القاهرة | «الإخوان المسلمون» و«المجلس الأعلى للقوات المسلحة» على شفا حفرة من صدام؟ هذا ما ستختبره الأيام القليلة المقبلة. لكن الثابت الآن هو محاولة جماعة الاخوان المسلمين التلويح على الأقل بقدرتها على اسقاط الحكومة من جانبها في حال لم يستجب المجلس العسكري لطلب اقالتها.
أو هكذا يبدو الأمر على الاقل بعدما جدد حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة الاخوان المسلمين، الجدل حول سعيه إلى تشكيل حكومة ائتلافية برئاسته بعد بيان اصدره مكتبه التنفيذي اول من امس طالب فيه بـ«ضرورة الإسراع بتغيير الحكومة الحالية وتشكيل حكومة جديدة لمصر مدعومة بأغلبية برلمانية منتخبة بإرادة شعبية تؤسس لعلاقات مصر الخارجية التي تحقق التوازن والمصلحة لكل الاطراف وتزيل ما علق بالشعب المصري من عدوان على كرامته وكبريائه جراء سوء إدارة ملف العلاقات الخارجية، وخصوصاً ما وقع أخيراً في قضية التمويل للمنظمات الأجنبية».
وأكد وكيل اللجنة التشريعية في مجلس الشعب، القيادي البارز في حزب الحرية والعدالة، صبحي صالح، لـ«الأخبار» أن حزبه «ناشد المجلس العسكري اقالة الحكومة تجنباً للصدام معه»، لافتاً إلى أن «الحزب من جانبه قادر على إسقاط الحكومة عبر سحب الثقة منها (لكون حزب الحرية والعدالة يحتل 216 مقعداً في مجلس الشعب بنسبة 43.3 بالمئة من أصل 45.2 في المئة ذهبت للتحالف الديموقراطي الذي شكله الحزب مع أحزاب أصغر)».
وتأتي تصريحات صالح ربما في سياق الرد على ما دفعت به الحكومة، على لسان وزيرة التخطيط والتعاون الدولي فائزة ابو النجا قبل يومين، من أن مجلس الشعب لا يملك سحب الثقة من الحكومة وفقاً للإعلان الدستوري، الذي يمنح الحق لرئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة دون غيره، سحب الثقة أو تعيين حكومة جديدة. وهو ما رد عليه صالح في حديثه لـ«الأخبار» قائلاً إن «هذا الحق، في المادة 56 يتعلق باعفاء اعضاء الحكومة من مناصبهم، بينما لائحة مجلس الشعب تنص على حق سحب الثقة في الحكومة كإجراء عقابي».
كذلك، لفت صالح إلى أن حزبه مستعد للقبول بحكومة جديدة لا يرأسها عضو فيه، لو عرضت عليه الاسماء المرشحة لشغل رئاستها من قبل المجلس العسكري «ما دامت مقبولة شعبياً»، رافضاً الكشف عن اسماء مرشحة من جانب الحزب لتولي رئاسة الحكومة تعليقاً على تردد اسم خيرت الشاطر، نائب المرشد العام للاخوان المسلمين، في وسائل الاعلام مرشحاً من قبل الجماعة لرئاسة الحكومة. وهي التوقعات التي عززها اول من امس حكم القضاء العسكري ببراءة اثنين من قيادات الجماعة اللذين أدينا قبل الثورة في القضية التي عرفت اعلامياً بـ«ميليشيات جامعة الازهر»، ما بدا انه يمهد الطريق لأحكام مماثلة بحق كلٍ من خيرت الشاطر وحسن مالك اللذين حصلا على عفو صحي بعد الثورة في نفس القضية ولا يزالان رهن الحكم.
إلّا أن حسن مالك قال لـ«الأخبار» إنه «لا ينوي بأي حال الانضمام للحكومة الائتلافية». وأضاف «كما ان الجماعة لا تنوي ترشيحي لكوني رجل أعمال فقط (رئيس جمعية رجال الاعمال الاتراك في مصر) لا رجل سياسة». لكن خيرت الشاطر، وهو رجل أعمال بارز هو الآخر، يختلف ربما عن مالك. اذ كان هو من أعلن استعداد الجماعة لتشكيل الحكومة قبل نحو شهر في مقابلة مع قناة الجزيرة القطرية .
وعلى الرغم من أن حزب الحرية والعدالة يحاول بقدر الامكان تجنب اللجوء لخيار اسقاط الحكومة تلافياً لصدام مع المجلس، إلا أنه على الأقل، ووفقاً لتصريحات قياديه، لا ينقطع عن التفاوض والحوار مع بقية الاطراف السياسية. الّا أن حزب الوفد مثلاً، الذي حاز أكبر عدد من مقاعد مجلس الشعب بين الاحزاب والكتل غير الاسلامية (41 مقعداً تمثل 8.2 بالمئة) ينفي مثل تلك الاتصالات، حسبما يقول حسام الخولي السكرتير العام المساعد للحزب في تصريحاته لـ«الأخبار». وأرجع الخولي الأمر كله إلى ما يشبه الزوبعة المصطنعة من قبل جماعة الإخوان المسلمين وحزبها، مرجحاً ألا تكون قد استقرت فعلاً على ضرورة اسقاط تلك الحكومة.
ويضيف «وعلى كل حال فحزب الوفد أبلغ هيئته البرلمانية ألّا ينضمّوا لمحاولات سحب الثقة من الحكومة في البرلمان، بعدما قررنا ألّا نؤيد مطالب اقالة الحكومة بالرغم من عدم رضانا عن أدائها».
أما حزب النور السلفي، الذي حاز ثاني أكبر نصيب من مقاعد مجلس الشعب، فهو ينتظر ما ستسفر عنه الجهود. ففي حال تشكيل حكومة ائتلافية غالباً ما سيسعى إلى نصيب فيها، وإذا لم يحدث فلن يتخذ موقفاً» حسبما يقول صبحي صالح في نبرة المنتقد.