حذر شيوخ القبائل السنيّة في غرب العراق من أن تسليح السوريين لقتال الرئيس السوري بشار الأسد سيشعل الصراع ويزيد أعداد القتلى المدنيين. ورغم أن محنة أقاربهم في سوريا عبر الحدود تغضبهم. لا تزال خبرتهم مع الحرب الأهلية حاضرة في الأذهان، وهم يريدون منع تهريب الأسلحة للحيلولة دون إذكاء الصراع في هذا البلد المجاور.
وفي دمشق، ندّدت صحف سورية أمس بالدعوات إلى تمويل المعارضة، معتبرة أن الانقسام داخل المعارضة مردّه إلى الصراع على «إدارة المال المنتظر». وذكرت صحيفة تشرين الحكومية أن «هؤلاء الذين يدمرون مع جماعاتهم المسلحة ليبيا ويقسّمون شعبها (...) يقولون إنهم يريدون مساعدة الشعب السوري، فيعلنون تقديم 100 مليون دولار لمسلحين وإرهابيين يفتكون بهذا الشعب».
ونقلت صحيفة «الوطن» السورية المقرّبة من السلطة عن مصادر لم تسمّها أن «كل خلافات ما يسمّى المعارضة السورية في الخارج باتت تتمحور حول المال والنفوذ، بعد أن كانت على توزيع المناصب». وأضافت أن المعارضة «حصلت على وعود بمئات الملايين من الدولارات نقداً، ومساعدات تحت مسمّى إنسانية، وكان أول المتبرعين ليبيا بمبلغ مئة مليون دولار!». ونقلت «الوطن» عن أهالي حي بابا عمرو في حمص، الذي سيطر عليه الجيش السوري، «أن المسلحين داخل بابا عمرو لم يكونوا مجموعة واحدة، بل كان هناك أكثر من مجموعة تتبع كل واحدة لتيار ولجماعات خارج سوريا، منها القاعدة، وتتلقّى المال والسلاح».
وفي وقت لاحق أمس، قال وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل إن الجهود الدولية فشلت في وقف «نزف الدم والمجازر» في سوريا، معلناً تأييده مجدداً تسليح السوريين، لأن «هذا حقهم للدفاع عن أنفسهم».
وأضاف، خلال مؤتمر صحافي في ختام الاجتماع العادي للمجلس الوزاري في دول الخليج في الرياض، أن «الجهود الدولية فشلت للأسف الشديد، ولم نلمس نتائج منشودة لوقف نزف الدم والمجازر في سوريا».
وعن تسليح المعارضة أجاب الفيصل «لم أقل شيئاً لا يريده السوريون. فهم لا يريدون النظام الذي يصرّ على البقاء عبئاً على الشعب... رغبة السوريين في التسلح دفاعاً عن أنفسهم حقّ لهم. لقد استُخدمت أسلحة في دكّ المنازل تُستخدم في حرب مع الأعداء».
ورأى أنه إذا كان هناك أفق سياسي «فمن الممكن أن يحدث في سوريا ما حدث في اليمن».
بدوره رأى وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو، أنه بالإمكان تطبيق «النموذج اليمني» على سوريا أيضاً، ودعا خلال اجتماع مع أعضاء «المجلس الوطني السوري» في اسطنبول، إلى أن يكون المجلس المعارض شاملاً وبعيداً عن التمييز الديني والعرقي، مؤكداً أن باب تركيا سيبقى مفتوحاً أمام الشعب السوري.
وقال الوزير التركي إن دعم أنقرة سيستمر للسوريين اللاجئين إلى هاتاي التركية.
وأفادت قناة «تي آر تي» التركية أن لقاء داوود أوغلو مع المجلس الوطني برئاسة برهان غليون استغرق السبت زهاء 4 ساعات، حيث توجّه إليهم بالقول «كونوا شاملين، ولا تمارسوا التمييز الديني والعرقي.. إن بابنا سيبقى مفتوحاً للشعب السوري».
وتضمن اللقاء تبادل وجهات النظر بشأن اجتماع «أصدقاء سوريا» الذي سيعقد في مدينة إسطنبول، وأكد (المجلس الوطني) ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية إلى الشعب السوري. وقال الوفد، في إشارة إلى دورهم في سوريا، «نحن أيضاً نرغب في إسماع صوت الشعب السوري... ونرغب في توسيع المجلس الوطني السوري».
كذلك رأى وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ، في مقابلة مع شبكة «سكاي نيوز» التلفزيونية البريطانية، إن «رفض المساعدة الإنسانية، إضافة إلى عمليات القتل والتعذيب والقمع في سوريا، تدل على أن النظام أصبح مجرماً».
من جهته، حضّ مسؤول كبير في وزارة الخارجية الصينية، في بيان السبت، «الحكومة السورية والأطراف المعنيين على وقف كل أعمال العنف فوراً، وفي شكل كامل وغير مشروط، وخصوصاً العنف بحق المدنيين الأبرياء»، بحسب ما نقلت عنه الوكالة الصينية الرسمية. لكن بكين رفضت في المقابل أي تدخل في الشأن السوري الداخلي «بذرائع إنسانية».
ورأى الملك الأردني عبد الله الثاني، أنه «من المستحيل التنبّؤ» بكيفية تطور الأوضاع في سوريا، محذراً من أزمة إنسانية متوقعة تزيد من «أعباء ومسؤوليات» جيرانها، وتحديداً تركيا والأردن.
(سانا، رويترز، أ ف ب، يو بي آي)

المعارك تقترب من الرستن ونزوح كثيف إلى لبنان




بدأ الهلال الأحمر السوري والصليب الأحمر الدولي بتوزيع مساعدات على النازحين من بابا عمرو، وسط توقعات أن تكثف قوات الجيش النظامي هجومها على الرستن وعلى بلدة القصير التي يسيطر على جزء كبير منها المتمردون



بدأت منظمة «الهلال الأحمر العربي السوري» واللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي، أمس، توزيع المساعدات على النازحين من حي بابا عمرو إلى قرية أبل جنوبي مدينة حمص. وقال مدير العمليات في الهلال الأحمر السوري، خالد أركوسي، إنه «بدأ اليوم (أمس) توزيع مساعدات إنسانية تتضمن سلال غذائية وصحية وحليب أطفال وحرامات، على المهجرين من حي بابا عمرو، وكذلك على سكّان القرية التي استضافتهم»، قرية أبل جنوب مدينة حمص. وأضاف «ننتظر موافقة الجهات الرسمية للدخول إلى حي بابا عمرو، وقد أبلغتنا السبت تلك الجهات أن وحدات الهندسة في الجيش السوري تعمل على إزالة الألغام والعبوات الناسفة الموجودة في بابا عمرو حتى يكون الطريق آمناً لقافلة المساعدات للدخول إلى الحي».

من جهته، قال المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في دمشق، صالح دباكة، «يتوجه اليوم (أمس) الأحد وغداً (اليوم) الاثنين فريق من اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي والهلال الأحمر السوري إلى حي الإنشاءات لتوزيع مساعدات إنسانية على ساكني الحي والمهجرين إليه».
وأرجعت مصادر مطّلعة «سبب تأخّر توزيع المساعدات على سكان حي بابا عمرو إلى وجود عبوات ناسفة، وتفخيخ بعض المباني في الحي من قبل المجموعات المسلحة»، وخشية أن «يقوم من بقي من المسلحين في الحي بتفجيرها خلال دخول المساعدات التي يحملها الهلال الأحمر السوري واللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي».
وفي السياق، عنونت صحيفة «الثورة» السورية الحكومية الصادرة السبت «بابا عمرو يتنفس الصعداء بعد إعادة الأمن والأمان ... الأهالي يروون تفاصيل جرائم الإرهابيين». ونقلت الثورة عن أهالي الحي «بعض التفاصيل عمّا قامت به هذه المجموعات الإرهابية المموّلة والمسيّرة من جهات خارجية من جرائم وفظائع وترويع بحق المواطنين والمؤسسات العامة وكل مظاهر الحياة فيه».
ميدانياً، قتل 7 اشخاص إثر سقوط قذيفة على منزل خلال القصف الذي تتعرض له مدينة الرستن في ريف حمص، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان. ويتوقع الكثير من الناشطين أن تكثف قوات الجيش النظامي هجومها على الرستن وعلى بلدة القصير التي يسيطر على جزء كبير منها المتمردون. وذكر المرصد أن قريتي جوسية والنزارية «تعرضتا لسقوط عدة قذائف من قبل القوات السورية التي تمركزت في المنطقة وبدأت حملة دهم بحثاً عن عناصر منشقة». وأضاف «كما تعرضت قريتا الصالحية والنهرية لإطلاق نار من رشاشات ثقيلة»، لافتاً إلى عدم سقوط ضحايا «حتى اللحظة».
وفي ريف درعا، انتشرت القوات العسكرية في بلدة المليحة الغربية وأطلقت الرصاص من الرشاشات الثقيلة خلال اشتباكات مع منشقين. وأشار المرصد إلى انقطاع الاتصالات واعتقال عشرات الأشخاص في هذه البلدة التي تقع شمال درعا. وأعلن المرصد أنه جرى اختطاف أحد الضباط في أجهزة الاستخبارات، وتوفي مواطن من بلدة انخل متأثراً بجراح أصيب بها إثر إطلاق الرصاص عليه خلال كمين نصبته له قوات الأمن السورية.
وفي ريف إدلب، ذكر المرصد أنه «دارت اشتباكات فجر الأحد في بلدة كفرنبل بجبل الزاوية بين الجيش النظامي السوري ومجموعات منشقة هاجمت أحد الحواجز في البلدة، صاحبها إطلاق نار من رشاسات متوسطة وثقيلة». وأدّت الاشتباكات إلى مقتل جندي من الجيش النظامي وإصابة عناصر من المجموعات المنشقة بجراح، بحسب المرصد.
وقتل السبت 44 شخصاً خلال أعمال عنف في مدن سورية عدة، بينهم 26 مدنياً قتل معظمهم خلال عمليات دهم نفذها رجال الأمن بحثاً عن مطلوبين في ريف دمشق.
وذكرت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) أن «إرهابياً انتحارياً فجّر السبت سيارة يقودها في منطقة درعا البلد (...) ما أدى إلى استشهاد اثنين من المواطنين وإصابة عشرين من المدنيين وقوات حفظ النظام». وأضافت الوكالة أن الانفجار أدّى أيضاً إلى «أضرار مادية لحقت بالمباني المحيطة بدوار المصري (حيث وقع الانفجار) والمحال التجارية».
وسارعت لجان التنسيق المحلية إلى اتهام النظام بافتعال الانفجار. واقتحم الجيش السوري صباح السبت قرية عين البيضا بالقرب من الحدود التركية، كما أفادت وكالة أنباء الأناضول التركية. وقالت الوكالة، نقلاً عن شهود، إن نحو ألفي جندي و15 دبابة شاركوا في العملية التي انتهت بالسيطرة على القرية على بعد بضعة كيلومترات من تركيا.
من جهة ثانية، قال متحدث باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، إن ما يصل إلى ألفي لاجئ يفرّون من العنف في سوريا ويعبرون الحدود إلى شمال لبنان. وتابع جان بول كافاليري، نائب ممثل المفوضية في لبنان، «بين ألف وألفي (سوري) يعبرون من سوريا إلى لبنان». واستطرد «ستتضح الأعداد خلال الساعات المقبلة. هذا هو ما نسمعه من فرقنا على الأرض والسلطات المحلية».
وسجلت يوم أمس عملية نزوح واسعة من داخل الأراضي السورية إلى لبنان عبر بلدة الدورة في مشاريع القاع، في ظل انتشار كثيف لوحدات من الجيش اللبناني على الحدود اللبنانية. وعلمت «الأخبار» من أحد مخاتير المنطقة أنه منذ ساعات الصباح الأولى نزح بطريقة غير شرعية ما يقارب 1500 مواطن سوري إلى بلدة الدورة، المحاذية للحدود السورية، حيث عمد أفراد من عائلات البلدة إلى نقل غالبية النازحين إلى بلدة عرسال. ورجّح المختار أن تتزايد أعداد العائلات النازحة خلال اليومين المقبلين، بالنظر إلى الحديث عن دخول الجيش السوري إلى مدينة القصير.
وفي باريس، حطّت الطائرة التي تنقل جثماني الصحافية الأميركية ماري كولفن والمصور الفرنسي ريمي أوشليك، اللذين قُتلا في 22 شباط في قصف على حي بابا عمرو في حمص، صباح أمس في مطار شارل ديغول في باريس.
(الأخبار، سانا، رويترز،
يو بي آي، أ ف ب)