أعلن دبلوماسيون، أمس، أن الموفد الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا كوفي أنان، سيعرض الجمعة أمام مجلس الأمن الدولي أولى نتائج مهمته في سوريا، وذلك بعدما تلقّى رداً من الرئيس السوري بشار الأسد على مقترحاته لتسوية الأزمة السورية، لكنه أكد أن ثمة «مسائل» لا تزال عالقة، وأنه طلب توضيحات، فيما أعلنت دمشق أنها ردت بـ«إيجابية» على مقترحات المبعوث الأممي والعربي، بالتزامن مع سيطرة القوات السورية على مدينة إدلب.
وأكد بيان للأمم المتحدة أن أنان سيعرض أمام مجلس الأمن، عبر الفيديو كونفرنس، نتائج مباحثاته في سوريا، مشيراً إلى أنه تلقى رداً من دمشق على المقترحات التي قدمها، لكنه لا يزال يحتاج إلى توضيحات. وأوضح أنه «نظراً إلى الوضع الخطير والمأساوي على الأرض، على الكل أن يدركوا أن الوقت يضغط».
وأضاف البيان: «كذلك قال أنان خلال زيارته للمنطقة إنه لا يمكننا أن نسمح بأن يطول أمد هذه الأزمة».
من جهته، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي أمس أن سوريا ردت على مقترحات أنان «بطريقة توضيحية تبيّن رؤيتها» لتطبيق هذه المقترحات. وقال إن «أنان قدم خلال لقائه الثاني بالرئيس السوري بشار الأسد من خلال لا ورقة، مجموعة من المبادرات الاستكشافية لطريقة الخروج من الأزمة» في سوريا، مضيفاً أن بلاده «ردت بلا ورقة تبين بطريقة توضيحية رؤية سوريا لتطبيق مقترحات كهذه»، مشيراً إلى أن «الرد السوري موضوعي للغاية».
في هذا الوقت، انتقد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس الرئيس السوري بشار الأسد بسبب «التأخير الكبير» في تطبيق الإصلاحات، محذراً دمشق من خطر تفاقم الأزمة. لكنه أكد معارضة روسيا «لأي قرار دولي على غرار القرار الصادر بشأن ليبيا». وأضاف أن «على الشعب أن يقرر من يجب أن يكون في السلطة في سوريا».
وقال لافروف، خلال جلسة أسئلة وأجوبة في مجلس الدوما (البرلمان)، إن نظام الأسد «اعتمد إصلاحات جيدة من شأنها تجديد النظام والانفتاح على التعددية، لكن ذلك تأخر كثيراً». وأكد أن اقتراح بدء حوار وطني في سوريا جاء أيضاً «متأخراً»، مشيراً إلى أن هذا «الجمود» يمكن أن «يبتلع الجميع في النهاية».
بدوره، حذر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الأميركي باراك أوباما في البيت الأبيض، زعماء سوريا من أن حملتهم القمعية يمكن أن تعرضهم لمحاكمات تتعلق بارتكاب جرائم حرب. وقال إن القانون الدولي ذراعه طويلة وذاكرته ممتدة في ما يتصل بانتهاكات حقوق الإنسان.
ميدانياً، سيطر الجيش السوري سيطرة كاملة على مدينة إدلب (شمال غرب) بعد انسحاب الجيش السوري الحر منها. وقال نور الدين العبدو، من المكتب الإعلامي لمجلس قيادة الثورة في إدلب: «منذ مساء أمس (الثلاثاء) توقفت المعارك، الجيش السوري الحر انسحب، والجيش النظامي اقتحم كل المدينة وفتش كل البيوت بيتاً بيتاً، ولا تزال عمليات الدهم مستمرة هذا الصباح». وأوضح أن الجيش السوري الحر «فضّل الانسحاب، والجميع يعلم أنه لا يستطيع مواجهة الجيش» وقوته.
وذكرت صحيفة «الوطن» السورية الصادرة أمس أن «وحدات الجيش وحفظ النظام والأمن أنهت عمليات تمشيط الأحياء الوسطى والشمالية من مدينة إدلب حيث تتركز أغلب المجموعات المسلحة فيها». ونقلت عن مصدر مسؤول أنه «ألقي القبض على عشرات المسلحين والمطلوبين خلال محاولتهم الهروب من المدينة متنكرين باللباس النسائي».
في ريف إدلب، ذكرت صحيفة «الوطن» السورية أن «عمليات الجيش تتواصل بنحو واسع في مدن معرة مصرين وأريحا ومعرة النعمان وريفها الغربي، إضافة إلى عدد من قرى جبل الزاوية حيث تلاحق وحدات الجيش المجموعات المسلحة في المناطق الجبلية».
وفي السياق، أعلنت السلطات السورية أمس أنها ألقت القبض على مرتكبي «مجزرة كرم الزيتون» في حمص التي أودت بحياة نحو خمسين امرأة وطفلاً. وذكرت «سانا» أن «مجموعات إرهابية مسلحة» ارتكبت مجزرة في حي كرم اللوز في حمص أودت بحياة 15 شخصاً، بينهم امراة وأطفالها الأربعة.
وفي حلب، أفاد الناشط السوري والمحامي إبراهيم ملكي بأن نحو 500 محام شاركوا في اعتصام تضامني مع «المدن المنكوبة» و«من أجل حرية الشعب» في سوريا، في القصر العدلي في حلب، لكن فُضَّ بالقوة، فيما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن 37 شخصاً على الأقل قتلوا، بينهم سبعة منشقين، على أيدي قوات النظام السوري في حملة دهم واعتقالات تخللتها اشتباكات في مدينة درعا.
سياسيّاً، تواصلت تداعيات استقالة هيثم المالح وكمال اللبواني وكاترين التلي من المجلس الوطني السوري. وشن اللبواني هجوماً على رئيس المجلس برهان غليون، واصفاً إياه بأنه «مستفيد وغير ديموقراطي»، وعلى الإخوان المسلمين متهماً إياهم بأنهم يحاولون «احتكار التسليح والإغاثة» لتوسيع قاعدتهم الشعبية. ووصف اللبواني المجلس الوطني بأنه «وهم وكذبة افتراضية»، مشيراً إلى أنه سيبدأ «حملة دبلوماسية» قد تترافق مع تقديم مزيد من الاستقالات من المجلس «للضغط على المجتمع الدولي» لجمع كل أطياف المعارضة في مؤتمر يعقد بعد 15 يوماً في إسطنبول بإشراف عربي، مشدداً على وجوب انتخاب أمانة للمجلس الوطني من 25 عضواً لكي تشرف على تأليف حكومة منفى.
(سانا، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)