من المقرر أن يرفع المبعوث الخاص للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية لسوريا، كوفي انان، اليوم، تقريره لمجلس الامن الدولي المنقسم بشأن جهوده لإنهاء العنف، في وقت أعلن فيه استمرار الاتصال مع دمشق، رغم تشاؤم بعض الدبلوماسيين الغربيين بشأن فرص نجاح جهوده. وقال المتحدث باسم المبعوث الاممي والعربي، أحمد فوزي، إن «باب الحوار لا يزال مفتوحاً. لا نزال على اتصال مع السلطات السورية بشأن مقترحات السيد انان»، فيما حث الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الحكومة السورية والمعارضة على التعاون مع أنان في المسعى لانهاء العنف. وقال إن «الوضع الراهن في سوريا لا يمكن الدفاع عنه».
في هذا الوقت، حذر وزير الخارجية الفرنسي، آلان جوبيه، من مخاطر نشوب حرب اهلية في سوريا في حال تسليم اسلحة الى المعارضة. وقال، عبر اذاعة فرانس كولتور، ان «الشعب السوري منقسم بشكل عميق، وإذا اعطينا اسلحة الى فئة معينة من المعارضة في سوريا، فسوف نكون ننظم حرباً اهلية بين المسيحيين والعلويين والسنة والشيعة، وقد يكون الامر بمثابة كارثة اكبر من الكارثة القائمة اليوم». كذلك حذّر السفير البريطاني في دمشق، سايمون كوليس، من أن النتائج المترتبة على قرار النظام السوري اختيار الحل الأمني على حساب الحل السياسي، وضع البلد على شفا حرب أهلية.
وفيما أعلنت وكالة الانباء السورية «سانا» «استعادة مدينة إدلب أول من أمس الأمن والطمأنينة بعدما قامت الجهات المختصة بتطهير أحيائها من المجموعات الإرهابية المسلحة التي روعت المواطنين واعتدت عليهم وألحقت الأضرار بالممتلكات العامة والخاصة»، قالت تركيا إن ألف لاجئ عبروا حدودها قادمين من سوريا خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية ليبلغ إجمالي اللاجئين السوريين المسجلين في تركيا نحو 14 ألف لاجئ، بينهم لواء سوري هو السابع الذي يعبر الحدود الى تركيا.
وقال نائب رئيس الوزراء التركي، بشير اتالاي، بعد زيادة في عدد اللاجئين السوريين خلال الساعات الاربع والعشرين الماضية، ان تركيا قد تنظر في اقامة منطقة عازلة داخل الاراضي السورية لحماية المدنيين من هجمات القوات السورية. ورداً على سؤال عما اذا كانت تركيا تفكر في اقامة منطقة آمنة داخل سوريا، أكد، في مقابلة مع تلفزيون «ان.تي.في»، ان هذه المسألة «ضمن الامور المحتملة التي قد نعمل بشأنها في الفترة المقبلة». ومن المقرر أن تعقد مجموعة «اصدقاء سوريا» من الدول الغربية والعربية اجتماعاً في اسطنبول يوم الثاني من نيسان.
من جهة ثانية، أعلنت مسؤولة الشؤون الانسانية في الامم المتحدة، فاليري اموس، أن وفداً من الأمم المتحدة بالمشاركة مع الحكومة السورية سيزور حمص وحماه وطرطوس واللاذقية وحلب ودير الزور ومناطق ريف دمشق ودرعا. واشارت إلى أن عدداً من موظفي الامم المتحدة ومنظمة التعاون الاسلامي سيشاركون في المهمة. وأكدت ان «من المهم وبصورة متزايدة ان يتم السماح للمنظمات الانسانية بالدخول من دون اعاقة لتحديد الاحتياجات الملحة وتقديم الرعاية الطارئة والامدادات الاساسية. لا مجال لإضاعة الوقت». واضافت، في بيان، «اكرر دعوتي للحكومة السورية إلى أن تسمح للمنظمات الانسانية بالدخول من دون اعاقة حتى يمكنها مساعدة الناس المحتاجين بطريقة محايدة وغير متحيزة».
وكانت اموس قد التقت الاسبوع الماضي بمسؤولين سوريين في دمشق، وقالت في وقت لاحق ان الحكومة السورية وافقت على القيام بمهمة تقييم مشتركة في سوريا التي تشهد اضطرابات دامية منذ اكثر من عام. وصرحت «السلطات السورية ابلغتني الآن أن مهمة تقودها الحكومة هي زيارة محافظات حمص وحماه وطرطوس واللاذقية وحلب ودير الزور ومناطق ريف دمشق ودرعا ابتداء من عطلة نهاية الاسبوع».
بدورها، قالت الولايات المتحدة امس ان عدداً من خبرائها سينضمون الى المهمة الانسانية التي تقودها الحكومة السورية ابتداء من عطلة نهاية الاسبوع.
وفي السياق، قال وزير الخارجية الجزائرية مراد مدلسي إن هناك حظوظاً لدخول مساعدات إنسانية إلى سوريا في الأيام القليلة المقبلة. وأوضح مدلسي، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية الإيطالي جيوليو تارزي دي سانت أغاتا في العاصمة الجزائرية، أن «هناك حظوظاً في أن نرى خلال الأيام المقبلة إمكانية إدخال معونات إنسانية (للشعب السوري) ربما ليس في ظروف مثلى لكن مقبولة». وأكد أن موقف الجزائر بخصوص حل الأزمة السورية «يوجد بين أيدي السوريين أنفسهم»، داعياً أطراف النزاع في سوريا إلى «الشعور بالمسؤولية التاريخية أمام شعبهم والمجتمع الدولي». ودعا إلى فتح باب الحوار بين الحكومة السورية والمعارضة، معرباً عن أسف الجزائر لسقوط قتلى وجرحى يومياً «حتى ولو كان هناك تجاوزات إعلامية» بخصوص تضارب عدد الضحايا.
م جهة ثانية، وفي إطار المساعي الدبلوماسية لتشديد العزلة على دمشق، وحّدت نحو 200 منظمة إغاثة ومنظمة مدافعة عن حقوق الانسان، منها هيومن رايتس ووتش ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، جهودها لاقناع روسيا والصين بمساندة إجراء من الأمم المتحدة ضد سوريا.
إلى ذلك، طلبت فرنسا أمس من النظام السوري الافراج عن الصحافي مازن درويش الذي أوقف في 16 شباط في دمشق، مشيرة إلى أن «حياته معرضة للخطر»، فيما ذكرت وكالة انباء الاناضول ان الصحافيين التركيين المفقودين في سوريا قد تم تسليمهما الى جهاز الاستخبارات السورية من قبل مليشيات موالية للنظام. ونقلت الوكالة عن مصادر محلية قولها ان احد الصحافيين، وهو المصور التلفزيوني حميد جوشكون، كان مصاباً وربما تعرض للتعذيب. واضافت الوكالة ان وحدات الاستخبارات السورية اخذت الصحافيين من قرية قريبة من مدينة ادلب في عربتين مدرعتين، مضيفة ان مكان وجودهما غير معروف. الا ان وزارة الخارجية التركية رفضت تأكيد تلك الأنباء.
(سانا، يو بي آي، أ ف ب، رويترز)