اكد مصدر امني في دمشق، أمس، ان الجيش السوري سيطر كلياً على حي بابا عمرو في حمص، فيما اعلن العقيد المنشق رياض الاسعد ان كتيبة الفاروق التابعة لما يسمى «الجيش السوري الحر» نفذت انسحاباً «تكتيكياً» من هذا الحي. وقال المصدر الامني «سيطر الجيش على كامل مناطق بابا عمرو بعدما سقطت آخر جيوب المقاومة فيه». واضاف المصدر أن عناصر الجيش النظامي «يقومون بتوزيع الطعام على السكان ويجلون الجرحى»، ويبحثون عن الصحافية الفرنسية اديت بوفييه التي اصيبت قبل اسبوع. وتابع المصدر «المسلحون ما زالوا في احياء الحميدية والخالدية والعمليات متواصلة لاخراجهم» منها. وقال المصدر «إن قوات الجيش تتابع مهمتها في احياء جوبر والسلطانية وتل الشور وانها قتلت عدداً من المسلحين، وان آخرين سلموا انفسهم، وضبطت كميات من الاسلحة كما عثرت على انفاق كانت تسخدمها تلك المجموعات في التنقل واستهداف قوات الجيش وحفظ النظام». وقال احد المؤيدين البارزين للحكومة ان القوات السورية «قصمت ظهر» التمرد وان سقوط بابا عمرو يبشر بانتصار وشيك على التمرد الذي يدعمه الغرب. من جهته، اكد الأسعد ان قواته نفذت انسحابا «تكتيكيا» من حي بابا عمرو «حفاظا على ما تبقى من الاهالي والمدنيين». وقال نشطاء سوريون ان عددا قليلا من المقاتلين بقوا في حي بابا عمرو لمحاولة تغطية «الانسحاب التكتيكي» لزملائهم.
وبعد وقت قصير، قالت اللجنة الدولية للصليب الاحمر إن السلطات السورية اعطتها في النهاية الإذن لنقل مساعدات الى بابا عمرو اليوم الجمعة.
وناشد بيان باسم المقاتلين اللجنة الدولية للصليب الأحمر وغيرها من المنظمات الإنسانية «دخول بابا عمرو وتوفير الحاجات الإنسانية لأهلنا في الحي الذين رفضوا مغادرته وأصروا على البقاء في منازلهم المدمرة بالكامل».
ولم ترد أنباء على الفور عن مصير الصحافية الفرنسية اديت بوفييه والمصور الفرنسي وليام دانيل اللذين كانا ضمن مجموعة من الصحافيين المحاصرين في بابا عمرو. وكان اثنان آخران هما ماري كولفن مراسلة الحروب الأميركية والمصور الفرنسي ريمي أوشليك قد قتلا هناك في قصف يوم 22 شباط الماضي. وفر اثنان آخران إلى لبنان.
وقال ايهم كامل، المحلل المختص في شؤون الشرق الاوسط في مجموعة اوراسيا جروب التي تقدم المشورة في مجال المخاطرة السياسية، إن سقوط بابا عمرو اذا تأكد فسوف يمثل ذلك ضربة قوية لخصوم الاسد.
في هذا الوقت، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن عدد القتلى في سوريا أمس بلغ 39 شخصاً، معظمهم في حمص. وأعلن مقتل ثمانية عناصر نظاميين وسبعة منشقين في اشتباكات في محافظة القنيطرة السورية، وذلك للمرة الأولى منذ اندلاع الأزمة. وقال المرصد في بيان «تدور اشتباكات بين الجيش والامن النظامي السوري ومجموعة منشقة في قرية جباتا الخشب القريبة من الجولان السوري المحتل».
ومع تطويق القوات النظامية للمقاتلين في حمص، قال مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية في سوريا، كوفي أنان، في نيويورك إنه يتوقع أن يزور سوريا قريبا، وإنه حث الأسد على السعي إلى إنهاء الاضطرابات. واعلن الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي الخميس ان أنان سيزور مقر الجامعة في القاهرة في 7 آذار قبل ان يتوجه الى دمشق لكن في موعد لم يحدد بعد.
وفي السياق، نقلت الوكالة العربية السورية للأنباء عن المتحدث باسم وزارة الخارجية، جهاد المقدسي، قوله إن الحكومة تنتظر توضيحا من الامم المتحدة حول طبيعة مهمة أنان، فيما دعت روسيا أنان إلى إجراء محادثات حول سوريا.
وفي سابقة دبلوماسية خاصة بالشأن السوري، قال مسؤولون كويتيون إن موسكو ستوفد وزير الخارجية سيرغي لافروف لمقابلة نظرائه بدول الخليج في الرياض الأسبوع المقبل. في المقابل، أكدت روسيا انها وافقت على مناقشة الطريقة التي تعاملت بها مع الازمة السورية مع عدد من وزراء خارجية دول الخليج، الا انها نفت ان يكون قد تم تحديد موعد لذلك الاسبوع المقبل.
ونقلت وكالة ايتار-تارس الروسية عن المتحدث باسم وزارة الخارجية، الكسندر لوكاشينفيتش، قوله «تلقينا موافقة مبدئية من الدول الاعضاء في مجلس التعاون الخليجي على تنظيم مثل هذا الاجتماع». واضاف «ونأمل ان نتمكن من الاتفاق على موعد مقبول من الطرفين في المستقبل القريب».
وجاءت التصريحات الروسية رداً على اعلان وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح خالد الصباح أن وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي سيعقدون الاربعاء المقبل في السابع من آذار اجتماعاً مع نظيرهم الروسي لبحث الاوضاع في سوريا.
من جهة ثانية، اعلن المتحدث باسم الدبلوماسية الروسية الكسندر لوكاشيفيتش ان عناصر من القاعدة يقاتلون في سوريا ضمن وحدات مسلحة ضد القوات الحكومية، بحسب ما نقلت وكالة ايتار-تاس. وقال لوكاشيفيتش «ليس سراً على احد ان مقترحاتنا (المتعلقة بالازمة السورية) رفضها الغرب او جمدتها المعارضة السورية المتشددة من دون التحدث عن وحدات مسلحة يقاتل في صفوفها مقاتلون من القاعدة ومتطرفون آخرون ضد القوات الحكومية».
بدوره، قال رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم آل ثاني، في ختام لقاء في بروكسل مع رئيس البرلمان الاوروبي مارتن شولتز، «علينا ان ندرس كل الخيارات لانقاذ الشعب السوري».
إلى ذلك، قال عدد من كبار الدبلوماسيين الاميركيين امام لجنة في مجلس النواب إن نظام الرئيس الاسد يعاني من «ضغوط اكبر» الآن مقارنة مع تلك التي كان يتعرض لها قبل شهرين، مؤكدين انه سينهار في النهاية. وقال روبرت فورد، السفير الاميركي في دمشق الذي غادر منصبه واغلق السفارة قبل شهر لاسباب امنية، ان اوساط الاعمال والتجارة «غير سعيدة إطلاقاً» وقد غير نظام الاسد سياساته «لارضائهم»، كما أن القيادة قلقة كذلك على التأييد المتناقص لها في الشارع، فيما قال مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى، جيفري فيلتمان «لا نعرف بالضبط متى ستحدث نقطة الانهيار... ولكنها ستأتي».
(سانا، رويترز، أ ف ب، يو بي آي)