مع اقتراب موعد لقاء الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، في الخامس من آذار المقبل، تزايدت الرسائل غير المباشرة بين واشنطن وتل أبيب، والتي عكست ارتفاعاً في درجة «التوتر» على خلفية التباين في التقدير والموقف العملاني إزاء إيران في المرحلة الحالية، ومحاولة واشنطن استخدام الرأي العام كعامل ضغط على الدولة العبرية، عبر تقديم أي مغامرة عسكرية إسرائيلية ضد المنشآت النووية الإيرانية بأنها غير مبررة ومضرّة بالمصالح الحيوية للولايات المتحدة. وبالتزامن مع هذه الرسائل، كشفت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اتصل بنظيره الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، محذراً إياه من أن أي ضربة عسكرية إسرائيلية ستؤدي إلى تدهور الوضع في المنطقة ونشر حالة من الفوضى، الأمر الذي سينعكس على نحو ملحوظ على الاستقرار في الشرق الأوسط.وفي السياق، انتقدت مصادر سياسية إسرائيلية محاولة الإدارة الأميركية تجريد الموقف الإسرائيلي، الداعي إلى ضرورة مهاجمة إيران في المرحلة الحالية، من أي مشروعية، عبر تسريب معلومات عن التقدير الاستخباري الأميركي في صحيفة «لوس أنجلس تايمز»، تفيد بأن طهران لا تنوي صناعة أسلحة نووية في المستقبل القريب.
ورأت المصادر نفسها أن الأميركيين يستخدمون الإعلام من أجل نشر تقارير تستهدف «تليين» اللقاء المرتقب في البيت الأبيض، واصفة ذلك بـ«الحرب النفسية الواسعة، لكنها شفافة جداً تهدف الى إنتاج رأي عام معارض لعملية عسكرية ضد إيران». في مقابل الاستياء من الإدارة الأميركية، عبّرت المصادر الإسرائيلية عن رضاها عن تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي رأى أن إيران سرَّعت من وتيرة تخصيب اليورانيوم، مشيرة إلى أن اسرائيل «فوجئت من حقيقة أن الوكالة الدولية أكثر تشدداً في هذا الموضوع من الأميركيين».
وفي ما يتعلق بحسابات الرئيس أوباما، أشارت تقارير إعلامية إسرائيلية إلى التوتر بين واشنطن وتل أبيب، عشية اللقاء المرتقب مطلع الأسبوع المقبل، وإلى أنه حتى لو كان من المحتمل تنفيذ عملية عسكرية أميركية ضد المنشآت الإيرانية، إلا أنها لن تحصل قبل الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني المقبل. ونقل موقع «يديعوت أحرونوت» الإلكتروني، عن مصادر أميركية وصفها بالمطّلعة على ما يجري في الإدارة والكونغرس، أن «في الولايات المتحدة مخاوف من أضرار دراماتيكية ناتجة من ارتفاع أسعار النفط والوقود وتأثيرها على نتائج الانتخابات المقبلة التي ستتمحور حول القضايا الاقتصادية».
في ضوء ذلك، رأت هذه المصادر أن الرئيس أوباما «سيحاول إقناع رئيس الحكومة الإسرائيلية بجدية نيّاته لإيقاف إيران»، وأن الولايات المتحدة «لن تنزل أي خيار عن الطاولة»، مضيفة أن التباينات بين تل أبيب والبيت الأبيض جوهرية، خاصة أن الولايات المتحدة «مهتمة بفكرة إعطاء وقت للعقوبات على إيران كي تؤثر».
وكان لافتاً ما أشارت إليه التقارير الإسرائيلية أيضاً، من أنه يُحتمل أن تكون الاختلافات بين الولايات المتحدة وإسرائيل ترتكز أيضاً على الأدوات الموجودة بحوزة الولايات المتحدة، إذ أوصى البنتاغون في الفترة الأخيرة بقنابل جديدة قادرة على اختراق التحصينات، والتي من المفترض أن تستهدف الأماكن «المخفية» للمنشآت الإيرانية، فيما تخشى إسرائيل من أنه من اللحظة التي ينقل فيها الإيرانيون أجهزة الطرد التي تخصّب اليورانيوم إلى داخل منشآت تحت الأرض، بُنيت داخل الجبال، سيكون من الصعب المس بها عبر عملية عسكرية.
إلى ذلك، نقلت «معاريف» عن مسؤولين سياسيين في موسكو، لم تحدد هويتهم، قولهم إن وزير الخارجية الروسي تحدّث مع نظيره الإسرائيلي يوم الاثنين الماضي، وقال له إن هجوماً ضد إيران سيدخل المنطقة كلها في حالة فوضى، وسينعكس دراماتيكياً على الاستقرار في الشرق الأوسط. وقالت سفيرة إسرائيل لدى موسكو، دوريت غولندر، لـ«معاريف» إن المحادثة بين لافروف وليبرمان تناولت السياسة الروسية في الشرق الأوسط، مشيرة إلى أن الموضوعين الإيراني والسوري كانا في مركز هذه المحادثة.
وأشارت الصحيفة إلى أن إسرائيل «خائبة الأمل» كثيراً من السياسة الروسية في المنطقة، لكونها لا تؤيّد مهاجمة إيران وترفض تدخلاً عسكرياً أجنبياً في سوريا، كذلك تنتقد إسرائيل بشدة استمرار روسيا ببيع أسلحة لسوريا، إذ تتحسّب إسرائيل من انتقال هذه الأسلحة إلى جهات معادية لها مثل حزب الله خصوصاً، في حال سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
ولفتت الصحيفة إلى أن تحذيرات لافروف، خلال محادثته مع ليبرمان، تأتي استمراراً لتحذيرات روسية سابقة سلّمها قبل أسبوعين نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غوتليف، خلال زيارته لإسرائيل ولقائه رئيس مجلس الأمن القومي يعقوب عميدرور، ومسؤولين كباراً في الخارجية الإسرائيلية. لكن «معاريف» نقلت عن مصادر في مكتب ليبرمان نفيها للرسالة الروسية المتعلّقة بمهاجمة إيران.
من جهة ثانية (أ ف ب، يو بي آي)، أعلن مساعد المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، رومان نادال، أن التقرير الفصلي للوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي نشر الجمعة الماضي، بشأن تزايد النشاط النووي الإيراني، يشدد على أن «إيران تواصل نشاطاتها التي تنتهك قرارات مجلس الأمن ومجلس حكام الوكالة، ومن دون أي شق مدني ذي صدقيّة» لبرنامجها النووي.
بدوره، قال وزير الخارجية السويدي كارل بيلت إن عرض إيران إجراء مفاوضات «مرضٍ في الأساس»، وإن المحادثات مع القوى العالمية بشأن برنامج طهران النووي يمكن أن تبدأ قريباً.