دخلت مهلة العاشر من نيسان، التي وافقت عليها دمشق لتنفيد خطة المبعوث المشترك بين الأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان، مرحلة الجدّ، مع ترقُّب وصول وفد تحضيري لمراقبي الأمم المتحدة إلى سوريا اليوم، وإبلاغ دمشق موسكو عن بدء تطبيق خطة أنان القائمة على سحب الجيش والسلاح الثقيل من المدن ووقف إطلاق النار، وهو ما بدا أنه بدأ ينعكس ميدانياً مع تسجيل انخفاض نسبي لعدد قتلى يوم أمس، رغم تأكيد المعارضة استمرار العمليات العسكرية. في غضون ذلك، سجّل القيادي المعارض الشيوعي البارز، رياض الترك، أحد رموز «المجلس الوطني السوري»، موقفاً لافتاً في دعوته إلى الموافقة على خطة أنان المؤلفة من 6 بنود، أبرزها العمل من أجل عملية سياسية شاملة يقودها السوريون، وقف جميع عمليات القتال، وإبرام هدنة لإدخال المساعدات الإنسانية، والإفراج عن جميع المعتقلين على خلفية الأحداث. تطورات قابلتها قطر بالتشكيك في نية النظام السوري الالتزام ببنود خطة السلام، وتحميل تركيا الأمم المتحدة مسؤولية «دعم القمع» في سوريا.
وقد أكد الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية والمغتربين السورية، جهاد مقدسي، أن وفداً من إدارة عمليات حفظ السلام في الأمانة العامة للأمم المتحدة، سيصل اليوم الأربعاء إلى دمشق لبحث آلية تطبيقية لمهمة أنان. وفي السياق، أشار المتحدث باسم أنان، أحمد فوزي، إلى أن «فريقاً طليعياً من ادارة حفظ السلام التابعة للمنظمة الدولية»، تشير المعلومات إلى أنه سيتألف من ستة عسكريين ومدني لمراقبة شروط نشر مراقبين ميدانياً، «سيصل خلال 48 ساعة إلى سوريا لمناقشة عملية نشر مراقبين لوقف اطلاق النار في سوريا».
وفي السياق، أشارت وزارة الخارجية الروسية إلى أن المبعوث الرئاسي الروسي إلى الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف تبلّغ من السفير السوري في موسكو رياض حدّاد، أن دمشق «بدأت بتنفيذ التزاماتها بموجب مبادرة أنان». بناءً عليه، «رحّبت وزارة الخارجية بقرار السلطات السورية باتخاذ الخطوة الأولى وسحب القوات من البلدات والمدن». وشدّد بوغدانوف على ضرورة الحصول على «ردّ ملائم من المعارضة السورية وجماعاتها المسلحة، بما في ذلك الإعلان صراحة عن دعم خطة أنان واتخاذ خطوات عملية تجاه تطبيقها». وقد مالت تصريحات الامين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي نحو المنحى الرافض للتدخل العسكري في سوريا، رغم إعرابه عن ثقته بأنه «على الامم المتحدة أن تجبر سوريا على إنهاء العنف»، لافتاً إلى أن الجامعة العربية «لا تؤيد التدخل العسكري في سوريا».
أجواء «ايجابية» قابلتها مندوبة الولايات المتحدة، رئيسة مجلس الأمن الدولي للشهر الحالي، سوزان رايس، بالتشكيك. وقالت، في مؤتمر صحافي عقدته في نيويورك أمس، إن الرئيس بشار الأسد «يواجه وقتا محدودا للأسف، وهو لا يصلح للحكم». وشددت على أهمية المحاسبة متوعدة بزيادة الضغوط السياسية والاقتصادية والقانونية على سوريا. وأكدت أن حكومة بلادها ستواصل دعم المعارضة وتدريب أعضائها على جمع القرائن الجنائية من أجل الملاحقة القضائية لأركان النظام. وأكدت أنها ستواصل دعما ماليا وسياسيا وبواسطة معدات كالاتصالات المتطورة لتحقيق ذلك نظرا لأن القوات السورية ضاعفت مما وصفتها العمليات الهجومية. ووصفت أعمال المعارضة بأنها أفعال دفاعية. وأكدت أن مجلس الأمن سيتبنى، ربما اليوم، بياناً رئاسياً يدعم مقترح كوفي أنان لوقف النار.
الدوحة أيضاًَ شككت في عزم الحكومة السورية على الالتزام بخطة المبعوث الاممي ــ العربي. كلام جاء على لسان وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية خالد العطية الذي أوجز موقف حكومته بالقول «أتمنى أن تتم الاستجابة للنقاط الست في مبادرة انان، لكن لم يعد لدينا ثقة في وعود الحكومة السورية». وتابع «حتى الآن، لم نرَ أن الحكومة (السورية) قد استجابت لأي نقطة».
بدوره، اتهم رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان مجلس الأمن الدولي بـ«دعم القمع الذي يتعرض له الشعب السوري بصورة غير مباشرة». وقال «من خلال عدم اتخاذه قراراً، يدعم مجلس الامن بشكل غير مباشر القمع. الوقوف مكتوف الأيدي بينما يموت الشعب السوري كل يوم هو دعم للقمع».
وفي ظل عدم إعلان «المجلس الوطني السوري»، موقفاً رسمياً من تطورات خطة أنان، دعا رياض الترك فصائل المعارضة السورية إلى القبول بالخطة «من أجل حقن دماء السوريين»، كما دعا إلى حوار وطني تشارك فيه شخصيات من النظام «ممن لم تلوث أيديهم الدماء». وقال الترك، في بيان، إن «حرصنا على وصول الثورة السورية الى أهدافها، وإدراكنا لضرورة ايقاف مسلسل القتل والمجازر واستباحة المدن والقرى وتهجير سكانها الذي تقوم به القوات التابعة للنظام، يدعواننا اليوم الى القبول الاولي لبنود خطة كوفي انان». وبموازاة ذلك، كشفت وكالة «فرانس برس» أن مساعد أنان ناصر القدوة حصل على موافقة كل أطراف المعارضة السورية على خطة أنان.
وقد انعكس التعاون الدولي مع سوريا على اتفاق تمّ إبرامه بين دمشق واللجنة الدولية للصليب الأحمر ممثلة برئيسها جاكوب كلينبرغر الذي يزور سوريا. ونص الاتفاق على «آلية للتعاون والتنسيق» لتسهيل مهمة اللجنة الانسانية بالتنسيق مع منظمة الهلال الاحمر في المناطق السورية المتضررة، بحسب بيان لوزارة الخارجية السورية.
ميدانياً، أفاد «المرصد السوري لحقوق الانسان» عن مقتل 29 شخصاً في مدينة حمص وريفها وإدلب وريفها، من بينهم سبعة من عناصر الجيش النظامي، إضافة إلى تسجيل «المرصد» المعارِض حصول حملات اعتقالات وحرق وقصف لعدة مدن ومناطق بينها دوما والزبداني في ريف دمشق.
(الأخبار، أ ب، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)