بروكسل | أجمعت الأحزاب والجمعيات الدينية، إسلامية ومسيحية، في بلجيكا، على إدانة الاعتداء على مسجد الرضا في بلدة إندرلخت التابعة للعاصمة بروكسل، مؤكدة أن هذا العمل «لا يمكن قبوله في بلد مثل بلجيكا التي تعترف رسمياً بكل الأديان وتساوي بين مختلف الجاليات والطوائف، على أساس التعايش السلمي واحترام جميع المعتقدات». وعبّر رئيس وزراء بلجيكا، إيليو دي روبو، عن تعاطفه مع عائلة الإمام الذي مات اختناقاً أثناء محاولته إطفاء النيران التي أضرمت في مسجده. وقال دي روبو: «إن الحكومة تندد بأقصى درجات الشدة بهذا الاعتداء، وتؤكد أن استعمال العنف الديني أو الطائفي غير مقبول على الإطلاق في بلادنا». ولم تخف «جمعية المسلمين البلجيكيين» تخوّفها من انتشار العنف الطائفي في حال حدوث عمليات انتقامية للرد على هذا الاعتداء.
ولتفادي ذلك، سارعت الجمعية إلى تنظيم «مسيرة بيضاء» انطلقت من المسجد الذي أُحرق إلى مقر قصر العدالة البلجيكي، من أجل مطالبة السلطات بـ«القصاص من الجاني، لمنع تكرار أو انتشار مثل هذه الأحداث المؤلمة».
كذلك كانت المسيرة مناسبة لتوجيه «نداء إلى جميع المسلمين بضرورة الالتزام بمبدأ التعايش السلمي بين الجاليات والطوائف والأديان في بلجيكا، وخاصة في الوقت الذي تتنامى فيه أصوات اليمين المتطرف المعادية لوجود الأجانب، والمسلمين منهم بشكل خاص».
وما زاد من استياء المسلمين البلجيكيين من هذا الاعتداء أن مدبّره ليس متطرفاً عنصرياً أوروبياً تحركه مشاعر الإسلاموفوبيا، بل هو متشدد سلفي من أصل مغربي استهدف مسجد الرضا بوصفه «مركزاً دينياً شيعياً». وتمتلك الجاليات الشيعية في بلجيكا 12 مسجداً من مجموع 300 مسجد في مختلف المدن البلجيكية.
ونقلت وسائل الإعلام البلجيكية عن عمدة إندرلخت أن إمام المسجد كان «شخصا متزناً ومعروفاً باعتداله». ونقل شهود عيان أن المعتدي على المسجد ألقي عليه القبض من قبل عدد من المصلين، وسُلِّم إلى الشرطة البلجيكية. وأضاف الشهود أنه «متشدد سلفي، وفسّر فعلته باتهام الجالية الشيعية في بلجيكا بمساندة نظام (الرئيس بشار) الأسد في سوريا». وقد أكدت المصادر الأمنية البلجيكية هذه الرواية بخصوص دوافع المعتدي وانتمائه السلفي، لكنها رفضت الكشف عن هويته قبل اكتمال التحقيق، واكتفت بالقول إنه «حديث العهد بالإقامة في بلجيكا، ولا يملك أوراق إقامة رسمية في البلاد، كما أنه سبق أن استفزّ إمام مسجد الرضا والمصلين، مرات عديدة، باعتداءات لفظية ذات طابع طائفي». من جهة أخرى، كشفت الشرطة البلجيكية أن مسجد الرضا سبق أن تعرض، سنة 1997، لـ«تهديدات سلفية» دفعت السلطات البلجيكية إلى وضعه تحت الحراسة الأمنية، لتفادي وقوع أي عمليات قد تهدد الأمن أو تطال المصلين.