تونس | أراد رئيس المجلس الوطني السوري، برهان غليون، أمس، أن يكون «مؤتمر أصدقاء الشعب السوري» منعطفاً في «الثورة السورية»، إلا أنّه عبّر في نهاية الاجتماع عن خيبته «السياسية» من هذا الملتقى الدولي. وأورد غليون في كلمته أمام المؤتمر 4 نقاط أساسية قال إنه جاء لتأمينها للشعب السوري «الطامح للانعتاق»: النقطة الأولى تُختصر في تقديم الإغاثة الفورية، بما في ذلك الإعلان عن وجود مناطق منكوبة في سوريا، وفتح ممرات آمنة لإمداد الأهالي بالمعونات العاجلة، وإخراج الجرحى والنساء والأطفال من الأحياء والمدن المحاصرة، وإيجاد مراكز لتجميع المساعدات الإنسانية في دول الجوار.

النقطة الثانية جاءت لتعطي تفسيراً أكبر للنقطة الأولى، وتشير إلى «ضرورة تأمين وضمان حرية العمل والحركة لمنظمات الإغاثة الدولية ومنظمات حقوق الإنسان لمساعدة الأهالي». أما النقطة الثالثة، فدعا فيها «إلى ضرورة توفير جميع الوسائل الكفيلة بحماية المدنيين السوريين»، وهو ما أثار جدلاً كبيراً بشأن ماهية تلك الحماية، فيما فسرها البعض على أنها مطية تدخل دولي. النقطة الأبرز كانت الرابعة، التي طالب من خلالها بالاعتراف بالمجلس الوطني كممثل شرعي للسوريين، وهو ما يبدو أنه لم يجرِ في نهاية المؤتمر، وما جعله يعبّر عن «خيبة أمله».
وقدم غليون مجموعة من الاقتراحات، منها سعيه إلى كسب الأكراد، حين قال إن حكومة سوريا الجديدة ستكون لا مركزية، وإنهم سيتمتّعون بحقوقهم الوطنية التي يطالبون بها. وعرض رؤية المجلس لمرحلة ما بعد بشار الأسد، واقترح تشكيل مجلس رئاسة مؤلف من القادة الوطنيين، وتأليف حكومة انتقالية من الشخصيات العسكرية والسياسية والخبراء الذين لم يحاربوا الثورة، كما اقترح إنشاء مجلس لمعالجة تجاوزات نظام الأسد، ومنع أيّ أعمال انتقامية سياسية أو طائفية.
وكانت لافتة أمس مقاطعة هيئة التنسيق الوطنية السورية المعارضة للمؤتمر، بعدما كان من المقرر أن تشارك، مشيرة، في بيان لها، إلى أن الاجتماع يحدد «من يمثل الشعب السوري» بدلاً من الشعب السوري، ولا يستبعد على نحو واضح «عسكرة» الحركة الاحتجاجية، او التدخل الخارجي. وأوضح رئيس الهيئة في المهجر، هيثم مناع، «اتخذنا هذا القرار لأن ورقة العمل المقدمة إلى المؤتمر المذكور تتضمن فقرات أساسية تتعارض مع خط الهيئة، والمصلحة القومية العليا لسوريا، ومصلحة الثورة السورية». وقال «هناك عناصر ستعمق الخلاف بين أطراف المعارضة السورية، عوضاً عن تقريبها وفتح باب الأنموذج الليبي في العلاقة مع الجامعة العربية، أي أن تصبح الجامعة مجرد مفوض للآخرين للتصرف في الشؤون السورية».
وعلى هامش المؤتمر، قال نائب رئيس المجلس الوطني السوري، محمد فاروق طيفور، لـ«الأخبار» إنه «لو بقي النظام السوري يتصرف وفق نفس الاستراتيجية في قمع المدنيين، فإن الجيش الحر وكافة العناصر المنشقين سيضطرون الى التصعيد بالضرورة». وأوضح أنه «إذا طال أمد الحرب، فإن الأطراف الدولية ستكون مدفوعة الى اتباع منهج مختلف». وقال إنه «يتوقع أن يفضي المؤتمر الى إنشاء صندوق لدعم الاحتياجات الإنسانية العاجلة للمدن السورية المحاصرة من قبل القوات النظامية»، مضيفاً إن «هناك مناطق في سوريا تحتاج من دون شك إلى مساعدات عاجلة».
وتطرق طيفور أيضاً الى أزمة المعارضة السورية وإمكانات تفريقها، وقال موضحاً السبب الأساسي الذي يفرق بين هيئة التنسيق السورية والمجلس الوطني «يبقى أن الهيئة تضم تابعين للنظام، وهم يريدون نجاح الثورة عن طريق التفاهم والحوار مع نظام الأسد». وأضاف إن «هذا النهج يتعارض مع استراتيجية المجلس الوطني السوري، الذي يسعى إلى إطاحة الأسد ولا يريد التشاور معه».
وعن اتهام الحقوقي السوري هيثم المانع للمجلس الوطني السوري بتلقيه في الفترة الأخيرة أموالاً طائلة من بعض المنظمات الغربية، أكد الطيفور «أن المجلس الوطني السوري لم يتلق ولو مليماً واحداً من أي طرف. وهنا لا بد من القول إن كافة الوفود السورية التابعة للمجلس الوطني تتحرك بالاعتماد على تمويلات ذاتية».
ورغم أن طيفور كان حذراً في تصريحاته، فإن عضو المجلس الوطني السوري، محي الدين اللاذقاني، قال لـ«الأخبار» إن «المعارضة السورية تريد من «أصدقاء سوريا» دعماً مباشراً لفتح ممرات آمنة لإيصال المساعدات إلى المدن المحاصرة من النظام، والعمل على فرض مناطق عزل، والمساعدات الإنسانية، إلى حين سقوط النظام، حيث ستقوم حكومة وحدة وطنية تقوم بتسيير البلاد».
لكن اللاذقاني قال إنه لا يوافق الرئيس التونسي منصف المرزوقي في مبادرته باتباع الحل اليمني في سوريا، مفسراً أن الحل اليمني في سوريا مرفوض لاختلاف الظروف السياسية الحالية عن باقي الثورات، فحسب رأيه لكل ثورة خصوصياتها. وأوضح أن «النموذج اليمني طبق على أساس مبادرة، وبعدما قام (الرئيس اليمني علي) صالح بسفك دماء قليلة، مقارنةً بما يحدث في حمص مثلاً». وأضاف إن «الشعب السوري لن يرضى بأن تتوافر حصانة للأسد».