القاهرة | انطلقت معركة كتابة الدستور بين نواب التيارات الإسلامية، الذين يريدون الانفراد به، والتيارت المدنية، التي تطالب بأن تشارك كل طوائف المجتمع في كتابته. واستقبلت الأمانة العامة للبرلمان المصري حتى أمس 12 اقتراحاً للمعايير التي سيجري على أساسها تأليف اللجنة التأسيسية. واختلفت هذه المعايير في ما بينها بشأن نسبة نواب البرلمان في اللجنة، فضلاً عن تفسير المادة 60 من الإعلان الدستوري، التي تنص على أن «يجتمع الأعضاء غير المعينين لأول مجلسي شعب وشورى، بدعوة من المجلس الأعلى للقوات المسلّحة، خلال ستة أشهر من انتخابهم، لانتخاب جمعية تأسيسية من مئة عضو، تتولى إعداد مشروع دستور جديد للبلاد»، ففسرها نواب بأن يكون كل أعضاء الجمعية من البرلمان، فيما فسّرها البعض الآخر بأنها تنص على أن تكون اللجنة مزيجاً من داخله وخارجه.
وجاء اقتراح حزب «الحرية والعدالة» (الإخوان)، الذي يملك الغالبية في البرلمان، أن تؤلف الجمعية من 40 عضواً من البرلمان بغرفتيه الشعب والشورى، و60 من خارج البرلمان، 30 منهم شخصيات عامة و30 من الهيئات والنقابات، مؤكداً أن حزبه مستعد «للتعاون مع جميع الزملاء من أجل أن تكون هذه الجمعية معبّرة عن كل الشعب المصري».
وهو الاقتراح الذي رفضه حزب «النور» السلفي، وقال ممثّل الهيئة البرلمانية للحزب، مصطفى خليفة، إنّهم يريدون «دستوراً يحقق العدالة الاجتماعية التي فُقدت على مدار 30 عاماً ويطبّق الشريعة الإسلامية». واقترح أن تتألف الجمعية من 60 عضواً منتخبين من مجلسي الشعب والشورى ممثّلين لكل التيارات، و40 من خارج البرلمان، وقال «اختارنا الشعب بانتخابات نزيهة، وهو يعلم أن علينا انتخاب الجمعية التأسيسية»، بينما اقترح حزب «البناء والتنمية» التابع لـ«الجماعة الإسلامية» أن يُمثل أعضاء البرلمان بـ70 في المئة، وتجري الاستعانة بخارج البرلمان بـ30 في المئة، واتفق معه حزب «الأصالة» الإسلامي.
وهو ما رفضته القوى المدنية داخل البرلمان، مؤكّدة أن الدستور لا تكتبه غالبية برلمانية، لأنها من الممكن أن تتغير بعد ذلك وتصبح أقلية، ولا بد أن يكتب الدستور الشعب المصري، ممثّلاً في النقابات والهيئات، وأن يمثّل البرلمان في لجنة كتابة الدستور كأي هيئة من الهيئات الأخرى. وطرح حزب «الوفد الجديد» أن يجري اختيار 20 عضواً من مجلس الشعب و10 من مجلس الشورى، ويختار المجلسان 70 عضواً آخرين من خارج البرلمان، بينما طالب رئيس الهيئة البرلمانية لحزب «المصريين الأحرار» أن تؤلف اللجنة التأسيسية من خارج البرلمان، وأن ترشح الأحزاب السياسية المختلفة ممثلين لها في اللجنة. واقترح بأن تضم اللجنة عشرة قضاة على الأقل.
اقتراح اتفق معه رئيس الهيئة البرلمانية للتحالف الشعبي الاشتراكي، أبو العز الحريري، الذي طرح تقليص عدد نواب الشعب والشورى في الجمعية «لأنهم هم الذين سيختارون أعضاء اللجنة». ورفض حزب «الكرامة» انفراد الغالبية بوضع الدستور، فيما اقترح رئيس الهيئة البرلمانية لحزب «الوسط»، عصام سلطان، وضع معيار الكفاءة قبل أي معيار آخر في اختيار اللجنة التي ستكتب الدستور.
بدوره، طالب ممثل الهيئة البرلمانية لحزب «الكرامة»، سعد عبود، بتحقيق مطالب الثورة في الدستور، بينما رأى النائب مصطفى النجار، عن حزب «العدل»، أن أي دستور ستضعه الغالبية «ساقط لا محالة»، مطالباً بأن تراعي اللجنة تمثيل مكونات الثورة الحقيقة، التي لم تُمثل بالقدر الكافي في البرلمان، وأن تنسى الأحزاب مبدأ المغالبة في كتابة الدستور.
النائب المستقل مصطفى الجندي لفت إلى وجود تضارب مصالح عندما تضع إحدى السلطات الدستور، لأنه (الدستور) هو الذي سيحكم العلاقة بين هذه السلطات بعد ذلك. أما رئيس البرلمان محمد سعد الكتاتني، فشدد على ضرورة أن يُراعى في اختيار الجمعية التأسيسية «عدالة تمثيل مختلف أطياف الشعب المصري، بغض النظر عن وزنها الانتخابي، لتضمّ ممثلي القوى والتيارات السياسية والمهنية والدينة والثقافية وقادة الفكر ونخبة من المتخصصين الفنيين». وتقرر أن يجتمع أعضاء مجلسي الشعب والشورى لانتخاب أعضاء الجمعية يوم السبت في 24 آذار المقبل.