القاهرة | «كيف تنظر في عيني امرأة أنت تعرف أنك لا تستطيع حمايتها؟»، بكلمات أمل دنقل في قصيدته «لا تصالح»، استقبل، أمس، عشرات المتضامنين مع الناشطة المصرية سميرة إبراهيم، صاحبة الدعوى التي تتهم جنوداً من القوات المسلّحة، بتوقيع كشف العذرية عليها أثناء احتجازها في السجن الحربي في آذار الماضي، على خلفية اتهامها ضمن 34 آخرين بالقيام بأعمال شغب وتعدّ على منشآت حيوية واستخدام «مولوتوف» وتعدّ بالسبّ والضرب على قوات الأمن، عقب فض اعتصام داخل ميدان التحرير، كان يطالب فيه باستقالة حكومة رئيس الوزراء الأسبق أحمد شفيق، وهي القضية التي حُكم فيها على سميرة بالسجن عاماً مع وقف التنفيذ. المحكمة العسكرية أصدرت حكماً بالإفراج عن الجندي الطبيب أحمد عادل، المتهم الوحيد بتوقيع كشف العذرية على سميرة، أثناء احتجازها بالسجن الحربي، وبراءته من التهم المنسوبة إليه، وهو ما أثار حالة من الغضب في الأوساط الحقوقية، والسياسية، وخصوصاً أن القضاء العسكري تابع في الأساس لوزارة الدفاع، وبهذا تكون المحكمة خصماً وحكماً في الوقت نفسه، وبالتالي ينفي عنها صفة الحيادية.
وهتف العشرات من النشطاء السياسيين، الذين حضروا الجلسة أمس للتضامن مع سميرة، ضدّ حكم العسكر، فور صدور الحكم، ورسموا «غرافيتي» على جدران المحكمة تندد بقرارها، وتطالب بإسقاط حكم العسكر. بينما اكتفت سميرة بالصراخ «والله العظيم ده كله ظلم، وما فيش أكتر من الظلم في بلدنا دلوقتي، وأنا قلت قبل كده إن القضية بهذه الطريقة أصبحت مسرحية»، قبل أن تدخل في حالة بكاء هستيري.
واستندت المحكمة في حكمها إلى ما سمته تناقض أقوال الشهود، إذ استمعت خلال جلساتها الماضية إلى الشهود، ومنهم الشاهدة رشا عبد الرحمن، إحدى الفتيات السبع اللواتي تعرضن لهذا الكشف، والتي طلبتها سميرة للشهادة معها، وتناقضت أقوالها مع الشهود الثلاثة الآخرين الذين أدلوا بشهاداتهم في وقت سابق. وجاء الاختلاف في اسم السجّانة التي شهدت الواقعة. وهو ما عدّه أحمد حسام الدين، ممثل الدفاع عن سميرة إبراهيم، أمراً يثير العجب، قائلاً «ليس مطلوباً من المجني عليه في قضايا التعذيب والانتهاك أن يحدد اسم الجاني، لكن فقط أن يتعرف إليه، وهو ما حدث في الجلسة، حيث تعرفت رشا إلى الطبيب كما فعلت سميرة من قبل، وأكدت أنه هو من أجرى الكشف عليها». وأضاف إنهم كدفاع عانوا كثيراً «رفض طلبات الدفاع في القضية»، وكافة العاملين في السجن الحربي أنكروا حدوث الواقعة.
«لكن القضية لم تنته بعد»، حسبما أكد المحامي في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية عادل رمضان، وقال إن منظمته «تعكف في الوقت الراهن على تقديم شكوى تتضمن مذكرة اتهام ضدّ الحكومة المصرية إلى اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب»، كإجراء تصعيدي أولي ضمن إجراءات أخرى تعتزم المنظمة اتباعها أمام المحاكم الدولية، للحصول على حكم يُنصف المجني عليهم. ورأى نشطاء أن الحكم تصديق على الانتهاكات التي يمارسها العسكر منذ توليهم الحكم، غير معترفين به لأنه من جهة غير محايدة.
في غضون ذلك، احتفل مؤيدو الرئيس المخلوع حسني مبارك بالحكم، وعلقت إحدى الصفحات المؤيدة له على «فايسبوك»، «الله أكبر. ظهر الحق، براءة الطبيب المجند المتهم في قضية كشف العذرية، عقبال البراءة يا ريس».
وكانت محكمة القضاء الإداري في مجلس الدولة قد قررت، في كانون الأول الماضي، وقف إجراء كشف العذرية على الفتيات اللواتي يحتجَزن في السجون الحربية، وهو ما رد عليه في حينها رئيس هيئة القضاء العسكري اللواء عادل المرسي بعدم وجود أي قرار يقضي بالكشف عن العذرية.