«إسلامية إسلامية» أم «إسلامية مدنية»؟ خيارات لن يخرج عنها سباق رئاسة مصر الذي ستتبلور ملامحه بعد أقل من 5 أيام، موعد غلق باب الترشح للانتخابات المحددة في 23 و24 أيار المقبل. ففي الوقت الذي أربكت فيه جماعة الإخوان المسلمين حسابات كافة القوى السياسية بدفع أحد أبرز قيادييها، خيرت الشاطر، للمنافسة على منصب الرئيس، أيقنت القوى المدنية في مصر أنه لا سبيل أمامها لتعزيز فرص منافستها على كرسي الرئاسة إلاّ من خلال الاعتماد على التكتل والتحالف في ما بينها، معتمدة على تفتيت الأصوات الإسلامية الذي قد ينتج من وجود ثلاثة مرشحين إسلاميين أقوياء مثل خيرت الشاطر، وحازم أبو إسماعيل، المدعوم من التيار السلفي، وعبد المنعم أبو الفتوح، صاحب التوجه الإسلامي المعتدل، حسب الأمينة العامة للحزب الاشتراكي المصري، كريمة الحفناوي.
وأكدت الحفناوي ضرورة تجمّع أصوات تيار اليسار في هذه المرحلة الحرجة، وعدم تفتيت أصواتهم من أجل خوض انتخابات الرئاسة بقوة، وخصوصاً في ظل تعدد المرشحين المحسوبين على التيار الإسلامي واتصاف المصريين بمزاج إسلامي. وكشفت أن «الحزب الاشتراكي المصري يسعى إلى تأليف كتلة ديموقراطية مدنية في مواجهة الكتلة العسكرية والدينية، بما يوفر إمكانية المنافسة القوية»، لكنها لمّحت إلى أن «الفكرة قد تبدو غير رائقة لعدد من المرشحين الجادين للرئاسة».
فبعدما أعلن المرشح الليبرالي، رئيس حزب «غد الثورة»، أيمن نور، أنه يجري اتصالات مع المرشحين للرئاسة، للانضمام إلى فريقه الرئاسي، منهم محمد سليم العوا وحمدين صباحي وعمرو موسى وبثينة كامل وخالد علي، فاجأ نور أمس الجميع بإعلانه في بيان صحافي فريقه الذي سيخوض به الانتخابات. وسيضم محمد النشائي، المرشح المحتمل للرئاسة، والفنان محمد صبحي والدكتور إبراهيم زهران خبير الطاقة، مشيراً إلى أن هناك مفاوضات قاربت على الانتهاء مع حزبي الجبهة الديموقراطية والإصلاح والتنمية لضم ممثلين إليهم للفريق. ورأى نور، الذي مكّنه المجلس العسكري أخيراً من الترشح للرئاسة بموجب عفو عام، أن التكتل الرئاسي واستغلال تفتيت الأصوات الإسلامية هو الحل الأسلم للتيار الليبرالي. وطالب المرشحين المتشابهين في المبادئ بالتوحد ضد الإسلاميين، متجاهلاً الحديث عن فشل مفاوضاته مع باقي المرشحين الجادين، وهو ما يفسر عدم تنفيذ ما أكده المرشح المحتمل حمدين صباحي في أكثر من مناسبة من أن «آليات هذه المعركة أن نخوضها متحالفين لا أحادياً، وذلك من خلال مؤسسة رئاسية تشكل مجلساً رئاسياً للتمكن من إكمال الثورة المصرية». لكن الأمر بالنسبة إلى غالبية المرشحين المدنيين توقف عند مجرد التصريحات، فيما كان الفعل عن «الإخوان».
ففي الوقت الذي بدأ فيه الليبراليون الحديث عن التكتل والتحالف، أقنع المرشد العام للجماعة محمد بديع، مساعد وزير الخارجية السابق وأستاذ القانون الدولي والعلوم السياسية، عبد الله الأشعل، بالانسحاب من سباق انتخابات رئاسة الجمهورية لمصلحة مرشح الجماعة خيرت الشاطر.
وأعلن الأشعل، خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد أمس في مقر جماعة الإخوان المسلمين، أن الأسباب التي دفعته إلى التنازل هو وجود مشروع موحد نحو نهضة مصر وتحقيق استقلالها، وهو ما تناسب مع المشروع الذي تقدمت به جماعة الإخوان المسلمين. وأكد أنه تمكن من جمع 40 ألف توكيل، إلاّ أنه فضل المصلحة العامة للوطن على المصلحة الخاصة. ورغم تيقظ الإسلاميين لأي محاولة من القوى المدنية قد تقلل من أسهمهم في الشارع، إلّا أن القوى المدنية لا تزال غير قادرة على التعافي من مرض الانقسام وعدم القدرة على التوحد والالتفاف حول مرشح بعينه للتيار الليبرالي. وتواصل انقسامها في ما بينها بشأن عدد من الأسماء، من بينها المرشح الإسلامي عبد المنعم أبو الفتوح، الذي تجد فيه بعض الأحزاب المدنية أفضل مرشح «ثوري، ليبرالي، صاحب مشروع إسلامي وسطي»، وأقل تشدداً وأكثر انفتاحاً من طرح الإخوان وبالطبع
السلفيين. كذلك، يطرح اسم القاضي هشام البسطويسي، الذي فقد جزءاً كبيراً من شعبيته بانضمامه إلى حزب التجمع اليساري، المعروف عن رئيسه مواقف مؤيدة لنظام حسني مبارك. ومن بين الأسماء أيضاً حمدين صباحي وخالد علي كمرشح يساري شاب وثوري ونموذج للمرشح المثالي المطلوب بعد ثورة 25 يناير.
لكن فرص علي الضعيفة في الحصول على عدد التوكيلات الشعبية المطلوبة أو حتى 30 توكيلاً من البرلمان أدت إلى تراجع بعض من تلك القوى عن هذا الدعم، الأمر الذي جعل القوى المدنية لا تخفي تفكيرها في دعم عمرو موسى، الذي كان مرفوضاً من تلك التيارات إلى حد كبير من قبل لأنه كان محسوباً على النظام السابق. وأرجع الأمين العام للحزب العربي الديموقراطي الناصري، توحيد البنهاوي في حديث لـ«الأخبار» التفكير بدعم موسى إلى وجود صعوبات في التوقيت الحالي لتكتل الأصوات في التيار المدني، وخصوصاً أن خوض سباق الترشح للرئاسة «جاء بقرارات فردية من المرشحين، وهو ما يمثل صعوبة في تنازل مرشح لآخر لوجود اختلاف في طريقة ترشح المرشحين للرئاسة من طريق جمع التوكيلات من الشعب، وهو الأمر المرهق، أو الترشح من طريق حزب له عضو فى البرلمان». ورأى أن الحديث عن التحالفات قبل غلق باب الترشيح المحدد في الثامن من الشهر الحالي غير مجدي.