كارثة جديدة استيقظ عليها المصريون، ومعهم كانت كل وسائل الإعلام الدولية والعربية التي تترقب خبراً هنا أو هناك عن الإرهاب وضرباته. فقد اختطفت طائرة مصرية كانت في طريقها من الإسكندرية إلى القاهرة، صباح أمس، في مشهد كان يوحي بحدوث عمل إرهابي، إلى أن تبين أن الخاطف، الذي ادعى أنه يحمل حزام ناسف، لم يكن من «ولاية سيناء» أو فروع «داعش». أجبر صاحب الحزام «الطبيّ» المزيف قائد الطائرة على التوجه إلى تركيا قبل أن يضطر إلى الهبوط اضطراريا في مطار لارنكا القبرصي، نتيجة نفاد الوقود.
الطائرة التي كان يفترض أن تصل مطار القاهرة في رحلة داخلية في السابعة والربع صباحاً وكانت تحمل على متنها 81 شخصاً معظمهم من الأجانب، وجد ركابها أنفسهم في قبرص، حيث هبطت اضطرارياً وجرى إخلاء المطار ووقف إقلاع وهبوط رحلات الطيران بانتظار التفاوض مع الخاطف، الذي أخلى سبيل الركاب المصريين، ثم السيدات والأطفال، لينتهي الأمر سلمياً باستسلامه وخروجه مع طاقم الطائرة وآخر الأجانب، وذلك بعد تضارب المعلومات حول مطالب الخاطف، بين طلب اللجوء السياسي والإفراج عن سجناء مصريين.
وبينما تطمئن القاهرة كلا من موسكو وعواصم أوروبية إلى أن إجراءاتها الأمنية في المطارات تعززت، جاءت هذه الحادثة لتثبت أن فرضيات الاختراق قائمة، ولكن ــ على الأقل ــ للمرة الأولى منذ عقود تنجح أجهزة الدولة في إدارة أزمة طائرة؛ شركة «مصر للطيران» المالكة للطائرة، أصدرت بيانات توضيحية بتطورات الحادث وفتحت خط التواصل المباشر مع عائلات المسافرين، فيما عقد وزير الطيران المدني، شريف فتحي، مؤتمراً أجاب فيه عن تساؤلات وتحفظ على أخرى. وكان لافتا حضور رئيس الوزراء ووزير الداخلية في غرفة العمليات المركزية وتواصلهم مباشرة مع الجانب القبرصي، بالإضافة إلى التواصل مع رئاسة الجمهورية.
برغم ذلك، بعد اختطاف الطائرة بنحو ساعتين، أُعلن أن خاطف الطائرة هو إبراهيم سماحة، أستاذ في جامعة الإسكندرية، ثم تبين أنه يدعى سيف الدين مصطفى، وأنه مضطرب نفسياً، فيما قالت وزارة الداخلية أن مصطفى «سبق اتهامه بعدة قضايا سرقة ونصب، وصدرت أحكام قضائية ضده بالحبس كما فصله من كلية الحقوق في جامعة بيروت، وحبس قبل ثورة يناير لكنه تمكن من الهرب بسبب الانفلات الأمني، ثم سلم نفسه بعد ثلاث سنوات، وأفرج عنه بعد قضاء عقوبته».
توحي التصريحات الروسية بأن تعليق حظر الطيران غير وارد

ومن أجل الحفاظ على الصورة الأمنية، وزعت «الداخلية» مقاطع مرئية تظهر تفتيش الراكب المتهم بالإضافة إلى تفتيش حقائبه لتأكيد أنه لم يصعد الطائرة حاملاً أي مواد متفجرة، مع العلم بأن «مطار برج العرب» الذي أقلعت منه الطائرة، لا يخفى أنه يعاني مشكلات عدة في إجراءات التأمين.
أما الوزير شريف فتحي، فأشاد بتصرف طاقم الطائرة مع الأزمة ورفض إحدى المضيفات المغادرة دون باقي الركاب، وهي المضيفة التي أظهرتها كاميرات التليفزيون وهي تودع بعض الركاب وتعود مجدداً إلى الطائرة خلال سيطرة الخاطف عليها، فيما أكد فتحي أن «طاقم الطائرة لم يسمح للخاطف بالدخول إلى كبينة القيادة».
تواصلت «الأخبار» مع كابتن الطائرة المختطفة، عمرو جمال، الذي قال في تصريح مقتضب، «لم نكن نعلم هل كان الحزام مفخخا أم لا، لذا تعاملنا بجدية معه». كما أكد شهود عيان في روايات مختلفة لجهات التحقيق، أن المتهم أخبر المضيفة أنه يرتدي حزاما مفخخا بعد إقلاع الطائرة بدقائق معدودة.
وبرغم أنه لم تقع خسائر في الأرواح ولم يثبت وجود تقصير أمني، فإن رئيس «اتحاد الغرف السياحية»، الهامي الزيات، قال إن الحادث «يعرقل جهود استئناف ذروة الحركة السياحية»، مشيراً إلى أن الحادث «سيعيد الحديث عن التأمين الذي تصفه بعض وسائل الإعلام الغربية بالسيّئ في المطارات المصرية».
وتزامن حديث الزيات مع تأكيد «الاتحاد الروسي للسياحة» أن موسكو لن تستأنف الرحلات الجوية إلى مصر على خلفية اختطاف طائرة الركاب، وذلك بعد ترقب كان يشير إلى عودة الرحلات قريبا. وقالت المتحدثة باسم «الاتحاد»، إيرينا تيورينا، إن «الحديث مستمر منذ تعليق الرحلات الجوية بين روسيا ومصر، حول قرب عودتها. وفي الآونة الأخيرة... تتوالى المعلومات التي تفيد باستئناف الرحلات المعلقة، فيما جميع هذه الأنباء غير مؤكدة»، مستدركة: «إذا افترضنا جدلا صحة أنباء استئناف الرحلات، فإن حادث اليوم، سوف يؤجل عودة الرحلات».
كذلك نقل عن النائب الأول لرئيس «لجنة الدفاع والأمن في مجلس الاتحاد الروسي»، فرانس كلينتسيففتش، أن حادث اختطاف الطائرة المصرية «يستثني إجراء أي مباحثات لاستئناف الرحلات الجوية مع مصر، ويجعل الحديث عن ذلك غير وارد. المصريون غير مستعدين لضمان سلامة سياحنا».
وكانت مباحثات مكثفة قد جرت بين مسؤولين مصريين ونظرائهم الروس من أجل تشجيع موسكو على اتخاذ قرار باستئناف الرحلات المباشرة، بالإضافة إلى رفع الحظر عن وصول السياح الروس إلى المقاصد السياحية المصرية. وعلم أن وزارة السياحة كلفت مندوبيها في الخارج متابعة ردود الفعل على الحادث وتأثيره في الموسم الصيفي.