الجزائر | فشل التيار الإسلامي في الجزائر مرّة جديدة في تجميع قواه لدخول الانتخابات البرلمانية في أيار المقبل بقوائم موحدة تضمن له رفع رصيده المقاعد. ولم تتمكن حتى الآن سوى ثلاث تشكيلات إسلامية من التوافق على العمل المشترك، وهي «حركة مجتمع السلم» (الإخوان) و«النهضة» و«الإصلاح». وتشغل هذه الأحزاب الثلاثة معاً 60 مقعداً في البرلمان الحالي، أي ما يعادل نحو 900 ألف صوت. لكنّها تعرّضت لسلسلة من الهزات والانشقاقات بعد انتخابات 2007، ما قد يحدّ من قدرتها على تحصيل القدر ذاته من المقاعد والأصوات في البرلمان المقبل. فقد انشق عدد كبير من النواب والكوادر ومسؤولي المكاتب المحلية عن «حركة مجتمع السلم»، وألفوا تنظيماً جديداً باسم «جبهة التغيير» يتزعمه وزير الصناعة السابق، عبد المجيد مناصرة، الذي يعد من القيادات التاريخية للحركة. أما «النهضة» و«الإصلاح»، فقد انشق عنهما تنظيمان جديدان، فيما عاد عدد كبير من أتباعهما إلى جبهة «العدالة والتنمية»، التي حصلت أخيراً على الاعتماد الرسمي، ويتزعمها الشيخ عبد الله جاب الله، المؤسس الأصلي والقائد التاريخي لـ«النهضة».
ويرشح المراقبون «جبهة العدالة والتنمية» لأن تصبح أكبر قوة إسلامية في البلاد، بعد انتخابات أيار المقبل. وقد أكد جاب الله أنه لن يتحالف مع أي طرف، لتأليف قوائم موحدة في الانتخابات المقبلة. وقال لـ«الأخبار»: «لست ضد مبدأ العمل المشترك مع بقية القوى الإسلامية». لكنه استدرك «ربما سيحدث مثل ذلك، إذا اقتضت الضرورة وتوافرت الشروط، بعد الانتخابات، ولكن ليس قبلها بالتأكيد».
ورأى جاب الله الحديث عن تحالف إسلامي «أمراً سابقاً لأوانه»، قائلاً إنه «يجب أن تكون هناك عملية فرز واضحة من خلال الناخبين؛ فهم وحدهم من سيعطون الوزن الحقيقي لكل تشكيلة، حتى يكون التحالف في ما بعد منصفاً وجاداً ويعكس الواقع الفعلي للحركة الإسلامية». ويأمل جاب الله استقطاب قطاع واسع من أنصار «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المحظورة. وهؤلاء من المعارضين الراديكاليين، لا يمكنهم في كل الحالات أن ينجذبوا إلى الأحزاب الإسلامية الثلاثة المتحالفة، لكونها شاركت جميعاً في حكومات الائتلاف الرئاسي الموالي للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة. وتضم الحكومة الحالية تضم خمسة وزراء من «حركة مجتمع السلم»، وهناك سفراء ومستشارون رئاسيون من الحركتين الأخريين، منهم المستشار السياسي لبوتفليقة، محمد علي بوغازي، وهو من قيادات «النهضة».
وكانت ست تشكيلات سياسية قد شاركت أخيراً في لقاء تمهيدي بهدف إقامة حلف إسلامي واسع. لكن المشروع تعثّر بسبب خلافات على الزعامة، وخصوصاً بين الشيخين جاب الله وأبو جرة سلطاني؛ فانكمش التكتل الإسلامي ليقتصر على التشكيلات الثلاث المشار إليها.
بدوره، تراجع عبد المجيد مناصرة عن الانضمام إلى التحالف، رافضاً زعامة أبو جرة سلطاني، رفيقه السابق في «حركة مجتمع السلم»، التي انشق عنها ليؤسس «جبهة التغيير» .
ومع أن الحركات الإسلامية الثلاث بدأت العمل باكراً لتأليف قوائم موحدة والإعداد لحملة انتخابية مشتركة، إلا أن النتائج لن تكون في مستوى توقعاتها، وخصوصاً في ظل الحملة الشرسة التي يشنها أتباع الأحزاب الإسلامية الأخرى ضد هذا التحالف، على اعتبار أنهم «جماعة من المنتفعين الموالين للنظام».