الخطوة الثالثة بعد إعلان تأليف حكومة جديدة، هي عقد المؤتمر القطري لحزب البعث. المؤتمر لن تتجاوز أعماله يوماً واحداً، والمشاركون فيه هذه المرة لن يصلوا إلى ألفين أو ما يزيد كما في الماضي. عددهم هو حصراً خمسمئة عضو. وتُحدَّد ثلاثة أهداف أساسية للمؤتمر: ـــــ الأول، انتخاب قيادة جديدة تُعدّ لمؤتمر قطري يعقد في العام المقبل.
ـــــ الثاني، إعلان فصل الحزب عن الدولة، تطبيقاً للمادة الثالثة في الدستور الجديد.
ـــــ الهدف الثالث هو عبارة عن فكرة يريد الرئيس بشار الأسد إيصالها إلى الحزب، مفادها وضعه أمام مسؤوليات الدفاع عن بقائه، وإفهام البعثيين بما لا لبس فيه، أن المرحلة الجديدة لن يكون فيها امتيازات سلطة لهم، وإذا ارادوا الحفاظ على وجودهم وموقعهم التاريخي في سوريا، فعليهم أن يعملوا بجهد وبروح نضالية وعقائدية، لإثبات حضورهم في ساحة التنافس السياسي مع القوى السياسية الأخرى. بعض البعثيين القدامى يطلقون على هذه المرحلة التي تنتظر الحزب، تسمية عودة البعث للفترة العصامية (أي قبل تسلمه السلطة).
هذه الرسالة كانت قد وصلت أصلاً إلى حزب البعث قبل شهرين حينما عقدت فرعيات الحزب في المحافظات مؤتمراتها، لانتخاب مندوبين عنها للمؤتمر القطري. آنذاك، حدد الأسد رؤيته لوظيفية انتخابات فرعيات الحزب:
ـــــ إيصال مندوبين شباب على حساب المندوبين القدامى النافذين الذين اعتادت المؤتمرات القطرية وجودهم لدورات متتالية.
ـــــ استبعاد العناصر الفاسدين وذوي الصورة السيئة اجتماعياً.
لم تنجح تجربة تجديد دم قيادة الحزب خلال الانتخابات الفرعية، ذلك أن العناصر البعثيين الجيدين امتنعوا عن تسمية أنفسهم لمناصب قيادية في فروع المحافظات، خوفاً من أن ينظر إليهم في وسطهم الاجتماعي بوصفهم استمراراً لإرث الفساد داخل الحزب. معظم هؤلاء العناصر البعثيين الشباب والجيدين فضلوا التمهل في قبول مناصب قيادية. كذلك واجهت مؤتمرات الانتخابات الفرعية مشكلة أخرى مهمة، هي أنها لم تستطع الانعقاد في المدن والمحافظات الساخنة أمنياً، كدرعا مثلاً، حيث توجد قاعدة حزبية كبرى للحزب، وفي إدلب وحمص، إلخ... ولعل الأسباب الآنفة كلها تبرر سبب اقتصار العدد في المؤتمر القطري الراهن على خمسمئة مندوب فقط.
(الأخبار)