شدد ممثّلو الدبلوماسية الدولية، المجتمعون أمس في جنيف في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الضغوط على الرئيس السوري بشار الأسد، داعين الحكومة السورية إلى تسهيل عمل المنظمات الإنسانية. وقالت رئيسة مجلس حقوق الإنسان، لاورا دوبوي لاسير، أمام حوالى 85 وزيراً ومسؤولاً كبيراً أثناء افتتاح الدورة السنوية لهذه الهيئة الأممية، «نأمل الحصول على ردّ إيجابي من السلطات السورية لكي نتمكن من مساعدة كل الأشخاص الذين طاولتهم» أعمال العنف في سوريا. وشددت على أن «الوضع الإنساني حرج».
ودعا وزير الدولة البريطاني لشؤون الخارجية، جيريمي براون، من جهته، «السلطات إلى السماح بدخول العاملين الإنسانيين من دون عوائق وبنحو محايد وغير متحيّز». كذلك دعا وزير الخارجية السويسري، ديدييه بورخالتر، السلطات السورية إلى السماح «للعاملين الإنسانيين بالوصول إلى السكان المتضررين والعمل بدون عوائق». وندد وزير الدولة للشؤون الخارجية القطري، خالد بن محمد العطية، من جانبه، بـ«المجازر (التي يذهب ضحيتها) مدنيون وأعمال العنف المتزايدة». ويرأس العطية حالياً أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، أعلنت رئيسة المجلس رسمياً عن «حوار عاجل» اليوم لقرابة ثلاث ساعات، بشأن تدهور الوضع في سوريا. وكانت قطر قد تقدمت بطلب إجراء حوار عاجل بشأن سوريا الثلاثاء، ومعها عدد من الدول العربية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وأوضحت دوبور لاسير «نأمل أن يوجه هذا الحوار العاجل رسالة قوية وصارمة من المجتمع الدولي تدين العنف وقمع المعارضة والمدنيين بالقوة». وأعلنت روسيا من جهتها أنها «لن تعترض» إجراء الحوار، لكنها دعت الوفود إلى أن «يجري النقاش بطريقة بنّاءة».
وعبّرت إيران، وهي ليست عضواً في المجلس، عن معارضتها لإجراء مثل هذا النقاش، فيما رحّبت المفوضة العليا لحقوق الإنسان نافي بيلاي بالمبادرة.
في هذا الوقت، توقعت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، أن ينتهي نظام الرئيس السوري بشار الأسد بالسقوط بسبب انشقاقات جنود ورجال أعمال وممثلي أقليات في البلاد. وصرّحت، في مقابلة مع شبكة التلفزيون المغربية «2 أم» أثناء زيارتها إلى الرباط، قائلة «أعتقد أن النظام سيسقط (...) لست عرّافة. لا يمكنني أن أقول لكم متى سيحصل ذلك».
وحثّت فرنسا كل مجموعات المعارضة السورية على الالتفاف حول «المجلس الوطني السوري» المعارض. وقال نائب المتحدث الرسمي باسم الخارجية الفرنسية رومان نادال، رداً على سؤال عن انشقاق أعضاء من «المجلس الوطني السوري» وتأثير ذلك على اعتراف فرنسا بالمجلس ممثلاً شرعياً للمعارضة، «نحن نشجّع جميع أطياف المعارضة السورية على الالتفاف حول المجلس الوطني السوري». وكان عدد من أعضاء «المجلس الوطني السوري»، يتقدمهم هيثم المالح، أعلنوا أمس الأحد انشقاقهم وإنشاء كيان جديد باسم «مجموعة العمل الوطني السوري»، وهو أول انشقاق في صفوف المجلس المعارض.
في أوسلو، عبّر رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم آل ثاني عن تأييده لتسليح المعارضة السورية. وقال «علينا أن نفعل كل ما في وسعنا لمساعدتهم، بما في ذلك تسليمهم أسلحة ليدافعوا عن أنفسهم».
وندّدت السعودية بموقف بعض الدول «المتخاذل والمتجاهل لمصالح الشعب» السوري، محمّلة إياها المسؤولية الأخلاقية عن تعطيل التحرك الدولي بهذا الخصوص، في إشارة واضحة إلى موقف روسيا الداعم لدمشق في مجلس الأمن.
في هذا الوقت، تستمر محاولات إجلاء ضحايا القصف من مدينة حمص في وسط سوريا، وبينهم صحافيان غربيان ما زالا عالقين في بابا عمرو. وأصيبت الصحافية الفرنسية إيديت بوفييه والمصور البريطاني بول كونروي الأربعاء في قصف على حمص، قتل فيه زميلاهما الفرنسي ريمي أوشليك والأميركية ماري كولفن.
وأعلنت وزارة الخارجية البولندية التي تمثّل مصالح الولايات المتحدة في سوريا أنها تفاوض لإجلاء جثة كولفن من حمص، معربة عن الأمل بأن تثمر الجهود. وعبّر متحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن أمله بدخول حمص، مضيفاً أن لا شيء تقرر حتى الآن، وأن «الوضع الانساني يتفاقم ساعة بعد ساعة». ودعت روسيا جميع الجهات التي تتمتع بـ«الإمكانيات المطلوبة» إلى التأثير على المعارضة المسلحة السورية من أجل تمكين اللجنة الدولية للصليب الأحمر من دخول مدينة حمص.
ومساءً، أفاد مصدر دبلوماسي غربي في دمشق بأن المفاوضات والاستعدادات لإجلاء الصحافيين الغربيين المحاصرين في حي بابا عمرو بمدينة حمص لم تؤدّ إلى نتيجة. وقال المصدر إن «إجلاء الصحافيين لم يحصل، ولكن في المقابل تمكنت سيارات للهلال الأحمر السوري من إخراج ثلاثة جرحى سوريين».
وفي السياق، قتل العشرات في أعمال عنف في سوريا الاثنين، بينهم 11 مدنياً في القصف على حي بابا عمرو والجوار في مدينة حمص التي تتعرض أحياء منها لقصف مدفعي وصاروخي لليوم الرابع والعشرين على التوالي. كذلك أعلن عن مقتل 68 شخصاً في ريف حمص على أيدي مجهولين بالرصاص و«السلاح الأبيض»، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان. وعثر على القتلى في ريف حمص الغربي في أراض زراعية بين قريتي رام العنز والغجرية».
وتجددت التظاهرات في جامعة حلب أمس. ودعا مئات الطلاب الذين ساروا في تظاهرات متنقلة بين الكليات سكان حلب التي لا تزال في منأى الى حدّ ما عن التحرك المناهض للنظام «إلى الثورة». وهتف المتظاهرون، بحسب شريط فيديو وزعه ناشطون على شبكة الإنترنت، «يا حلب ثوري ثوري، هزّي القصر الجمهوري». وأفاد ناشطون بأنه جرى في كلية الطب تدمير تمثال للرئيس الراحل حافظ الأسد. وأشار المرصد الى حصول إطلاق رصاص في جامعة حلب «ومحاصرة المتظاهرين داخل القاعات واعتقال 16 منهم».
(الأخبار، سانا، رويترز،
أ ف ب، يو بي آي)