جددت الدبلوماسية الروسية امس مواقفها المعلنة من الأزمة السورية. الموقف الأول بيان رسمي صدر عن وزارة الخارجية الروسية أكدت فيه أن الوضع في سوريا «لا يمكن حله الا من خلال حوار بين كل الاطراف، يتخذ السوريون - وحدهم السوريون - في اطاره القرارات المتعلقة بمستقبل دولتهم». كذلك أعربت روسيا عن قلقها من عدم وجود إرادة سياسية لدى الغرب بشأن المسألة السورية، مؤكدة صحة موقفها في مجلس الأمن الدولي بشأن هذه المسألة.
والثاني على لسان نائب وزير الخارجية، سيرغي ريابكوف، الذي قال في مؤتمر صحافي، «نعتقد أن في الإمكان حل أية مشاكل، إذا أظهر هؤلاء الذين لهم تأثيرهم في البلاد (سوريا)، وخصوصاً، الذين لهم تأثير على المعارضة، إرادة سياسية». وأضاف أن من المهم عدم القول ان الوقت بات متأخراً جداً، بل العمل من أجل ألا يكون قد تأخر جداً. وقال «يقلقنا عدم وجود إرادة سياسية»، لذلك فإن وزير الخارجية سيرغي لافروف سوف يناقش هذا الموضوع مع وزراء خارجية الدول الأعضاء في الجامعة العربية في 10 آذار في العاصمة المصرية القاهرة. وأضاف «نحن متأكدون جداً من صحة موقفنا، ونحن ندرس بمسؤولية كاملة إمكانية استخدام حق النقض في التصويت على أي موضوع كان. ونحن ندرك النتائج الجدية لذلك». وفي دمشق، اكد الرئيس السوري بشار الأسد أن الشعب السوري «مصمم على متابعة الاصلاحات بالتوازي مع مواجهة الارهاب»، بحسب ما نقلت عنه وكالة الانباء السورية الرسمية «سانا». وقال الاسد، خلال استقباله رئيسة لجنة الصداقة الاوكرانية السورية في البرلمان الاوكراني ووفداً مرافقاً، ان «الشعب السوري الذي أفشل المخططات الخارجية في السابق بإرادته ووعيه أثبت قدرته مجدداً على حماية وطنه وبناء سوريا المتجددة من خلال تصميمه على متابعة الاصلاحات بالتوازي مع مواجهة الارهاب المدعوم من الخارج». وشدد على ان «قوة اي دولة هي في الدعم الشعبي الذي تتمتع به». وجدد تأكيد أن «ما تتعرض له سوريا هو تكرار لمحاولات سابقة تستهدف اضعاف دورها وضرب استقرارها». في هذا الوقت، قال البيت الأبيض امس إن الرئيس الأميركي باراك أوباما لا يزال ملتزماً ببذل الجهود الدبلوماسية لإنهاء العنف في سوريا، رغم دعوة عضو جمهوري في مجلس الشيوخ إلى اتخاذ اجراء عسكري ضد حكومة الأسد. وأضاف تومي فيتور، المتحدث باسم البيت الأبيض، «دعا الرئيس مراراً إلى وقف فوري لأعمال العنف في سوريا. حالياً تركز الادارة على التوجهات الدبلوماسية والسياسية وليس التدخل العسكري». واستطرد «أفضل فرصة لتحقيق ذلك وبدء انتقال سياسي هو مواصلة عزل النظام وقطع مصادر الدخل الرئيسية ودفع المعارضة إلى التوحد في اطار خطة انتقال واضحة تضم السوريين من كل العقائد والأعراق».
وفي السياق، قال قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال جيمس ماتيس إن لدى الحكومة السورية قدرات كبيرة في مجال الاسلحة الكيميائية والبيولوجية.
وأضاف، في جلسة استماع عقدتها لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي، إنه فضلا عن ذلك، فإن الحكومة السورية تمتلك الآلاف من القذائف الصاروخية التي تطلق من على الكتف، مشيراً إلى أن الجيش الأميركي لا يزال حتى هذه اللحظة يرفض وصف توسع هذا النظام في امتلاك الأسلحة.
من جهة ثانية، قال خبراء ودبلوماسيون ان مهمة مبعوث الامم المتحدة والجامعة العربية، كوفي انان، تشكل فرصة للتفاوض على وقف لاطلاق النار على الاقل في سوريا بينما تبدو الاسرة الدولية غير قادرة على وقف العنف المستمر منذ نحو سنة. ويلتقي موفد الامم المتحدة والجامعة العربية اليوم في القاهرة الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي، قبل ان يتوجه السبت الى دمشق للقيام بـ«مهمة بالغة الصعوبة (تشكل) تحدياً صعباً»، كما قال.
وذكرت مجموعة الازمات الدولية (انترناشونال كرايزس غروب) ان «فرصه بالنجاح ضئيلة لكنه يمثل اليوم افضل امل» في التوصل الى حل تفاوضي، وهو امل «يجب عدم التفريط به». ورأت لويز اربور، رئيسة هذه المجموعة من الخبراء، ان «كل يوم من اعمال العنف وكل ضحية جديدة يؤخران امكانية التوصل الى تسوية سياسية». وأوجز سفير غربي المسألة بقوله «حتى لو ان فرص النجاح تبلغ خمسة في المئة، فمن الضروري ان نقوم بالمحاولة». وقال السفير الايراني في الامم المتحدة، محمد خزاعي، الذي التقى انان في نيويورك، انه دهش «لتصميمه الكبير على معالجة الملف السوري معالجة مستقلة ومن دون مواقف مسبقة».
وفي نيويورك، عقد أعضاء مجلس الأمن الدولي جلسة تشاور، دون التوصل إلى اتفاق، بشأن الأزمة السورية وسط مطالبة غربية بإصدار قرار يدين الحكومة ويطالب بفرض عقوبات دولية بحق الدولة. وعقب الجلسة قال مندوب الهند هارديب سنغ بوري للمراسلين بعيداً عن الكاميرات، «علينا أولاً انتظار تقريري أنان وآموس قبل اعتماد أي قرار جديد».
مندوبة الولايات المتحدة سوزان رايس اكتفت بالقول مسرعة، «لا أعتقد أنه ينبغي لكم أن تتوقعوا شيئاً محدداً». وفيما امتنع مندوب روسيا فيتالي تشوركين عن البوح بأي تعليق، قال مندوب المغرب محمد لولشكي إن جو المحادثات كان مبشّراً. لكنه نفى أن يكون المجلس قد اتفق على موعد آخر للاجتماع لمناقشة الوضع في سوريا.
وفي انقرة، دعا رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان النظام السوري الى فتح «فوري» لممرات انسانية للمدنيين من ضحايا العنف في هذا البلد المجاور. وقال، في البرلمان امام نواب حزب العدالة والتنمية، ان «الممرات لنقل المساعدة الانسانية يجب ان تفتح فوراً»، داعياً الاسرة الدولية الى ممارسة ضغوط على دمشق في هذا الشأن. ولم يوضح ما اذا كانت هذه الممرات يفترض ان تبدأ بتركيا التي تتقاسم مع سوريا حدوداً طويلة.
ودعا رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون، موسكو الى «العمل» مع باريس من اجل «تسوية المأساة السورية»، وذلك في اتصال هاتفي الثلاثاء مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين لتهنئته بانتخابه رئيساً. وطالبت فرنسا امس بالسماح لفاليري آموس مسؤولة العمليات الانسانية في الامم المتحدة بالتجول في كافة الاراضي السورية بحرية، وذلك عشية وصولها الى سوريا.
(سانا، رويترز، أ ف ب، يو بي آي)