مصراتة | في السادس من آذار الماضي، أطلق بعض من طالبوا بالفدرالية خياراً لنظام الحكم في ليبيا، مؤتمراً أعلنوا فيه تأسيس مجلس برقة، وخرج المؤتمر ببيان لسكان الإقليم لخّص في نقاط ثمان أهم قرارات المؤتمرين الذين قرروا، إضافة إلى المطالبة بالفدرالية، تعيين أقدم معتقل في سجون النظام السابق، أحمد الزبير السنوسي، رئيساً للإقليم، واعتماد دستور الاستقلال الصادر في عام 1951 منطلقاً، مع رفض الإعلان الدستوري وتوزيع مقاعد المؤتمر الوطني وقانون الانتخاب، ولا سيما أن انتخابات المؤتمر الوطني العام أصبحت على الأبواب حيث ستجرى في حزيران المقبل.
ولم تكد تمضي ساعات على إعلان مؤتمر برقة حتى خرج الآلاف في شرق ليبيا وغربها لرفض ما جاء في المؤتمر، وأتبعوا ذلك بجمعة «لا للفدرالية ولا للمركزية ليبيا وحدة وطنية»، ما عكس رفضاً شعبياً لمشروع الفدرالية.
وبالتزامن مع ردود الأفعال الرافضة للفدرالية، استجابت المجالس المحلية في عدد من المدن الليبية لانتقادات شديدة اللهجة وجهها رئيس المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا مصطفى عبد الجليل لعدد من مدن الغرب الليبي، متهماً إياها بتأخير التحول من الثورة إلى الدولة في ليبيا، وهو الأمر الذي اعتبره بعض دعاة الفدرالية مبرراً لإطلاق دعواهم، على حدّ قوله.
وأمام مشهد تتراجع فيه حظوظ المطالبين بالفدرالية بكسب تأييد شعبي ورسمي لمطالبهم، رأى النائب الأول لرئيس الحكومة، مصطفى أبو شاقور، «أن ثلاثة آلاف شخص فقط يريدون إعلان برقة إقليماً فدرالياً»، مشيراً إلى أن منطقة برقة شرق البلاد يقطنها ما يقارب مليون شخص. ورأى أن إعلان شرق ليبيا إقليماً فيدرالياً لا يعني التقسيم، وقال شاقور «إنه بغض النظر (عن كونه) تقسيماً أو لا، فإن إعلان منطقة برقة شرق البلاد فدرالية يُعدّ تجاوزاً وإصراراً ووصاية على الشعب الليبي».
وفيما عبّر سفير إيطاليا لدى طرابلس عن أسف بلاده لمشاركة سفارتها في المؤتمر نفسه، سحبت تونس قنصلها من بنغازي واعتبرت، على لسان مستشار الرئيس التونسي المنصف المرزوقي، مشاركته في المؤتمر تصرفاً غير مقصود وخطأً شخصياً.
ورغم رفض الشارع لإعلان الفدرالية من قبل مجلس برقة، حسب ردود الأفعال العنيفة من الليبيين، رأى دعاتها أن دعواهم كانت ناقوساً أيقظ المجلس الوطني الانتقالي والحكومة الانتقالية في ليبيا، ويستشهدون على ذلك بتسلم الحكومة زمام الأمور في الموانئ والمطارات والمنافذ الحيوية، بعد أن كانت تحت سيطرة المدن أو بعض التشكيلات المسلحة التابعة لمدن الغرب الليبي.
وقبل أقل من تسعين يوماً من الموعد المقرر لانتخابات المؤتمر الوطني العام في ليبيا، يرفض دعاة الفدرالية التوزيع الذي حدده قانون انتخاب المؤتمر الوطني العام بشكله الحالي، ويطالبون بحصة إضافية من المقاعد. فبحسب قانون انتخاب المؤتمر الوطني تحدد 102 مقعد لإقليم طرابلس و60 مقعداً لإقليم برقة و38 لإقليم فزان.
ويطالب الرافضون لهذا التوزيع بإعادة التوزيع بحيث يكون عدد أعضاء المؤتمر متساوياً، لضمان التوازن بين الأقاليم الثلاثة، بحيث لا يتغلب أي من الأطراف على الآخر، وأطلق بعضهم دعوات لمقاطعة الانتخابات نهائياً إذا لم يُعد النظر في تساوي الحصص.
رغم الواقع الحالي وما يشهده من تطورات قد تضع ليبيا على كف عفريت، يبدو رئيس الحكومة الليبية عبد الرحيم الكيب مطمئناً ومتفائلاً، مؤكداً أن «لدينا وعياً كبيراً بما ينبغي أن نفعله، والشعب الليبي يدرك تماماً ما يريده، وهذه الثورة التي أطاحت النظام السابق قادرة على أن ترسم لنفسها وللبلاد مستقبلاً وطنياً يستوعب الجميع من دون إقصاء أو تهميش».