مجلس الأمن يحتفل بـ«الربيع العربي» اليوم... واللقاءات لم تحسم الخلاف مع موسكو

في ختام زيارة لدمشق جمعته مرتين بالرئيس السوري بشار الأسد، قال موفد الأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان إنه تقدم «بسلسلة مقترحات ملموسة»، في حين أكد الأسد أن «النجاح في أي جهود يتطلب أولاً دراسة ما يحدث على الأرض»
أعلن موفد الأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان، في ختام زيارته لسوريا، أنه قدم إلى الرئيس السوري بشار الأسد، أثناء لقائه الثاني معه في دمشق، «سلسلة مقترحات ملموسة» سيكون لها «انعكاس حقيقي» على الوضع الميداني في سوريا. وقال للصحافيين إن المقترحات «ستساعد في إطلاق عملية ترمي إلى وضع حد لهذه الازمة». وأكد أن المحادثات تركزت على ضرورة «وقف فوري لأعمال العنف والقتل، والسماح بوصول المساعدات الانسانية، والحوار».
وأضاف أنان «الرد الواقعي هو (القبول) بالتغيير وتبنّي إصلاحات تضع الاسس المتينة لسوريا ديموقراطية ولمجتمع سلمي ومستقر ومتعدد ومزدهر، على قاعدة الحق واحترام حقوق الانسان». وأعرب عن «تفاؤله» على الرغم من أن مهمته «ستكون صعبة». وقال إن «علينا أن نتحلى بالامل، إنني متفائل». وأوضح «إنني متفائل لعدة أسباب. لقد قابلت العديد من السوريين خلال المدة القصيرة التي قضيتها هنا، وأغلب السوريين الذين قابلتهم يرغبون في السلام وفي إيقاف العنف»، مشيراً إلى أن «الوضع سيّئ للغاية وخطير جداً ولا يمكن أحداً أن يفشل».وكانت الأمم المتحدة أعلنت السبت أن كوفي أنان قدم «مقترحات عدة» إلى الرئيس بشار الأسد لإنهاء الازمة في سوريا. وأوضحت المنظمة الدولية، في بيان صدر في نيويورك، أن الامين العام السابق للامم المتحدة قدم خلال لقائه الاسد السبت «مقترحات عدة» لوقف أعمال العنف في سوريا. وشملت هذه المقترحات السماح بوصول المنظمات الانسانية واللجنة الدولية للصليب الاحمر وإطلاق سراح المعتقلين وبدء حوار سياسي مفتوح لا يستثنى منه أي طرف. لكن المنظمة لم تقدم أي تفاصيل عن هذه الاقتراحات.
وأعرب أنان في زيارته الاولى لدمشق منذ اختياره مبعوثاً مشتركاً للامم المتحدة والجامعة العربية عن «قلقه الشديد حيال الوضع في سوريا، وحثّ الرئيس السوري على سرعة اتخاذ خطوات ملموسة لوقف الازمة الراهنة»، كما أورد بيان الأمم المتحدة. وقد وصف أنان مباحثاته الأولى بأنها اتسمت بـ«الصراحة وروح التفاهم». كذلك التقى أنان أمس رجال دين مسلمين ومسيحيين يمثّلون مختلف الطوائف في سوريا.
وكان الرئيس السوري أكد أثناء لقائه الأول مع أنان السبت أن سوريا «مستعدة لإنجاح أي جهود صادقة لإيجاد حل لما تشهده من أحداث». ونقلت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) أن الأسد أكد لأنان أن «أي حوار سياسي أو عملية سياسية لا يمكن أن تنجح ما دامت هناك مجموعات إرهابية مسلحة تعمل على إشاعة الفوضى وزعزعة استقرار البلاد من خلال استهداف المواطنين من مدنيين وعسكريين وتخريب الممتلكات الخاصة والعامة». وأشار إلى أن «النجاح في أي جهود يتطلب أولاً دراسة ما يحدث على الارض عوضاً عن الاعتماد على الفضاء الافتراضي الذي تروّج له بعض الدول الاقليمية والدولية لتشويه الوقائع وإعطاء صورة مغايرة لما تمر به سوريا».
وكان التلفزيون السوري الرسمي ذكر في وقت سابق أن اللقاء الذي جمع الأسد بأنان سادته «أجواء إيجابية».
من جهتهم، أكد أطراف من المعارضة في الداخل السوري، خلال لقائهم أنان في دمشق السبت، ضرورة التزام السلطة بتعهداتها بوقف استخدام العنف، للتأكد من «حسن نيّاتها» قبل البدء بالعملية السياسية. وقال رئيس المكتب الإعلامي في هيئة التنسيق لقوى التغيير الديموقراطي في سوريا، عبد العزيز الخير، «لا يمكن الحديث عن أي عملية سياسية قبل وقف إطلاق النار وتأمين الإغاثات الانسانية وإطلاق المعتقلين السياسيين وسحب القوات العسكرية من مختلف المدن والبلدات في البلاد». وأشار الخير إلى أنه أبلغ أنان أن «كل حديث لبدء عملية سياسية في البلاد قبل القيام بذلك هو وهم، لأن النظام لا يتعاطى ابداً مع الشأن السياسي ولا يرى سوى المعالجة العسكرية والقمع للتحركات الشعبية».
وذكر رئيس تيار بناء الدولة السورية المعارض لؤي حسين أن «السلطة السياسية هي العائق الاساسي أمام أي عملية سياسية. فهي استمرت باستخدام العنف ورفضت جميع المبادرات، كما أنها لم تف بوعودها».
وفي نيويورك، يجتمع وزراء خارجية الولايات المتحدة واوروبا وروسيا اليوم في مقر الأمم المتحدة للاحتفال رسمياً بـ«الربيع العربي»، لكن موضوع سوريا سيتصدر النقاشات التي يتوقع أن تكون محتدمة. وبين وزراء الخارجية الذين سيحضرون الاجتماع في مجلس الامن الدولي الأميركية هيلاري كلينتون والروسي سيرغي لافروف، إضافة إلى البريطاني وليام هيغ والفرنسي ألان جوبيه والالماني غيدو فسترفيلي.
وصرّح دبلوماسي رفيع المستوى من بلد عضو في مجلس الامن الدولي بأن «الأسد مصمم على عدم التراجع، والهوة تتسع بين روسيا والغربيين». وأضاف أن «لقاء كوفي أنان في دمشق (مع بشار الأسد) لم يصل إلى شيء. ولا نرى كيف أن هذا الاجتماع (الاثنين) سيؤدي إلى أمر آخر غير خلافات جديدة».وستعقد هيلاري كلينتون وسيرغي لافروف لقاءً ثنائياً الاثنين على هامش اجتماع مجلس الامن.
وتجري الصين من ناحيتها اتصالات دبلوماسية على اساس خطة تدعو خصوصاً إلى مفاوضات بين النظام السوري والمعارضة. وكلفت بكين أحد دبلوماسييها، تشانغ مينغ، بالقيام بجولة تشمل عواصم عربية وغربية. وسيزور الاربعاء باريس بعد مصر والسعودية. وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو «سنستمع إليه ثم سنذكر ما إذا كان لا يزال ضرورياً تحليلنا للوضع والاهمية والاهتمام اللذين نتمسك بهما من أجل أن تغير الصين موقفها في مجلس الامن».
وفي الرياض، بحث الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني، أمس، الملف السوري مع الموفد الصيني مينغ، بحسب بيان للأمانة العامة. وأكد البيان أن «الاجتماع شهد تبادل الآراء حول الملف السوري».
ومن المقرر أن يقوم الملك الأردني عبد الله الثاني اليوم بزيارة قصيرة للرياض يبحث خلالها مع نظيره السعودي عبد الله بن عبد العزيز تطورات الأوضاع في المنطقة، خاصة الوضع في سوريا.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، سانا)