سجّلت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون موقفاً أميركياً جديداً، عندما شددت على أن واشنطن تواصل «العمل مع المعارضة السورية ومساعدتها للتمكن من تقديم ذلك النوع من الجبهة الموحّدة والتصميم الذي أعرف أنهم يشعرون بأنه ضروري في هذا الكفاح ضد نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد». على صعيد آخر، قال مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية الخاص لسوريا، كوفي أنان، أمس، إنه سيحث الحكومة والمعارضة على وقف العنف والسعي إلى تسوية سياسية للصراع الدائر منذ نحو عام، ما أثار انتقادات غاضبة من جانب المعارضين، في وقت أدى فيه تصاعد الضغوط على سوريا إلى تراجع سعر العملة المحلية إلى مستوى مئة ليرة للدولار من نحو 47 ليرة قبل نحو عام. وقال تجار في دمشق إن الليرة هبطت بنحو 13 بالمئة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية وسط مخاوف من تدخل عسكري أميركي.
وقال أنان، في القاهرة في تصريح مقتضب للصحافيين بعد اجتماع مع وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو قبل أن يتوجه إلى سوريا يوم غد السبت، «سأبذل كل ما في وسعي للحث على وقف القتال وإنهاء العنف». ومضى يقول «لكن بالطبع فإن الحل في النهاية يكمن في التسوية السياسية. سنحث الحكومة وقطاعاً كبيراً من المعارضة السورية على العمل معنا من اجل التوصل إلى حل».
واعتبر انان، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي، ان «مزيداً من التسلح في سوريا يزيد الوضع سوءاً». وأضاف «ينبغي لنا ان نحذّر من ان نستخدم دواء اسوأ من الداء» ذاته. وقال «آمل ألا يكون احد يفكر بجدية كبيرة في استخدام القوة في هذا الوضع». كذلك حذر من أن «حسابات خاطئة» بشأن الوضع في سوريا قد يكون لها آثار على المنطقة بأسرها. وقال «لا ينبغي ان ننسي الآثار المحتملة لسوريا على المنطقة في حالة اي حسابات خاطئة».
وانتقد نشطاء سوريون بشدة تصريحات أنان، قائلين إن الدعوات إلى الحوار من شأنها فقط اتاحة المزيد من الوقت للأسد لقمعهم. وقال ضابط من «الجيش السوري الحر» المعارض إن المبادرات الدبلوماسية كانت غير مثمرة في الماضي. وأضاف «وعندما تفشل لا يتخذ أي اجراء ضد النظام، لذلك يتعين على المعارضة تسليح نفسها في مواجهة القاتل».
بدورها، قالت الصين إن مبعوثها وجه رسالة إلى السوريين تشبه رسالة أنان. وحث المبعوث الصيني حكومة الاسد والأطراف الأخرى على وقف العنف على الفور، ودعاهم الى السماح لمنظمات الإغاثة بدخول المناطق المتضررة من الصراع، وهو ما انصبّ عليه كذلك اهتمام بعثة مسؤولة الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة لسوريا، فاليري آموس.
وقالت الأمم المتحدة أمس إنها تعد امدادات غذائية تكفي 1.5 مليون نسمة في سوريا في إطار خطة طوارئ عاجلة مدتها 90 يوماً لمساعدة المدنيين المحرومين من المؤن الأساسية بعد نحو عام من الصراع. وقال جون جينج، من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية امام المنتدى الانساني بشأن سوريا في جنيف، «يجب فعل المزيد». وقال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إنه قام بتوزيع إمدادات غذائية في سوريا من خلال منظمات إغاثة محلية لكنها لم تصل إلى السكان في المناطق الأكثر تضرراً من العنف.
واتهم السفير السوري في جنيف فيصل الحموي، مدعوماً بروسيا، جماعات مسلحة بتدمير منشآت مدنية. وقال نائب السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، ميخائيل ليبيدوف، إن «جماعات المعارضة تهاجم وتقتل وتعذب وتروع السكان المدنيين. وتدفق كل أنواع الارهابيين من بعض الدول المجاورة يتزايد باستمرار. أغلب المقاتلين على صلة مباشرة أو قريبة بتنظيم القاعدة».
وقال الحموي إن المنتدى الذي انعقد في جنيف يتناقض مع ميثاق الأمم المتحدة. وأضاف أن سوريا لا تمر بأزمة انسانية، متهماً بعض وسائل الإعلام بمحاولة تهيئة الأجواء لتدخل عسكري. وقال إن سوريا تصدر منتجات صناعية وزراعية مثل معظم دول المنطقة.
في هذا الوقت، تناولت فاليري اموس الغداء مع نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في دمشق القديمة أمس. وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر ان آموس وقافلة من الهلال الأحمر العربي السوري سمح لهما أول من امس بالدخول الى حي بابا عمرو في مدينة حمص. وقد بدأت آموس أول من أمس مهمة تستمر ثلاثة أيام في محاولة لإقناع السلطات بالسماح لعمال الاغاثة بتقديم المساعدات بدون أي عقبات للمدنيين المحتاجين. وقالت اموس إنها شعرت «بهول» ما رأته في حي بابا عمرو وإنها ترغب في معرفة ما الذي حدث للسكان هناك. وقالت، بعد اختتام اجتماعها مع وزراء في دمشق، «شعرت بهول ما رأيت في بابا عمرو أمس». وأضافت أن «الدمار هناك هائل، ذلك الجزء من حمص دُمر تماما وأنا أرغب بشدة في معرفة ما الذي حدث للناس الذين يعيشون في ذلك الجزء من المدينة».
من جهة ثانية، قال الرئيس التونسي منصف المرزوقي، في مؤتمر صحافي مع نظيره التركي عبد الله غول، إن بلاده، التي عرضت اللجوء السياسي على الأسد، لإنهاء إراقة الدماء مستعدة للمشاركة في قوة حفظ سلام عربية محتمل تشكيلها في سوريا. وقال غول «من غير الممكن أن يستمر أي نظام من خلال استخدام العنف... والديكتاتورية... قرار استخدام القوات المسلحة ضد الشعب جعل القضية تحظى باهتمام دولي».
إلى ذلك، اصبح معاون وزير النفط السوري، عبده حسام الدين (58 عاماً)، أكبر مسؤول سوري مدني ينشق منذ بداية الأزمة. وقال حسام الدين، في فيديو وضع على موقع التواصل الاجتماعي يوتيوب، «أعلن انشقاقي عن النظام واستقالتي من منصبي كمعاون وزير النفط والثروة المعدنية». ورحب رئيس المجلس الوطني السوري، برهان غليون، بخطوة حسام الدين، التي رحبت بها ايضاً الولايات المتحدة، ورأت فيها «نبأً ساراً جداً».
ميدانياً، سقط ثمانية قتلى في اعمال عنف في سوريا، بحسب ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان ومقره بريطانيا. وذكرت وكالة الانباء السورية الرسمية «سانا» أن «مجموعات ارهبية مسلحة» قامت بعمليات «سطو وتخريب» في ادلب. وقال المرصد في بيان ان طفلة قتلت في بلدة خان شيخون في محافظة ادلب. كذلك قتل رجل من قرية ابلين في جبل الزاوية في ادلب. ويفيد المرصد وناشطون عن استقدام القوات النظامية تعزيزات عسكرية وآليات الى ادلب. وكان المرصد قد افاد في وقت سابق عن مقتل مواطنين في «اطلاق الرصاص عليهما بعد منتصف ليل الاربعاء الخميس في مدينة الميادين في محافظة دير الزور (شرق) امام مفرزة الامن السياسي». ونفذت قوات الامن السورية حملة مداهمات واعتقالات في حي الحويقة في مدينة دير الزور ترافقت مع اطلاق رصاص كثيف. وأفادت لجان التنسيق المحلية السورية بأن قوات الامن نفذت امس حملة اعتقالات في الهامة في ريف دمشق واعتقلت اكثر من 50 شاباً.
(سانا، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)