مرة أخرى يتعارض تقدير 16وكالة استخبارية أميركية، مع الموقف الإسرائيلي المعلن من الموضوع النووي الإيراني، بعدما كشفت صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» عن تقرير أميركي، وُصف بالسري، يفيد بأن إيران تعمل للوصول إلى الوضع الذي يمكّنها من إنتاج أسلحة نووية، لكن من دون الإقدام على ذلك. وبالرغم من تقدير الاستخبارات الأميركية أن إيران لا تنوي، في المرحلة الحالية، انتاج أسلحة نووية، إلا أن الموقف الرسمي الأميركي الرافض للخيار العسكري في مواجهة ايران، غير مرتبط فقط في نهاية المطاف بحقيقة نوايا ايران، بل على نحو أساسي بخطورة نتائج وتداعيات أيّ خطوة عسكرية على الأمن القومي الأميركي. واللافت أن توقيت الكشف عن مضمون هذا التقرير، الذي يعبر عن موقف 16 وكالة استخبارية أميركية، من الصعب فصله عن لقاء الرئيس الأميركي باراك اوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المرتقب في الخامس من اذار المقبل، وفي ذروة الحوار الأميركي الإسرائيلي بشأن الخط الأحمر في القضية الإيرانية.
في موازاة ذلك، من المؤكد أن الموقف الإسرائيلي المتشدّد في الدعوة إلى مهاجمة ايران، لا ينبع من رفض مضمون التقرير الاستخباري الأميركي، بل من رفض إسرائيل المطلق لوصول ايران إلى دولة «حافة نووية» يُسمح لها بإنتاج السلاح النووي، حتى لو لم تقدم على ذلك، وهو أمر يؤكده عدم معارضة إسرائيل المعلومات الأساسية في التقرير وتحليلها، بحسب ما نقل موقع «يديعوت احرونوت» الإلكتروني، عن مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى.
في ضوء ذلك، أكدت مصادر دبلوماسية أميركية للموقع نفسه، أن «أوباما سيحاول إقناع نتنياهو بجدية عزمه على منع ايران من التحول إلى دولة تمتلك سلاحاً نووياً»، لا دولة نووية كما تطمح إسرائيل، لكن المصادر نفسها أكدت على أن «الكلام لا يكفي، بل ينبغي وجود ثقة بين الطرفين من أجل ان يجري استيعاب الكلام كما ينبغي».
الكشف عن التقرير الاستخباري، بالمضمون المُشار اليه، يُذكِّر بمثيله الذي صدر عن الجهات نفسها عام 2007، وأكد في حينه أن ايران أوقفت نشاطاتها لتطوير سلاح نووي، في عام 2003، إبان فترة الرئيس الأميركي جورج بوش. وبالرغم من التشابه بين التقريرين، إلا أن التباين الجوهري يكمن في الاختلاف الجذري بين ظروف ايران والمنطقة حالياً، وما كانت عليه في تلك الفترة. كذلك، فإن الاختلاف يبرز أيضاً في ما يتعلق بالخط الأحمر الإسرائيلي الذي كان يتمحور في حينه حول الرفض التام لتخصيب اليورانيوم على الأراضي الإيرانية، أما الآن، فبات يتركز على ضرورة المبادرة العسكرية قبل تبدّد الفرصة، المقدّرة بعدة أشهر فقط، بفعل إدخال أجهزة الطرد المركزي إلى منشأة فوردو المحصنة، بالقرب من مدينة قم.
إلى ذلك، أفادت تقارير اعلامية إسرائيلية بأن الأميركيين يضغطون على المسؤولين في تل ابيب، للانتظار على الأقل إلى فترة الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني المقبل، فيما يُعبِّر هؤلاء عن عدم ثقتهم بإمكان الانتظار حتى تلك الفترة، سواء بفعل الشكوك الإسرائيلية إزاء النوايا الأميركية، او لأن نتنياهو ووزير دفاعه ايهود باراك لا يريدان الوصول إلى الوضع الذي يصبح فيه مصير إسرائيل مرتبطاً حصراً بيد الأميركيين.
في هذا الوقت، هاجم باراك، الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، على خلفية ما نُشر في صحيفة «هآرتس» بشأن عزمه على التعبير أمام أوباما خلال لقاء مرتقب معه عن معارضته لأي هجوم على المنشآت النووية الإيرانية.