سوريا | أبلغ الملك السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف، خلال اتصال أجراه الأخير معه أمس، عدم جدوى أي حوار الآن بشأن ما يجري في سوريا، في تصعيد سعودي غير مسبوق من حيث اللهجة تجاه روسيا، منذ الإدانة التي صدرت عنها في ما يخص الفيتو الذي استخدمته موسكو والصين في مجلس الأمن. ونسبت وكالة الأنباء السعودية الرسمية إلى الملك قوله لمدفيديف «كان الأولى بالأصدقاء الروس أن يقوموا بتنسيق روسي عربي قبل استعمال حق النقض في مجلس الأمن» ضد مشروعي قرار يدينان القمع في سوريا. «أما الآن، فإن أي حوار حول ما يجري لا يجدي». وأضافت أن الملك «أجاب» مدفيديف لدى عرض أوضاع المنطقة، و«خصوصاً سوريا»، بأن «السعودية لا يمكن إطلاقاً أن تتخلى عن موقفها الديني والأخلاقي تجاه الأحداث الجارية» في هذا البلد.
وقالت روسيا أمس إنها تدعم دعوة اللجنة الدولية للصليب الأحمر لهدنة يومية لمدة ساعتين في سوريا، لنقل المساعدات الإنسانية، إلا أنها تعارض إقامة ممرات إنسانية. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية، ألكسندر لوكاشيفيتش، إن روسيا «قلقة للغاية» بنحو متزايد بشأن الوضع الإنساني في سوريا، وإنها تدعو الرئيس بشار الأسد والمعارضة المسلحة إلى وقف العنف.
إلا أن نائب وزير الخارجية الروسي، غينادي غاتيلوف، أكد أمس أن روسيا تعارض الاقتراح الفرنسي بإقامة «ممرات إنسانية» في سوريا، حيث إن ذلك لن يؤدي سوى إلى «تفاقم النزاع». وقال غاتيلوف «إنها مسألة معقدة جداً، وبحسب علمنا فإن الأمر سيتطلب آلية خاصة وقوات، ومنطقياً فإن ذلك قد يؤدي إلى استخدام القوة». وقال إن الفكرة التي تؤيّدها موسكو والصليب الأحمر هي ضمان «هدنة إنسانية وليس ممرات إنسانية». وقال غاتيلوف إن القلق يتزايد في روسيا بشأن أنباء عن تلقّي المعارضة المسلحة في سوريا مساعدات عسكرية من الخارج. ولفت إلى «أن تلقّي المعارضة المسلحة الدعم من الخارج هو حقيقة مثبتة». وأضاف أن «الشحنات التي تعبر الحدود من لبنان تدعم المعارضة المسلحة، ونشعر بأن ذلك لا يؤدي سوى إلى إشعال الوضع وتصعيده».
ونقلت وسائل إعلام روسية عن غاتيلوف قوله في مؤتمر صحافي، معلقاً على تصريحات للسيناتور الأميركي جون ماكين ومواقف بعض الساسة الأميركيين، إن «دعوات الولايات المتحدة إلى إنشاء منطقة حظر للطيران فوق سوريا هي تحريض مباشر على تطبيق السيناريو العسكري». ووصف هذه الدعوات بغير المقبولة، قائلاً «نسمع باستمرار تصريحات تفيد بأن السيناريو الأمني مستحيل. لكننا نعرف أن سيناريوات كهذه تدرس، ولا يمكن ألا يبعث ذلك بالنسبة إلينا إلا القلق». وقال في إشارة إلى تصريحات للمتحدثة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند أنها لا تستبعد اتخاذ إجراءات إضافية، عدا عن الإجراءات الدبلوماسية، لحل الأزمة في سوريا، «إذا كان القصد استخدام القوة أو تنفيذ سيناريو عسكري في سوريا، فإننا نرفض هذا رفضاً قاطعاً بالطبع».
ومساءً، أعلن الكرملن أن مدفيديف أجرى اتصالاً بنظيره الإيراني محمود أحمدي نجاد، وأكد الرئيسان الروسي والإيراني ضرورة حل أزمة سوريا من دون تدخل أجنبي. كذلك أجرى مدفيديف اتصالاً برئيس الوزراء العراقي نوري المالكي. وذكر بيان صادر عن المكتب الإعلامي للمالكي أن «وجهات النظر كانت متفقة على ضرورة وقف العنف وقفاً شاملاً وإقامة حوار من شأنه التوصل إلى حل سياسي يحقق الأهداف المشروعة للشعب».
وقالت الأمم المتحدة أمس إن مسؤولة الشؤون الإنسانية فاليري أموس ستتوجه إلى سوريا قريباً، في محاولة لتأمين دخول عمال المساعدات لإيصال مساعدة عاجلة إلى المحاصرين في مناطق الصراع في البلاد. وقال المتحدث باسم الامم المتحدة، ادواردو ديل بوي، إن الأمين العام للمنظمة بان كي مون سيوفد أموس إلى سوريا «لتقييم الوضع الانساني وتجديد الدعوة لإتاحة الدخول على نحو عاجل» لتقديم المساعدة الانسانية. وأضاف أنه لم يجر تحديد موعد لزيارة أموس.
وقال دبلوماسي عربي مقيم في تونس إن مؤتمر «أصدقاء سوريا» «تُنظمه وتُموّله دولة قطر»، بينما تكتفي تونس بتسهيل الإجراءات التنظيمية. وطالب المجلس الوطني السوري، أمس، المجموعة الدولية بإقامة «مناطق آمنة» في البلاد، مشيراً إلى أن التدخل العسكري قد يكون «الخيار الوحيد». وخلال مؤتمر صحافي في باريس، أعلن المجلس الوطني السوري أنه سيشارك في مؤتمر أصدقاء سوريا، وأنه سيطلب إقامة «مناطق آمنة داخل سوريا» لإفساح المجال أمام المعارضة لتنظيم صفوفها.
وكشفت المتحدثة باسم المجلس، بسمة قضماني، عن بيان سيقدم في اجتماع الجمعة في تونس، دعا خلاله المجلس روسيا إلى الضغط على نظام الرئيس بشار الاسد للسماح بدخول القوافل الانسانية. وقالت قضماني «بعد إخفاق خطة السلام التي وضعتها الجامعة العربية لحل الأزمة في سوريا، فقد حان الوقت لكي يفكر المجتمع الدولي في التدخل العسكري في سوريا كما فعل في ليبيا». وأكدت «لقد استكشفنا كل الخيارات، وانتظرنا أن تستنفد الجامعة العربية جميع هذه الخيارات. إلا أن ذلك كله لم يثمر عن نتائج». وأضافت «ربما كان ذلك هو الخيار الوحيد. نحن نختار بين شرّين: شرّ التدخل العسكري، وشرّ الحرب الأهلية».
ولاحقاً، دعت قضماني من جنيف في تصريحات إلى الصحافيين، بعد محادثات في مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إلى تأمين ثلاثة ممرات إنسانية، وقالت «إذا حصلنا على التزام من النظام مع ضمانات روسية تسمح بإدخال المساعدة الانسانية من خلال تلك الممرات الآمنة، فإننا سنطلب ثلاثة ممرات آمنة على الأقل.. من لبنان إلى حمص، ومن الأردن إلى درعا، ومن تركيا الى إدلب». ودعت «لجان التنسيق المحلية»، أمس، الشعب السوري إلى مقاطعة الاستفتاء على الدستور جديد، قائلة إنه محاولة من الرئيس بشار الأسد للتغطية على حملة عنيفة يشنّها على احتجاجات شعبية.
(رويترز، أ ف ب، يو بي آي)