القاهرة | «مسلم. غير علماني. يعظّم من قدر الشريعة الإسلامية»، صفات لم تشترط الفضائيات الدينية توافرها في شيوخها، بل معايير تستند إليها تيارات الإسلام السياسي لتقويم مرشحي الرئاسة المصرية من خلالها؛ فمع بدء العد التنازلي لفتح باب الترشّح لأول انتخابات رئاسية ما بعد حسني مبارك في 10 آذار المقبل، تعكف قوى الإسلام السياسي وتياراته على العمل للتوافق على مرشح للرئاسة وحشد الجهود من أجله، ليدين لهم بالمقابل بفروض الولاء والطاعة، ويمكّنهم من استكمال مشروعهم السياسي. ورغم إعلانها عدم التنافس على منصب رئيس الجمهورية، وفصلها أحد أبرز قيادييها، الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، بسبب إعلان ترشحه للرئاسة، تدأب جماعة الإخوان المسلمين على البحث عن رئيس جمهورية يحظى بثقتها كي ترمي بثقل دعمها عليه. ورغم وجود ثلاثة مرشحين إسلاميين على قمة المرشحين المحتملين للرئاسة حالياً: عبد المنعم أبو الفتوح ومحمد سليم العوا وحازم صلاح أبو إسماعيل، فإن الجماعة لا تلتفت إليهم، وتبحث عن شخصية تحظى بالقبول وترى فيها القدرة على تنفيذ مطالبها، وعدم الحياد عن أهدافها. هذا ما أكده المتحدث الرسمي للإخوان محمود غزلان مراراً وتكراراً عبر قوله «الجماعة تبحث عن مرشح للرئاسة من خارج الأسماء التي أعلنت عزمها على الترشح».
وعلى عكس باقي تيارات الإسلام السياسي، لم تشترط الجماعة أن يكون رئيس الجمهورية المقبل منتمياً الى التيارات الإسلامية أو تنظيمات الإسلام السياسي، لكنها اكتفت بألا يكون علمانياً، أو مناهضاً للدين، حسب تصريح عضو مكتب الإرشاد مصطفي الغنيمي، وهو ما جعل الجماعة تعمل على إقناع الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، بالترشح للرئاسة تحت مسمى «المرشح التوافقي».
اقتراح العربي أثار حفيظة المراقبين، الذين وصفوا لجوء الإخوان إلى التوافق على رئيس بدلاً من الاعتماد على الانتخابات التي تقوم على تكافؤ الفرص والمساواة بين المرشحين، بأنه مسلك مشابه للحزب الوطني قبل الثورة، مشدّدين على أن الإخوان يتعاملون وكأنهم حصلوا على تفويض من الشعب بموجب أكثريتهم البرلمانية، وهذا أمر غير مقبول.
العربي، بدوره، حسم الأمر، ونفى بشكل قاطع أي نية له في الترشح للرئاسة. مع ذلك، واصلت الجماعة البحث عن مرشحها، وعرضت الأمر على المستشار طارق البشري، رئيس لجنة التعديلات الدستورية، لما له من قبول عند قطاع واسع من المصريين. الأخير أيضاً رفض.
الجماعة لم تيأس ولا تزال تواصل المحاولة، حسب تصريحات الغنيمي، الذي أكد أن «انتخابات الرئاسة تشغلنا جداً ولا يمر اجتماع لمكتب الإرشاد أو لقاء مع حزب الحرية والعدالة إلا ونتداول بالأمر، لكن لم نصل بعد إلى قرار».
التيار السلفي من جهته، لم يحسم موقفه تجاه مرشح رئاسي بعينه، مع أن معظم أعضاء مجلس الشعب السلفيين رفعوا شعار البيعة للمرشح الرئاسي السلفي حازم صلاح أبو إسماعيل، وأعلنت ثلاثة أحزاب سلفية، من إجمال سبعة أحزاب، تأييدها لأبو إسماعيل مرشحاً لرئاسة الجمهورية من دون بقية المرشحين، فيما اكتفت الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، التي تنعت نفسها بأنها هيئة إسلامية وسطية، بتحديد ثلاثة معايير يجب توافرها في رئيس مصر المقبل: أولها معيار الشريعة الإسلامية. وبحسبها، إن المرشح الذي لا يعلن انتماءه إلى هذه الشريعة وولاءه وحرصه على إقامتها، يفقد شرطاً رئيسياً في الإمامة، ولا يستحق أن يكون خليفاً للنبي في أمته ونائباً عنه في إدارة أمته. المعيار الثاني هو الانتماء إلى الإسلام، أما الثالث فهو الاستقلالية والبعد عن التبعية للغرب.