قال مبعوثون غربيون إن الولايات المتحدة أعدّت مسوّدة قرار جديد لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يطالب بدخول عمال الإغاثة إلى البلدات المحاصرة في سوريا وإنهاء العنف هناك. وتأتي أحدث محاولة لاتخاذ إجراء إزاء سوريا من مجلس الأمن المؤلف من 15 عضواً بعد أن استخدمت روسيا والصين حق النقض (الفيتو) مرتين.
وقال مبعوثون من الأمم المتحدة إنه من خلال التركيز على الوضع الإنساني، تأمل القوى الغربية والعربية أن تصعّب على موسكو وبكين نقض أي إجراء من المجلس بشأن دمشق للمرة الثالثة. وأضافوا أن مساندة روسيا والصين لأي قرار يتخذه المجلس ستكون ضربة للرئيس السوري بشار الأسد.
وقال وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه إن المجلس يعكف على قرار ثالث يركز هذه المرة على تصاعد الأزمة الإنسانية التي سبّبتها العمليات العسكرية.
وقال دبلوماسي غربي، طلب عدم نشر اسمه، «هناك نص، وإن لم يكن بعد مسوّدة قرار رسمية، صاغها الأميركيون، لم تعرض على المجلس بكامل هيئته.. بل على دائرة صغيرة من الدول ذات التفكير المتماثل». وعندما سئل متى ستكون المسوّدة جاهزة ليقترع عليها المجلس بكامل هيئته، أضاف «ليست لدي فكرة عن التوقيتات».
وقال المبعوثون إنه إلى جانب الدعوة إلى إنهاء العنف والمطالبة بدخول عمال الإغاثة الإنسانية إلى البلدات المحاصرة مثل حمص وحماة، سيلمّح القرار إلى أن سياسة القمع التي تنفذها الحكومة هي سبب الأزمة. وعندما سئل المتحدث باسم البيت الأبيض، جاي كارني، عن فكرة مسوّدة قرار جديدة لمجلس الأمن، قال للصحافيين «أعتقد أن علينا التركيز على تلك الإجراءات التي ستكون لها أكبر فرصة للنجاح». وقال مبعوث غربي إن القرار الإنساني هو بالضبط نوعية النص الذي «يمكن أن يحتشد» حوله المجلس بأكمله. وقال دبلوماسيون من الأمم المتحدة إن روسيا أشارت إلى أنها ستدعم القرار الذي يركز فقط على الأزمة الإنسانية من دون أي ذكر للوضع السياسي. لكنّ دبلوماسيين عرباً وغربيين يقولون إن مثل هذا القرار سيكون غير مقبول بالنسبة إليهم. وهم يقولون إن المبادرة الأميركية الجديدة من الممكن أن تنجح لأن الصينيين أشاروا إلى أنهم قد لا يرغبون في مواصلة استخدام الفيتو ضد القرارات المتعلقة بسوريا في مجلس الأمن.
بدوره، قال وزير الخارجية الصيني يانغ جيه تشي إن الصين تساند الجهود الدولية لإرسال مساعدات إنسانية إلى سوريا. ولم يتضح هل تعليقات يانغ تعني أن الصين ستدرس القرار المقترح الجديد في مجلس الأمن. وأضاف يانغ قائلاً «ينبغي للمجتمع الدولي أن يهيّئ الظروف لهذا، وأن يقدم مساعدة إنسانية لسوريا».
وقالت وكالة الصين الجديدة للأنباء (شينخوا)، أمس، إن يانغ أدلى بتصريحاته أثناء اتصال هاتفي الليلة قبل الماضية مع الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي. وقال تشو «أي مشروع قرار جديد في مجلس الامن سيكون فرصة لإحياء المشاورات الدولية بشأن سوريا». وأضاف «أكبر قلق للصين هو أن اوروبا والولايات المتحدة لا تزالان تتبنيان التدخل العسكري في سوريا مثلما حدث في ليبيا». وأضاف «بالنسبة للصين، هذا هو المفتاح. ليس لها مصلحة مباشرة في سوريا مثل روسيا».
وفي الرياض، أعلن مصدر رسمي أن وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل تلقّى أمس اتصالاً هاتفياً من نظيره الصيني يانغ جيه تشي، ولم تكشف وكالة الانباء السعودية عن تفاصيل المحادثة.
في هذا الوقت، قال مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية لسوريا، كوفي أنان، إنه يجري محادثات في نيويورك مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والدول الأعضاء بشأن سوريا، فيما قال نائب وزير الخارجية الروسي، غينادي غاتيلوف، على صفحته في موقع تويتر الالكتروني إنه جرى توجيه الدعوة لأنان لزيارة موسكو، لكن لم يتحدد موعد للزيارة.
وفي دمشق، كشف الناطق باسم وزارة الخارجية السورية جهاد المقدسي عن اتصال أجراه أنان مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم الذي طلب منه توضيحاً لطبيعة مهمته. وقال «نحن بانتظار توضيح الأمم المتحدة لهذه المهمة». وبشأن الدعوات لتقديم مساعدات إنسانية، قال المقدسي «هناك آلية تحكم العمل الإنساني والتوزيع يجري عبر الهلال الأحمر، ويجب أن يكون تحت المظلة الرسمية، وتسييس الحراك مرفوض». وعن الدعوات السعودية والقطرية لتسليح المعارضة السورية، قال المقدسي «هناك تسليح لهذا الحراك، وما قام به القطريون والخليجيون وضع الأمور في سياق جديد، ونعتبر تصريحاتهم عملاً عدائياً لسفك الدم السوري، وعليهم المساهمة في عقلنة المعارضة السورية ودفعها إلى طاولة الحوار، ويتحملون مسؤولية الدم السوري بتسليحهم للمعارضة». وعن مغادرة قادة حركة «حماس» لدمشق، قال المقدسي «سواء غادرت حماس أم لم تغادر، هي ليست ورقة بيد سوريا بل سوريا ورقة بيد القضية الفلسطينية، وسوف نستمر بدعم القضية الفلسطينية».
بدورها، قالت فاليري أموس، مسؤولة المساعدات الانسانية في الأمم المتحدة، أمس، إنها تشعر «بخيبة أمل شديدة» لرفض سوريا السماح لها بزيارة البلاد حيث كانت تأمل بتقييم حاجة السكان للإغاثة الطارئة في بلدات محاصرة. وقالت أموس، في بيان، إن الرفض جاء «رغم طلباتي المتكررة لمقابلة مسؤولين سوريين على أعلى مستوى لبحث الوضع الانساني وضرورة السماح بالوصول إلى المتضررين من العنف من دون معوقات».
لكنّ مصدراً دبلوماسياً قال لـ«الأخبار» إن أموس تتعاطى مع سوريا كإحدى جمهوريات الموز. فهي في عمّان وتريد الدخول إلى سوريا من دون ترتيبات واضحة مسبقة. وهذا لن يكون مقبولاً. وهي تعتقد أنها بإصدار البيانات تمارس ضغطاً معنوياً على الحكومة السورية، وهذا من شأنه أن يقلّل فرصها في الدخول.
وفي برلين، أعلن وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا وبولندا، في بيان مشترك أصدروه أمس، معارضتهم إفلات المسؤولين عن انتهاكات حقوق الانسان في سوريا من العقاب، مطالبين بإحالتهم على القضاء. وأكد غيدو فسترفيلي وألان جوبيه ورادوسلاف سيكورسكي، في إعلان بشأن سوريا أصدروه في ختام اجتماع لمثلث فيمار، «لن ندّخر أي جهد لكي نحيل على القضاء المسؤولين عن انتهاكات حقوق الانسان الواسعة النطاق التي يمكن أن تشبه جرائم ضد الانسانية».
(سانا، رويترز، أ ف ب، يو بي آي)