اختار التحالف الغربي ــ العربي تسخين الاجواء الدبلوماسية حول الملف السوري منذ اليوم الأول لبدء الدورة التاسعة عشرة لمجلس حقوق الانسان، التي تستمر حتى 22 آذار المقبل في المقر الاوروبي للأمم المتحدة في جنيف. وكان المجلس قد خصص يوم 12 آذار المقبل لعقد جلسة خاصة لمناقشة التحديث الخطي الذي اعدّته لجنة التحقيق الدولية المستقلة حول سوريا والتي يرأسها الخبير البرازيلي باولو بنهيرو. من جهة أخرى، سيعود مجلس حقوق الإنسان إلى مناقشة نتائج تقديم سوريا لتقريرها الأول أمام آلية الاستعراض الدوري الشامل يوم الجمعة 16 آذار عند تطرقه إلى الدول الأربع عشرة التي قدمت تقاريرها في الدورة السابقة. لكن قطر، التي اوفدت وزير شؤون خارجيتها ناصر عبد العزيز الناصر، الذي يتولى حالياً منصب رئيس الجمعية العامة للامم المتحدة، الى جنيف، سارعت بالاتفاق مع الكويت والسعودية وتركيا، وبدعم من الولايات المتحدة والمجموعة الاوروبية الى طلب عقد جلسة عاجلة امس حول سوريا، طارحة على التصويت مشروع قرار جديد، هو الرابع منذ بدء الاحتجاجات، يخلو من التوصيات التي طلبتها لجنة التحقيق الدولية، ومن ضمنها الطلب من المجموعات المسلحة التي تقاتل النظام في سوريا عدم اللجوء الى المناطق السكنية.
وشكل مشروع القرار تحدياً جديداً لروسيا، التي لم تعترض على مبدأ انعقاد الجلسة بشرط عدم طرح قرار على التصويت، واعتبرت الامر «غير مثمر». اما رئيس البعثة السورية لدى الأمم المتحدة في جنيف، السفير فيصل الحموي، فقد غادر الجلسة بعدما القى كلمة طالباً فيها الدول التي تدعي صداقة سوريا بالكف عن «التحريض الطائفي وتقديم الأسلحة» للمجموعات المسلحة في سوريا.
وقال الحموي اود أن «اسجل شجب وفد بلادي لعقد هذه الجلسة بطريقة مخالفة تماماً للقواعد الاجرائية وتعكس تسييساً وتلاعباً واضحين». واضاف: «اذا كانت الجلسة تهدف الى مناقشة تأمين المساعدة الانسانية، فمجلس حقوق الانسان ليس بالمحفل المناسب لبحث هذه الامور». وسأل: «لماذا العمل وراء الكواليس وتفادي فتح حوار مباشر مع سوريا كدولة معنية كما انتهجت ذلك اللجنة الدولية للصليب الاحمر.. إن الهدف الحقيقي من وراء عقد هذه الجلسة هو التغطية على العنف والقتل اللذين ترتكبهما المجموعات المسلحة ضد المدنيين الابرياء».
وقال السفير السوري «نؤكد لكل هؤلاء اصدقاء الشعب السوري المزعومين ان الخطوة البسيطة لمساعدة الشعب السوري فوراً هي الكف عن التحريض على الطائفية وتقديم أسلحة وتمويل وتأليب الشعب السوري على بعضه.. كما ان العقوبات الجائرة والأحادية الجانب التي فرضتها بعض الدول على الشعب السوري تحول دول الوصول الى الادوية والوقود بكل اشكاله بالاضافة الى الكهرباء، وتعوق ايضا التحويلات المالية لشراء تلك المواد».
وكان بنهيرو قد عارض فكرة فرض ممرات انسانية الى سوريا، فيما رأى نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف، أن الشعب السوري وحده هو الذي يمكن ان يقرر مستقبل بلاده السياسي.
وقالت مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية استير بريمر، ان «بشار الأسد يجب أن يرحل ويجب أن يكون هناك انتقال سياسي ديموقراطي بقيادة سورية تلبي طموحات الشعب السوري التي جرى قمعها لفترة طويلة».
أما مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، نافي بيلاي، فاشارت الى أنها تشعر بالفزع بسبب التدهور السريع في حقوق الإنسان والوضع الإنساني في سوريا وقصف مدينة حمص.
وتعاقب على الحديث العديد من الدول قبل ان تعلق سفيرة الأورغواي لاورا ديبوي لاسير، التي تتولى رئاسة مجلس حقوق الانسان، الجلسة وسط توقعات أن يطرح مشروع القرار على التصويت غداً الخميس بعد انتهاء لائحة طويلة من الدول الاعضاء والمراقبين في المجلس من القاء الخطابات.
ويدين مشروع القرار الذي يتوقع أن تعارضه روسيا وكوبا والإكوادور «استخدام المدفعية الثقيلة والدبابات في مهاجمة المناطق السكنية.. مما أدى إلى مقتل آلاف المدنيين الأبرياء». ويبدي مشروع القرار أيضا انزعاجه إزاء الأزمة الإنسانية في مناطق تفتقر إلى الطعام والدواء والوقود، ويدعو الى السماح لوكالات الاغاثة بتوصيل الإمدادات الحيوية للمدنيين في المناطق المتضررة بشدة لاسيما حمص ودرعا والزبداني».