دمشق | من داخل وزارة الداخلية السورية، أُعلنت أمس ولادة الدستور الجديد للبلاد. وزير الداخلية، محمد الشعار، وصل عند الساعة الرابعة والنصف عصراً، أي بتأخر أكثر من ساعتين عن الموعد المحدد. ما إن بدأ تلاوة الأرقام والنسب المئوية، التي كان يتشوّق إلى سماعها المنتظرون، حتى تبدّد تذمّرهم. بعد شرحه للإجراءات التقنية التي رافقت عملية الاستفتاء، أعلن الشعار أن عدد السوريين الذين مارسوا حقهم في الاستفتاء بلغ 8.376.447 مواطناً سورياً، أي بنسبة 57.4 في المئة من أصل 14.589.954 مواطناً.
الرقم الأخير هو للذين يحق لهم الاستفتاء، ممن بلغوا الثامنة عشرة. أما عدد الموافقين على مشروع الدستور الجديد فبلغ 7.490.319 سورياً، أي ما نسبته 89.4 في المئة من عدد المستفتين، وذلك في مقابل 753208 صوّتوا بـ«غير موافقين»، وهؤلاء نسبتهم لا تتعدّى 9 في المئة. وقد بلغ عدد الأوراق الملغاة 132920ورقة ، أي ما تبلغ نسبته 1.6 في المئة.
لم ينف الشعار، رغم الإقبال على الاستفتاء، حصول بعض الشوائب خلال عملية الاستفتاء في بعض المناطق «من تهديد وترهيب للمواطنين من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة، وما رافقها من حملات تشويش وتحريض من قبل وسائل الإعلام المضللة لمنع المواطنين من ممارسة حقهم في الاستفتاء». وأشاد بـ«العملية الديموقراطية التي جرت بكل حرية وشفافية ونزاهة».
ولفت الشعار إلى أن عدد مراكز الاستفتاء بلغ 14185 مركزاً، وُزّعت في جميع المدن والمناطق والنواحي والقرى، وفي جميع الوزارات والمؤسسات والمعامل والمصانع والمستشفيات والمستوصفات ودور العجزة والمكفوفين ومنافذ الحدود الدولية مع البلدان المجاورة، إضافة إلى المراكز الخاصة بالنساء والمراكز المتنقلة الموجودة في عمق البادية، لتمكين البدو الرحّل من الإدلاء بأصواتهم، فضلاً عن المراكز التي استُحدثت في وحدات الجيش والقوات المسلحة وقوى الأمن الداخلي في أماكن وجودها.
وفي ردٍّ على سؤال بشأن كيفية الاستفتاء في المناطق التي تشهد معارك طاحنة، كحمص مثلاً، أو في مناطق أخرى تشهد توترات أمنية مختلفة، لم ينف الشعار، في جوابه، وجود مناطق «ساخنة» لم يتوجه فيها الناس للاستفتاء. لكن المسؤول عن ذلك، برأيه، هو «الجماعات الإرهابية المسلحة، التي مارست الترهيب على المواطنين الراغبين في المشاركة، فضلاً عن تعرضهم لبعض مراكز الاستفتاء».
ولفت الوزير إلى أن أبرز تلك المناطق الساخنة هي في حمص وإدلب، ولكن «ليس كل حمص وإدلب، إذ حصل الاستفتاء بنحو طبيعي في هاتين المحافظتين، وذلك في المناطق البعيدة عن التوترات».
وكان لافتاً عدم مشاركة المقيمين خارج سوريا في الاستفتاء، إذ حُجب هذا الحق عنهم، ما عدّه البعض مأخذاً على النظام. غير أنّ الشعار أوضح أن سبب ذلك هو «وجود حظر على شركات الطيران في الخارج، في العديد من الدول، ما أدّى إلى عدم تمكننا من إتمام عملنا ومشاركة جالياتنا في الخارج». وفي شرح منه للآليات التي اعتُمدت في عملية الاستفتاء، إظهاراً لـ«الشفافية»، أوضح الشعار أنه «فور انتهاء عمليات الاستفتاء، بدأت لجان المراكز فرز الأصوات وإحصاءها، وبعد انتهائها أبلغت النتائج إلى اللجان المركزية لدوائر الاستفتاء في المحافظات التي تولّت بدورها جمع النتائج الواردة إليها وأبلغتها إلى المحافظين الذين أبلغوها بدورهم إلى وزارة الداخلية، حيث أحصت لجنة المتابعة هذه النتائج ودقّقتها وعرضتها على لجنة الإشراف المركزية في الوزارة، التي أجرت المطابقة بين ما ورد في محضر لجنة المتابعة ومضمون المحاضر المنظمة من قبل اللجان المختصة».
وعن عدم استخدام الحبر السري في عملية الاستفتاء، أوضح وزير الداخلية أن قانون الاستفتاء لا ينص على استخدام الحبر السري، ولا يوجد نص قانوني بذلك، مشيراً إلى «وجود ضوابط أخرى من خلال اللوائح التي توضع أمام مركز الاستفتاء المحلي حيث يدخل المواطن بشكل طبيعي ويستفتي ويسجل اسمه في هذه اللوائح من قبل رئيس المركز، وتجري مطابقتها أولاً بمركز المحافظة إذا كان قد استفتى في مكان آخر يكشف عن طريق الجداول الملحقة، وبالتالي تلغى الورقة».
ورفض الشعار تلقّي الكثير من أسئلة الصحافيين، نظراً إلى «ضيق وقته». وألقى التحية على الجميع وغادر، بعد قوله «هنيئاً لسوريا على هذا الإنجاز الحضاري الكبير». بعد ذلك، سادت قاعة المؤتمرات في وزارة الداخلية نقاشات هامشية بين الإعلاميين والحاضرين، إذ فسّر كلّ بحسب هواه السياسي ما سمعوه من أرقام ونسب.