خلال المؤتمر الدولي للدفاع عن القدس الذي يُعقد في الدوحة على مدى يومين، بحضور الدول الإسلامية، جدّد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أمس، دعوة العرب والمسلمين إلى زيارة المدينة المحتلة، معتبراً أنّ مثل هذه الزيارات لا تدخل في إطار التطبيع. أما الأمير القطري حمد بن خليفة، فاقترح الذهاب إلى مجلس الأمن الدولي لوقف تهويد القدس، محذراً من أن الشعوب التي ثارت لن تقبل بظلم بعد الآن من الاحتلال. ويشارك في مؤتمر الدوحة، الذي يناقش وضع القدس، ممثلون عن نحو 70 دولة (350 مشاركاً)، إضافة إلى خبراء وباحثين ومؤرخين وقانونيين عرب وأجانب، وممثلين عن حركة «ناطوري كارتا» اليهودية المعارضة بشدة للصهيونية ولدولة إسرائيل.
وقال عباس، في كلمة الافتتاح، إن سلطات الاحتلال تتخذ إجراءات تهدف إلى «تهويد القدس وتكريسها عاصمة لدولة الاحتلال». وقدم شرحاً مفصّلاً للأوضاع في مدينة القدس، وقال: «تشهد القدس تسارعاً غير مسبوق في الهجمة الاستيطانية»، وتجري «إحاطة القدس بجدار الفصل العنصري وبطوق من المستوطنات لعزل المدينة عن محيطها». وطالب العرب والمسلمين بزيارة القدس رغم الاحتلال، وقال «ومن هنا تبرز ضرورة أن نشجع كل من يستطيع، وخاصة إخوتنا من الدول العربية والإسلامية، إضافة إلى إخوتنا العرب والمسلمين والمسيحيين في أوروبا وأميركا، على التوجه لزيارة القدس». وأضاف أن «هذا التحرك سيكون له تداعياته السياسية والمعنوية والاقتصادية والإنسانية، فالقدس تخصّنا وتمسّنا جميعاً، ولن يستطيع أحد منعنا من الوصول إليها. إن تدفق الحشود إليها وازدحام شوارعها والأماكن المقدسة فيها سيعزز صمود مواطنيها ويسهم في حماية وترسيخ هوية وتاريخ وتراث المدينة، المستهدفة بالاستئصال، وسيذكّر المحتلين بأن قضية القدس هي قضية كل عربي وكل مسلم وكل مسيحي». وأكد أن هذه الزيارة لا تعتبر تطبيعاً مع الاحتلال، قائلاً «أؤكد هنا أن زيارة السجين هي نصرة له، ولا تعني بأي حال من الأحوال تطبيعاً مع السجان».
بدوره، دعا الشيخ حمد بن خليفة إلى إصدار توصية بالتوجه إلى مجلس الأمن الدولي للمطالبة بلجنة تحقيق بشأن ما تقوم به إسرائيل في مدينة القدس الشرقية. وقال في كلمته «لدي اقتراح أن يصدر المؤتمر توصية بالتوجه إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار بتشكيل لجنة تحقيق دولية للتحقيق في الإجراءات التي قامت بها إسرائيل في القدس منذ عام 67 لطمس معالمها الإسلامية والعربية». وأضاف أن ذلك يأتي «لإجبار إسرائيل على التراجع عن الإجراءات التي اتخذتها لتهويد القدس». كذلك دعا إلى «اعداد استراتيجية للمشاريع التي تحتاجها المدينة»، مؤكداً استعداد بلاده «للمساهمة في وضع الاستراتيجية موضع التطبيق». وحذر «الدول في الغرب والشرق من أن الرأي العام العربي قد نهض، وأنه لا يقبل بالعجز جواباً عن قضايا الأمة التي تؤرقه»، متسائلاً «هل يعقل أن الشعوب التي لم تعد تصبر على الظلم في داخلها سوف تقبل بظلم الاحتلال؟».
وتداول على الكلمات الافتتاحية للمؤتمر الدولي للدفاع عن القدس عدد من الخطباء، من بينهم الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، ورئيس الوزراء المغربي عبد الإله بنكيران الذي ألقى كلمة نيابة عن ملك المغرب، والأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلو. كذلك ألقى ممثل حركة «ناطوري كارتا»، إسرائيل هيرش، كلمة أكد فيها «التضامن المطلق مع سكان القدس، والمعارضة الأكيدة للاحتلال الصهيوني للقدس، والأهمية الكبرى لإنهاء الاحتلال الصهيوني الوحشي لأرض فلسطين المقدسة».
ويناقش المؤتمر وضع القدس من خلال أربعة محاور أساسية هي: «القدس والقانون الدولي» و«القدس والتاريخ» و«القدس والاستيطان» و«القدس ومنظمات المجتمع الدولي». ومن المقرر رفع توصيات مؤتمر الدوحة إلى مؤتمر القمة العربية الثالثة والعشرين الذي سيعقد في العاصمة العراقية بغداد، أواخر الشهر المقبل.
(أ ف ب، رويترز)