دمشق | الإعلام الخليجي الرسمي لم يكن حاضراً في سوريا أمس. بالنسبة إلى هذا الإعلام، لا يعتبر حدث الاستفتاء على الدستور، ربما، مهماً كفاية للتغطية. قناة «الجزيرة» الأكثر اهتماماً بالشأن السوري، أخيراً، لم يشاهد أيّ من مراسليها على أرض الشام. قناة «العربية» أيضاً لم تحضر. قد يقال إن الأزمة السياسية، التي وصلت ربما إلى حدّ اللاعودة، بين سوريا ودول الخليج، هي سبب امتناع إعلام هذه الدول عن الحضور. هذا مفهوم. لكن، بحسب أحد المسؤولين السوريين، فإنه «من غير المفهوم حضور الإعلام التركي على نحو لافت إلى سوريا، رغم الخلاف الحاد في السياسة بين دمشق وأنقرة». «ثمة وفد صحافي تونسي كان متوجهاً إلى سوريا، قبل ثلاثة أيام، ولكن جرى منع الخطوط الجوية عن أعضائه هناك»، هذا ما يؤكده المسؤول السوري، المعني بالتعاطي مع الإعلاميين الأجانب. ويتحدث المسؤول عن حضور الإعلام الدولي بشيء من البهجة. ربما يشعر أن بهجته هذه تسبّب الحنق لـ«الأشقاء العرب»، أو يرى فيها سداً لفراغ هو «يأسف» لحصوله.
حسناً، غاب العرب فأهلاً بالصينيين. أصحاب العيون الصغيرة جالوا أمس في الشام. مازحهم أحد السوريين قائلاً: «خذ الإعلام ولو من الصين». ابتسموا له. تبيّن أنهم يفهمون العربية ويتحدثون بها أيضاً. مراسل التلفزيون الصيني لي هانغ لا يرى أن ثمة مشكلة في سوريا. يستدرك فيقول: «أنا وصلت حديثاً، ولم تشمل جولتي حتى الآن سوى دمشق. ما أعرفه أن الوضع هنا جيد وما من شيء يشير إلى وجود ثورة».
بالنسبة إلى توماس، مراسل التلفزيون الألماني، الأمر يختلف. ليس لديه ملاحظات «جوهرية» على تعاطي وزارة الإعلام السورية معه. لا يحبّذ التحدث كثيراً عن رأيه الشخصي في الشأن السياسي، ولكنه يكتفي بعبارة واحدة: «الاستفتاء على الدستور أمر جيد، ولكن، للأسف، لقد تأخر الأمر كثيراً».
ثمة شقراء، كثيرة الحركة، كانت محطّ أنظار الوفد الإعلامي والمرافقين. هي مراسلة التلفزيون الروسي ماريا فينوشي، التي جاءت إلى الشام برفقة مصورين يعملان معها. المراسلة الروسية تمكنت من الذهاب إلى درعا، برفقة مسؤولين سوريين. تقول: «رأينا هناك بعض الدمار والخراب، وكانت الشوارع شبه فارغة. نحن نعلم أن القتل يحصل في سوريا، ولكن لدي سؤال لم يجبني عنه أحد: ما هي الطريقة التي تتثبّت من خلالها بعض وسائل الإعلام لتحديد عدد القتلى والجرحى؟».
أما عن تعاطي السلطات السورية معها، فإنها تقيّمه بـ«الإيجابي» أيضاً. أعجبها ما أخبروها به في وزارة الإعلام، لناحية حرصهم على تخصيص شخص لمرافقتها أثناء زيارتها الأماكن المتوترة، وأنهم قالوا لها: «يمكنك الذهاب حيث تريدين، حتى إلى الأماكن التي لا ننصحك بها، ولكن عليكِ عندها أن تتحملي مسؤولية ما قد يحصل لكِ». وبالفعل، لقد فعلتها ماريا، إذ غادرت الحافلة الرسمية.
ثمة مراسلة، ربما تعدّت السبعين، جاءت من إيرلندا إلى الشام لتغطي الاستفتاء على الدستور. ميشال جانسن، التي عاشت في لبنان أيام الحرب الأهلية، في منطقة شملان تحديداً، تقول إنها «لا تخاف من الحروب، فما رأته في لبنان لن ترى أفظع منه».
عدد الإعلاميين الأجانب الذين كانوا في سوريا أمس، بعلم وزارة الإعلام طبعاً، بلغ 75 إعلامياً تقريباً. الوفد الإعلامي التركي خصصت له السلطة جولة منفردة. وكذلك فعلت مع الوفد الهندي، المؤلف من 13 صحافياً، الذين طلبوا أن يكون لديهم برنامجهم الخاص.