الكويت | شهد مجلس الأمة الكويتي أمس فصلاً جديداً من فصول الأزمة بين الأقلية والأكثرية، إذ عادت حادثة اقتحام البرلمان التي وقعت في 16 تشرين الثاني الماضي إلى الواجهة، عبر سعي الغالبية الإسلامية، التي كانت شاركت في الاقتحام، إلى لملمة الموضوع وتعديل وقائع الحادثة التي وصفها أمير البلاد صباح الأحمد الجابر الصباح بحادثة «الأربعاء الأسود».
فقد عمد نواب الأكثرية المعارضة، ومعهم رئيس المجلس أحمد السعدون، إلى «تصحيح البلاغ» المقدّم من قبل مكتب المجلس إبّان تولّي جاسم الخرافي رئاسته ضد من اقتحم قاعة البرلمان، وذلك في سبيل رفع المسؤولية القانونية عنهم.
وقال أمين سر مجلس الأمة، النائب عبد الله البرغش، إن مكتب المجلس اتفق بغالبية أعضائه على تصحيح البلاغ المقدم من قبل مكتب المجلس السابق حول قضية اقتحام عدد من المواطنين والنواب مجلس الأمة بما يفضي إلى إسقاط مواد قانون الجزاء المشار إليه في البلاغ السابق».
واحتجاجاً على تصحيح بلاغ الاقتحام، قام نواب الأقلية، خلال الجلسة أمس، بوضع رايات سوداء على مكاتبهم داخل قاعة المجلس، للتعبير عن الأسف على قرار المكتب الجديد، الأمر الذي تحول إلى مشادات طائفية بين الإسلاميين السنة المنتمين إلى الأكثرية البرلمانية والشيعة المنضوين تحت لواء الأقلية.
ولجأ السعدون إلى رفع الجلسة لمدة نصف ساعة سعياً إلى التهدئة. لكن فور استئناف الجلسة، طلب النائبان الإسلاميان، فلاح الصواغ وعبد اللطيف العميري، من رئيس المجلس تطبيق اللائحة التي تنص على إخراج النواب من القاعة في حال إخلالهم بالنظام داخلها، كما طلبا منه إجبار النواب على إزالة الرايات السوداء. وعرض السعدون الأمر على المجلس للتصويت عليه. وبعد موافقة المجلس، رفض نواب الأقلية رفع الأعلام، لتسود الفوضى في القاعة وتُرفع الجلسة من جديد.
وقد أعلن نائب رئيس المجلس، الإسلامي خالد السلطان، أن «الجلسة لن تستأنف ما لم تُزل الأعلام». وشجب النائب عدنان المطوع تصرف الرئيس وأعضاء المكتب بتغيير بلاغ الاقتحام، معرباً عن أسفه لـ«اختطاف المجلس وإرهاب الأقلية من قبل المعارضة».
أما النائب عبدالحميد دشتي (اقلية)، فقال: «تعبيرنا واستياؤنا لالتفاف الرئيس ومكتب المجلس على بلاغ الاقتحام ووضعنا للأعلام السوداء دليل حزننا وحدادنا على أن يوم الاثنين (يوم تصحيح البلاغ) يوم حزن»، مؤكداً أن الأعلام السوداء ستظل مرفوعة إلى أن «يسحب مكتب المجلس تقريره بشأن تزوير بلاغ اقتحام المجلس».
وفي تعليقه على رفع الجلسة، قال دشتي: «إننا لن نكون أبداً شهود زور ولن نسمح بتزوير بلاغ المجلس السابق بشأن جريمة الاقتحام وسنقوم بالاعتراض على هذا التزوير بكل الوسائل المتاحة، مثل رفع الأعلام السوداء في المجلس وعقد الندوات والتجمع في ساحة الإرادة لفضح جريمة الغالبية بحق الوطن في يوم الاثنين الأسود الذي زور فيه بلاغ الاقتحام وأصبح هناك الأربعاء الأسود والاثنين الأسود، واليوم (أمس) كان الثلاثاء الأسود برفع الجلسة».
إلى ذلك، استغرب النائب نبيل الفضل (أقلية) «كيف تعتبر الأعلام السوداء اعتداءً على كرامة القاعة بينما اقتحام المجلس في نصف الليل يعدّ عملاً سياسياً».
وقد تبنّى الفضل موضوع الرايات السوداء معلناً أنها كانت فكرته، نظراً لأن بعض نواب المعارضة اعتبروا الأمر طائفياً، حيث قال النائب المعارض مسلّم البراك إن دشتي هو «متعهد الأعلام السوداء وكان هو من يضع الأعلام».
في السياق، قال النائب صالح عاشور: «لا أسمح لكائن من كان أن يحجب رأيي»، مضيفاً: «نحن لسنا في مدرسة وإزاء ناظر وطالب»، ومؤكداً أنه «ليس من حق رئيس مجلس الأمة ولا غيره إزالة العلم الأسود من أمامي بالقوة، فهذه حرية رأي، وغداً (اليوم) العلم سيكون أمامي».
وفيما اتهم النائب المعارض مبارك الوعلان نواب الأقلية بأن ما فعلوه هو فقط لتعطيل الجلسة، قال النائب الإسلامي المعارض محمد هايف إن «الرايات السوداء اتخذت لحاجة في النفس وامتداداً لجو الكآبة الذي يعيشون فيه، بسبب سقوط الرئيس السابق».
وكان على جدول أعمال جلسة يوم أمس استجواب رئيس مجلس الوزراء جابر المبارك، المقدم من النائب صالح عاشور. وأفادت صحيفة «الجريدة» بأن اجتماعاً عقد بين تسعة نواب أول من أمس، لمناقشة تصحيح بلاغ مقتحمي المجلس واستجواب عاشور. وقالت «الجريدة» إن المبارك سيستخدم حقه الدستوري في تأجيل مناقشة الاستجواب لمدة أسبوعين.