على الرغم من سياسة التوسع الاستيطاني التقليدية التي تتبعها الدولة العبرية، والسوابق الكثيرة للإعلان عن مناقصات بناء وحدات استيطانية خلال السنوات السابقة، لا يقلل ذلك من الأبعاد التي ينطوي عليها ما نشرته وزارة الإسكان الإسرائيلية، عن مناقصات لبناء مئات الوحدات السكنية الجديدة، وغالبيتها في القدس الشرقية، والضفة الغربية وهضبة الجولان، لجهة توقيته والأماكن التي سيجري البناء فيها. أتى الإعلان الحكومي عن بناء 872 وحدة استيطانية في مستوطنة جبل أبو غنيم، الواقعة وراء الخط الأخضر في القدس الشرقية، باسم «هار حوما»، وبناء 180 وحدة أخرى في مستوطنة غفعات زئيف في الضفة الغربية، و69 وحدة أخرى في مستوطنة كتسرين في الجولان المحتل، في الوقت الذي تقبع المفاوضات على المسار الفلسطيني في جمود مطبق، وفي ظل إهمال الادارة الاميركية، المشغولة هذه الأيام بحملاتها الانتخابية، لعملية التسوية، وبالتزامن مع انشغال العالم الغربي بالبرنامج النووي الإيراني الذي فرضته إسرائيل.
أما بخصوص الأماكن المعلن عنها، فيعتبر جبل أبو غنيم، الواقع جنوبي القدس، أحد أكثر الأماكن حساسية واستفزازاً للفلسطينيين والمجتمع الدولي، لكونه المستوطنة الإسرائيلية الأكبر التي بنيت وراء الخط الاخضر في القدس خلال سنوات التسعينيات، ويمثّل البناء الاستيطاني فيه توسيعاً للحاجز الفاصل بين بيت لحم والقدس بشكل نهائي، ويجعل من الصعب جداً التوصل الى اتفاق بخصوص القدس في ما يتعلق بتسوية النزاع بين السلطة وإسرائيل.
أما البناء في الضفة الغربية، فهو يمثّل امتداداً لسياسة فرض الأمر الواقع حيث من المفترض أن تقام الدولة الفلسطينية المرتقبة، في أي تسوية نهائية، فيما البناء في الجولان يأتي انسجاماً مع الظروف السياسية الحالية التي باتت فيها أي مفاوضات مستقبلية مع دمشق أكثر بعداً من أي وقت مضى.
في موازاة ذلك، تحول إخلاء الشرطة الإسرائيلية لـ20 مستوطناً يهودياً، سيطروا على أحد المنازل الفلسطينية بالقرب من الحرم الإبراهيمي في الخليل، إلى مادة للتجاذب السياسي حاول فيها رئيس حزب «إسرائيل بيتنا»، أفيغدور ليبرمان، الالتفاف على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، من جهة اليمين، إذ وصف ليبرمان معالجة مشكلة المنزل «من بدايتها إلى نهايتها بالخاطئة، سواء من ناحية جوهرية أو ائتلافية». كذلك تعرّض باراك لسلسلة انتقادات من وزراء الليكود، وهو ما دفع مكتب نتنياهو إلى الإعلان أن الإخلاء جرى بتنسيق مسبق بين وزير الدفاع ورئيس الحكومة، فيما دافع عدد من المقرّبين من نتنياهو عن موقفه بالقول إنه «لم يكن أمام رئيس الحكومة أي خيار إلا التصديق على الإخلاء لأسباب أمنية وقانونية».