوري الحر في الداخل، العقيد الركن الطيار قاسم سعد الدين، في بيان، «نحن كطرف مدافع عن هذا الشعب الأعزل، نعلن وقف إطلاق نار ضد جيش النظام ابتداءً من صباح العاشر من نيسان الجاري». وأضاف: «سنحافظ على هذا الوعد إذا واظب النظام على التزام بنود المبادرة».
وتضم القيادة المشتركة للجيش السوري الحر في الداخل المجالس العسكرية التي تجمع المنشقين في عدد من المحافظات، وهي تعمل بالتنسيق مع المجلس العسكري في الخارج الذي يضم العميد مصطفى الشيخ والعقيد رياض الأسعد.
والأحد، أكد قائد الجيش السوري الحر رياض الأسعد من تركيا التزامه خطة كوفي أنان، وقال: «نحن ملتزمون خطة أنان، ونحن نقدم ضماناتنا والتزاماتنا للمجتمع الدولي، لا لهذا النظام». وشدد الأسعد على أن النظام لن ينفذ هذه المبادرة وأنها محكوم عليها بالفشل. وقال: «لم نعط الوفد شيئاً ولم يطلب منا ضمانات مكتوبة. لا يوجد شيء اسمه تسليم سلاح. لن نسلم سلاحنا».
وكانت دمشق قد أعلنت الأحد أن الحديث عن سحب القوات السورية من المدن في 10 نيسان «تفسير خاطئ»، موضحة أن الجيش لن ينسحب من المدن بلا ضمانات «مكتوبة» من المعارضة. وقال جهاد مقدسي، المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية، في بيان، إن سوريا لديها خطة للانسحاب يجري تنفيذها فعلاً، لكن استكمال وتحقيق الهدف الرئيسي سيتطلب ضمانات من الطرف الآخر ومن يدعمونه بالتزام شروط التهدئة.
ودعت بكين التي تعد حليفاً أساسياً لدمشق، «الحكومة السورية والأطراف المعنيين في سوريا (...) إلى احترام التعهدات بوقف إطلاق النار وسحب القوات» من المدن. ودعت من جهة أخرى الأسرة الدولية إلى «الصبر» وطالبتها بـ«إعطاء أنان المزيد من الوقت».
وقال دبلوماسي روسي، أمس، إن موسكو تعمل مع السلطات السورية للسعي إلى إنهاء العنف وبدء محادثات مع المعارضين، لكنها لم تصل إلى حد الضغط علانية على الحكومة للوفاء بمهلة انسحاب الجيش.
ووصل وزير الخارجية السوري وليد المعلم إلى موسكو أمس، على أن يجتمع مع نظيره الروسي اليوم. ونقلت وكالة إيتار تاس للأنباء عن نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف قوله إن موسكو «تعمل بنشاط مع دمشق لبدء عملية تسوية سياسية (في سوريا)». ونقلت وسائل إعلام روسية عن غاتيلوف قوله: «نبحث هذه الإمكانية في الوقت الحالي. لا أستطيع بعد أن أقول لكم شيئاً محدداً بهذا الصدد. القضية جدية إلى حد كبير وتتطلب دراسة إضافية».
وأوضح غاتيلوف أن مسألة تشكيل بعثة مراقبين الأمم المتحدة إلى سوريا لم تُقَرّ مبدئياً بعد، وقال: «حالياً تجري عملية التوافق على المعايير التقنية للبعثة، ويجب أن يجري التوافق على مستوى تشكيل البعثة»، من دون أن يستبعد إتمام ذلك بعد 12 نيسان الجاري.
إلى ذلك، يتوقع أن يزور المبعوث الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان اليوم جنوب تركيا، لتفقد مخيمات اللاجئين، قبل توجهه إلى إيران لإجراء محادثات مع كبار المسؤولين هناك، بحسب ما أفاد المتحدث باسمه أحمد فوزي.
وكان أنان قد أعلن أول من أمس أن التصعيد «غير المقبول» للعنف في سوريا ينتهك ضمانات قدمت إليه، ودعا الحكومة السورية إلى التزام تعهداتها لوقف العنف. وحث أنان القوات السورية ومقاتلي المعارضة على وقف كل أشكال العنف بحلول الساعة السادسة بتوقيت دمشق يوم الخميس الموافق 12 نيسان تماشياً مع خطته للسلام التي جرت الموافقة عليها يوم 27 آذار الماضي. وقال أنان، في بيان صادر عن مكتبه في جنيف: «صدمت من التقارير الأخيرة عن تزايد العنف والفظائع في عدة مدن وقرى في سوريا، ما أدى إلى معدلات مفزعة من الخسائر في الأرواح واللاجئين والمشردين، وذلك في انتهاك للتأكيدات التي تلقيتها».
وألقى البابا بنديكت السادس عشر بثقله وراء خطة الأمم المتحدة لإنهاء العنف في سوريا في العظة التي ألقاها يوم الأحد في مناسبة الاحتفال بعيد القيامة، ودعا إلى «التزام فوري» بجهود إحلال السلام هناك، فيما أدان مجلس الوزراء السعودي، الذي اجتمع أمس برئاسة الملك عبد الله بن عبد العزيز، «التصعيد الخطير للعنف من قبل النظام السوري».
ونددت فرنسا الأحد «بشدة باستمرار المجازر» في سوريا، معتبرة «المطالب الجديدة» للنظام السوري «غير مقبولة». وأشار وزير الخارجية البلجيكي ديدييه ريندرز إلى أن تدخلاً إنسانياً ميدانياً بحماية عسكرية سيكون ضرورياً في سوريا إذا استمرت «الممارسات الوحشية» لنظام بشار الأسد. وشدد ريندرز، خلال برنامج «دوليات» على شبكة «تي في 5» التلفزيونية، على أن «تدخلاً إنسانياً سيصبح ضرورياً وسيفترض وجوداً عسكرياً مسلحاً». وأوضح أنه «سيجري التباحث في هذه النقطة خلال الاجتماع المقبل لأصدقاء سوريا المقرر في فرنسا».
(سانا، أ ف ب، يو بي آي، رويترز)