في أول ردّ فعل روسي تجاه الحراك الغربي ـــ العربي المستجد في مجلس الأمن الدولي، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي، غينادي غاتيلوف، أمس، أن المشروع الأميركي الجديد لقرار مجلس الأمن الدولي بشأن سوريا لا يختلف كثيراً عن المشروع الذي رفضته روسيا والصين سابقاً. وقال غاتيلوف، على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، إن «المشروع الأميركي الجديد لقرار مجلس الأمن الدولي بشأن سوريا هو نسخة معدّلة قليلاً للمشروع الذي رُفض من خلال استخدام حق النقض (الفيتو)، وهو بحاجة إلى توازن كبير».
وكانت فرنسا قد أعلنت أن مجلس الأمن الدولي سيبدأ اليوم العمل بشأن قرار مقترح لوقف العنف في سوريا، وتمكين وصول مساعدات إنسانية إلى الشعب السوري. ودعا وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه الرئيس الروسي المنتخب فلاديمير بوتين إلى «مراجعة السياسة الروسية حيال سوريا».
وقال جوبيه، في مؤتمر صحافي في بوردو، «روسيا عزلت نفسها بالكامل عن بقية المجتمع الدولي»، و«الصين بدأت تطرح بضعة أسئلة على نفسها» بشأن «مدى صحة موقفها». وأضاف «إذا تمكنّا سريعاً من إصدار قرار في مجلس الأمن (الدولي) يعطي أمراً دولياً لنظام دمشق بوقف العنف والسماح بإيصال المساعدة الإنسانية وتطبيق خطة الجامعة العربية، فهذا سيكون تقدماً ملحوظاً. الأمر ليس مستحيلاً، سنعمل عليه في الأيام المقبلة».
وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي إن مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية الخاص إلى سوريا، كوفي أنان، سيتوجه إلى دمشق في العاشر من آذار، في أول زيارة له منذ تعيينه في المنصب. وأعلن العربي تعيين وزير الخارجية الفلسطيني الأسبق ناصر القدوة نائباً لموفد الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا. وأكد أنه جرى اختيار القدوة لهذه المهمة «بصورة مشتركة» بينه وبين الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وبالتشاور مع أنان.
وفي موسكو، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إنه سيشارك في اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة السبت المقبل، لبحث الوضع في سوريا. وقال في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية الأردني ناصر جودة «أعتقد أن اجتماعنا يمكن أن يتمخّض عن أساس مثير للاهتمام بدرجة كبيرة، وسنروّج له في صورة دولية أوسع». وتابع أن روسيا والجامعة العربية تشتركان في أهداف أساسية بشأن سوريا، لكنه انتقد الدعوات الغربية والعربية لموسكو كي تضغط على حكومة الرئيس بشار الأسد.
في هذا الوقت، قالت وزارة الخارجية الصينية إن لي هوا شين سفير الصين السابق لدى سوريا سيزور دمشق اليوم لبحث خطة صينية من ست نقاط. وقال ليو وي مين، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، «على الرغم من أن الظروف بالغة التعقيد والموقف ما زال متوتراً، ما زالت الصين ترى أن الحل السياسي هو المخرج الأساسي من الأزمة السورية». وبخصوص الشكل المحتمل لأي مساعدة إنسانية للسوريين، ذكّر ليو بأن الصين تعارض «أي تدخل أجنبي في سوريا بذريعة إنسانية».
وفي السياق، قالت فاليري آموس، مسؤولة الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، أمس، إن الحكومة السورية سمحت لها بزيارة البلاد في وقت لاحق هذا الأسبوع. وقالت، في بيان، «هدفي مثلما طلب الأمين العام (للأمم المتحدة بان كي مون) هو حثّ جميع الأطراف على السماح بدخول عمال الإغاثة الإنسانية من دون أي معوقات حتى يتمكنوا من إجلاء الجرحى وتقديم الإمدادات الضرورية». وأضافت أنها تعتزم زيارة سوريا من الأربعاء إلى الجمعة. ولم يعرف على الفور إن كانت السلطات السورية ستسمح لآموس بزيارة تلك المناطق بلا قيود كما طالبت. وقالت وسائل الإعلام الحكومية السورية إن آموس ستجتمع مع وزير الخارجية السوري ورئيس الهلال الأحمر العربي السوري، وإنها ستزور عدة مناطق في سوريا، لكنها لم تحدد تلك المناطق.
كذلك أعلنت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون، في براغ، أن على روسيا «أن تقرّ بضرورة قيام نظام جديد» في سوريا.
بدورها، أعربت الولايات المتحدة أمس عن أملها بأن تتبنّى موسكو «نظرة جديدة» حيال الوضع في سوريا، إثر إجراء الانتخابات الرئاسية في روسيا. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند «نأمل بنظرة جديدة (من جانب روسيا) حيال المأساة في سوريا، بعد انتهاء الانتخابات»، وخصوصاً أن روسيا لا تزال ترفض أي تدخل في الشأن الداخلي السوري.
وفي موقف لافت، قال السناتور الجمهوري الأميركي جون ماكين إن الولايات المتحدة يجب أن تقود جهوداً دولية لحماية المراكز السكانية الأساسية في سوريا عن طريق شنّ هجمات جوية على القوات الحكومية السورية. وقال، في تصريحات في مجلس الشيوخ، «ينبغي أن يكون الهدف النهائي للغارات الجوية هو إقامة مناطق آمنة في سوريا، ولا سيما في الشمال، والدفاع عنها بحيث يمكن قوات المعارضة في هذه المناطق أن تنظم نفسها وتخطط لأنشطتها السياسية والعسكرية ضد الرئيس السوري.
وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إن بلاده تؤدي دوراً طليعياً في المساعدة على بناء تحالف دولي حيال الأوضاع في سوريا، وضمان استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يطالب بوضع حدّ فوري للعنف فيها. وقال كاميرون، في بيان أمام مجلس العموم (البرلمان)، إن التحالف الدولي «يهدف إلى تحقيق ثلاثة أشياء، أوّلها ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى الناس الذين يعانون في سوريا، وثانيها محاسبة مرتكبي المذابح المرعبة أمام العدالة، وثالثها العمل على إطلاق عملية للتحول السياسي لإنهاء أعمال العنف».
عربياً، عقد الملك السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، مساء أمس، جلسة مباحثات مع الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر، الذي غادر المملكة على الفور، بحثا خلالها الأحداث على الساحتين الإقليمية والدولية، وخاصة الوضع في سوريا. وكان عبد الله قد ترأس مجلس الوزراء السعودي، وصدر عن الاجتماع بيان دعا مجلس الأمن الدولي إلى ممارسة مسؤولياته لوقف العنف في سوريا.
(الأخبار، سانا، روتيرز، أ ف ب، يو بي آي)