القاهرة | التأجيل كان أمس من نصيب قضية محاكمة المتهمين في قضية التمويل الأجنبي للمنظمات الحقوقية، التي شغلت الرأي العام المصري والأوساط السياسية الأميركية في الفترة الأخيرة. وقررت محكمة الجنايات التي تنظر في القضية في أول جلساتها، أمس، تأجيل القضية حتى 26 نيسان المقبل للاطلاع على المستندات، فيما حضر 14 متهماً من أصل 43، غالبيتهم من المصريين. أما الغائبون الذين كانوا في معظمهم من غير المصريين، فكان أبرزهم نجل وزير النقل الأميركي سام لحود، وسط حضور أمني و إعلامي كثيف من وسائل إعلام مصرية وأجنبية.
ووجهت المحكمة للمتهمين تهمة «تلقي أموال وتبرعات من عدد من الجهات والحكومات الأجنبية، والعمل داخل مصر دون ترخيص، فضلاً عن مخالفة القوانين المنظمة لعمل جمعيات المجتمع المدني بدايةً من شهر أيار 2011 حتى كانون الأول 2011». كذلك وجه قاضيا التحقيق للمتهمين تهماً تتعلق بتأسيس وإدارة فروع لمنظمات دولية من دون ترخيص من الحكومة المصرية، وتسلم وقبول تمويل أجنبي من الخارج بغرض إدارة فروع هذه المنظمات الدولية، بما يخلّ بسيادة الدولة المصرية.
وتصر الحكومة المصرية على عدم الحديث في القضية التي أدت إلى توتر العلاقة مع الولايات المتحدة، معتبرةً أنها لا علاقة لها بالحد من حرية الرأي، ومشددةً على أن القضاء هو من سيقول «الكلمة الفصل» فيها. وفي السياق، سعت مديرة شؤون أميركا الشمالية وممثلة وزارة الخارجية في اجتماع لجنة العلاقات الخارجية المصرية، سهى الجندي، أمس إلى التخفيف من حدة التقارير التي تتحدث عن توتر العلاقة بين واشنطن والقاهرة، مشيرةً إلى أن «العلاقات الأميركية ـــــ المصرية استراتيجية وثيقة، حتى وإن اختلفت الرؤى». إلا أن الإدارة الأميركية، التي تولي الأزمة منذ اندلاعها اهتماماً، أكدت أمس على لسان وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون أنها «تقوّم نتائج الإجراءات القانونية المتخذة في مصر ضد النشطاء»، مشيرةً إلى أنه «سيكون لنا تعليق آخر بعد أن ننتهي من ذلك التحليل وجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات».
في غضون ذلك، مرّ بيان الحكومة المصرية أمام البرلمان أمس دون أي مفاجآت، رغم ما ردده عدد من نواب مجلس الشعب عن نية المجلس سحب الثقة من الحكومة لفشلها في التعامل مع الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية خلال فترة عملها منذ توليها المسؤولية. وكل ما استطاع رئيس المجلس، محمد سعد الكتاتني، فعله أن أحال بيان الحكومة الأول إلى لجنة خاصة من أعضاء البرلمان للرد عليه، مانعاً النقاش حوله حتى انتهاء هذه اللجنة من تقريرها.
أما رئيس الوزراء، كمال الجنزوري، فتطرق في بيانه إلى الوضع الداخلي، واعداً بتحقيق تطلعات الشعب، بالإضافة إلى تحديده أسس علاقة مصر بدول العالم. وتعهد بـ«مراعاة التوازن والاحترام المتبادل، وعدم التدخل في شؤون الآخرين، وعدم قبول الوصاية أو الإملاءات أو الشروط من الغير»، مضيفاً إن الحكومة تسعى إلى عودة ريادة مصر في محيطها العربي والإقليمي، «ومساندة الشعب الفلسطيني ودعمه في سعيه للحصول على حقوقه المشروعه وإقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس».
وعن الوضع الداخلي، شدد رئيس الوزراء على خريطة المرحلة الانتقالية التي وضعها المجلس الأعلى للقوات المسلحة لإنهاء الفترة الانتقالية، بأن يتم وضع الدستور الجديد للبلاد، خلال شهري نيسان وأيار. ولفت إلى أنه «سيعبر عن آمال الشعب باختلاف أطيافه وتياراته» بأن تجرى انتخابات رئاسة الجمهورية خلال شهر حزيران بقوله «لن يأتي أول تموز إلا عندنا رئيس منتخب».
كذلك تحدث الجنزوري عن أن حكومته عملت على تحقيق العدالة الاجتماعية بين فئات المجتمع باعتبارها أحد أهداف «ثورة 25 يناير»، مؤكداً أن شباب الثورة «لم يحصدوا نصيباً وافراً على الجانب السياسي»، لذا، لا بد من أن يتم العمل على تهيئة المناخ الاقتصادي لهم ليحيوا حياة كريمة. وأعاد رئيس الحكومة ترديد كلام الرئيس المخلوع حسني مبارك نفسه بأن مشكلات مصر ترجع إلى تركيز السكان في منطقة الدلتا، مطالباً بأن يتجه السكان نحو الصحراء وإعمارها.
من جهةٍ ثانية، استمعت أمس لجنة هيئة مكتب مجلس الشعب إلى أقوال النائب زياد العليمي حول تصريحاته التي عدّت مسيئة للمشير حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة. ورفض العليمي مجدداً الاعتذار للمشير، مؤكداً أن استخدامه للمثل الشعبي «منسبش الحمار ونضرب البردعة»، في تعليقه على أحداث مجزرة «بور سعيد» هو تعبير مجازي وليس سبّاً لأحد.