نجحت إسرائيل في توسيع هامش مناورتها العملانية إزاء قطاع غزة، بعد تقديرات سادت المؤسسة الإسرائيلية من إمكان أن يؤدي التغيير الذي حصل في القاهرة الى تقييد حركة جيش الاحتلال الإسرائيلي في مقابل فصائل المقاومة في قطاع غزة. وتمكنت حكومة الاحتلال، بالاتكاء على رؤية وتقدير لواقع الساحة المصرية، من تبديد مخاوف وآمال انتشرت في الساحتين الإسرائيلية والعربية حول مظلة الحماية التي فرضها إسقاط نظام مبارك، على قطاع غزة، على خلفية تقدير مفاده بأن تل أبيب لن تتجرأ بعد اليوم على المبادرة الى اعتداءات عسكرية مباشرة، خوفاً من تداعيات ذلك على اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية على الأقل. وقد أعلن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، لدى افتتاحه جلسة الحكومة، أمس، أن جولة التصعيد الحالية في قطاع غزة، «ما زالت في أوجها»، مشيراً الى أن «الجيش يضرب بقوة شديدة، وقد جبينا ثمناً ولا نزال نجبي الثمن وسنعمل كلما تطلب الأمر ذلك». وفيما اعتبر نتنياهو أن «منظومة القبة الحديدية أثبتت نفسها وسنهتم بتوسيعها»، رأى أن القوة الكبرى التي تملكها إسرائيل تتمثل بـ«قدرة المواطنين على الصمود».
في المقابل، دعا وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان الى إسقاط حكم حماس، مؤكداً أن «عملية برية في غزة غير مرغوبة إذا لم نحدد في الحال أن أحد أهدافها سيكون إطاحة نظام حماس في غزة والقضاء على الإرهاب».
في موازاة ذلك، رأى وزير الشؤون الاستراتيجية موشيه يعلون أن جولة التصعيد الحالية أثبتت فشل نظرية أن الوضع الجديد في مصر المنبثق عن الثورة يكبّل يد إسرائيل في قطاع غزة. وأكد يعلون أن الجانب المصري يجري جولات من الحوار لإنهاء الأزمة، لافتاً الى أن إسرائيل لا تجري مفاوضات مع «حماس المسؤولة عما يجري في القطاع». وكشف يعلون أيضاً عن أن إسرائيل أرادت توجيه رسالة واضحة للغاية، مفادها: «إذا واصلتم إطلاق النار فسنطلق النار عليكم، وإذا أوقفتم النار فسنوقف إطلاق النار».
وحول المخاوف من إطلاق فصائل المقاومة في القطاع صواريخ يصل مداها الى 75 كيلومتراً، وتصل الى منطقة غوش دان، هدد يعلون بالقول إننا «نعرف كيف نرد، لكن حالياً هم يطلقون صواريخ يصل مداها الى 40 كيلومتراً».
وأكد وزير المال يوفال شطاينتس أن «إسرائيل ستضطر عاجلاً أو آجلاً الى القضاء على حكم حماس في قطاع غزة، مضيفاً إن الأوضاع في القطاع أصبحت لا تطاق ولا تستطيع إسرائيل القبول لفترة طويلة بحكم حماس والجهاد الإسلامي». من جانبه، أعرب وزير المواصلات يسرائيل كاتس، عن اعتقاده بضرورة الانفصال بشكل مطلق عن قطاع غزة بما يشمل إغلاق المعابر ونقل المسؤولية المدنية عنه الى السلطات المصرية.
أما رئيس أركان الجيش بني غانتس، فقد أكد أن إسرائيل «ستستمر في الرد على أي عملية إطلاق نار من قطاع غزة الى حدود دولة إسرائيل السيادية»، محمّلاً حركة حماس المسؤولية عن الضربات الصاروخية. وفي رسالة ردعية واضحة الدلالة، أعلن الناطق باسم الجيش يؤاف مردخاي أن «الجيش اتخذ الاستعدادات للقيام بعملية برية في حال اتخاذ مثل هذا القرار».
وكشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن التصعيد الذي يشهده قطاع غزة، «جرى التخطيط له» بشكل مسبق، وأن الجيش الإسرائيلي «أعد كميناً». ولفتت الصحيفة الى أن قيادة المنطقة الجنوبية للجيش «استعدت بصورة دقيقة قبل ذلك بعدة أيام لهذا التصعيد»، كما «نشر سلاح الجو مسبقاً ثلاث بطاريات «قبة حديدية، وغطى سماء القطاع بمنظومة سميكة من الطائرات المتنوعة». وأضافت يديعوت أنه في حال استمرار إطلاق الصواريخ من القطاع «فإنه سيتم إعطاء ضوء أخضر للجيش بتوسيع العمليات».