قتل 28 شخصاً، أمس، بينهم صحافيين غربيين، في العملية العسكرية الجارية في حي بابا عمرو في حمص لليوم التاسع عشر على التوالي. وجاء في بيان للمرصد السوري لحقوق الإنسان «ارتفع إلى 24 عدد الشهداء المدنيين السوريين الذين قتلوا أمس إثر القصف الذي يتعرض له حي بابا عمرو منذ الصباح». وكان قد أعلن صباحاً مقتل الصحافية الأميركية ماري كولفن (50 عاماً) والمصور الفرنسي ريمي أوشليك (28 عاماً).

وأوضح معارضون للنظام في بابا عمرو أن الصحافيين قتلا وأُصيب ثلاثة صحافيين أجانب آخرين على الأقل غيرهما بجروح في قصف طاول منزلاً حوّله ناشطون إلى مركز إعلامي في حي بابا عمرو في حمص. ومع حلول منتصف الليل، تحدثت مصادر من الصليب الأحمر اللبناني في منطقة القاع البقاعية عن أن سيارات إسعاف تابعة له تنتظر استقبال ستة صحافيين فرنسيين وأميركيين، أربعة منهم قتلى، والاثنان الآخران جريحان، لنقلهم إلى مستشفى أوتيل ديو في بيروت، مشيرة إلى أن عملية نقلهم من سوريا ستكون عبر طرق التهريب المعتادة لجرحى المعارضة المسلحة في هذا البلد.
وكولفن مراسلة كبيرة لصحيفة «صنداي تايمز» البريطانية. عرفت بتغطيتها للأحداث في مناطق عدة من العالم تشهد نزاعات. وقد نالت جائزة أفضل مراسلة في الخارج لعام 2010 في بريطانيا. وريمي مصور لوكالة «اي بي3 برس» ومقرها باريس، غطى الكثير من الأحداث في باريس والنزاعات في العالم. ونشرت الصور التي التقطها في مجلتي باري ماتش وتايم وصحيفة وول ستريت جورنال. وقد نال جائزة وورلد برس 2012 عن تغطيته لأحداث ليبيا.
ومنذ تطور الأحداث في حمص، دخل عدد كبير من الصحافيين الأجانب إلى المدينة بطريقة غير شرعية، وأعلنت السلطات السورية أمس أن لا علم لها بوجود أوشليك وكولفن على أراضيها. وقال وزير الإعلام عدنان محمود: «ليس لدى السلطات أي علم بدخول الصحافي ريمي أوشليك والصحافية ماري كولفن أو وجودهما على الأراضي السورية. وطلبنا من السلطات المختصة في حمص البحث عن مكان وجودهما ومتابعة الموضوع». وأضاف أن «الوزارة تطلب من جميع الإعلاميين الأجانب الذين دخلوا إلى سوريا بطريقة غير شرعية مراجعة أقرب مركز للهجرة والجوازات لتسوية أوضاعهم وفق القوانين المرعية».
وطالبت باريس بإمكان «الوصول الآمن» لإسعاف الجرحى في حمص. وصرح وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه، في بيان قائلاً: «إثر معلومات وردتنا من حمص مفادها أن مجموعة صحافيين تعرضت لقصف، أطلب من الحكومة السورية الوقف الفوري للهجمات واحترام الالتزامات الإنسانية الواجبة عليها».
وأضاف: «طلبت من سفارتنا في دمشق أن تطلب من السلطات السورية ضمان ممر آمن لإسعاف الضحايا بدعم من اللجنة الدولية للصليب الأحمر». ورأى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أن مقتل الصحافيين يثبت أن «على هذا النظام التنحي». وقال: «هذا يكفي الآن، على هذا النظام التنحي، وليس هناك أي سبب لكي لا يحظى السوريون بحق عيش حياتهم واختيار مصيرهم بحرية».
ونددت واشنطن بمقتل الصحافيين. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند إن «هذا الحادث المأسوي يمثّل نموذجاً جديداً للوحشية الوقحة لنظام (الرئيس بشار) الأسد». وقالت وزارة الخارجية الروسية إن «موسكو تدين بقوة، وهي قلقة جداً» بعد مقتل الصحافيين الغربيين، مشيرة إلى أن هذا «الحدث المأسوي يؤكد مرة جديدة ضرورة قيام كل أطراف النزاع السوري بوقف العنف».
وأفادت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) بأن مصوراً بريطانياً أُصيب بجروح في الهجوم. وقالت «بي بي سي» إن بول كونروي البالغ من العمر 47 عاماً كان برفقة الصحافية كولفين التي قُتلت مع المصور أوشليك. وأضافت أن جون ويثرو رئيس تحرير صحيفة «صنداي تايمز» أعلن أن التقارير تفيد بأن الجروح التي أُصيب بها المصور كونروي ليست خطيرة. وأشارت «بي بي سي» إلى أن روبرت مردوخ، مالك صحيفة «صنداي تايمز»، أعلن أن مؤسسته الإعلامية «تبذل ما بوسعها لإنقاذ المصور كونروي ونقله من حمص بأمان في مواجهة القصف ونيران القناصة، واستعادة جثة الصحافية ماري».
وبلغ عدد الصحافيين الغربيين الذين قتلوا في سوريا منذ بدء الاضطرابات في منتصف آذار الماضي ثلاثة. وقتل في 11 كانون الثاني الصحافي الفرنسي جيل جاكييه في قذيفة خلال زيارته برفقة مجموعة من الصحافيين الأجانب حمص في رحلة منظمة من السلطات.
وأفاد معارضون عن مقتل رامي السيد، أحد المواطنين الصحافيين الأكثر نشاطاً في نقل أحداث مدينة حمص، في سقوط قذيفة على سيارته في حي بابا عمرو مساء الثلاثاء. وقال عضو ما يسمى «الهيئة العامة للثورة السورية» هادي العبدالله إن رامي السيد (26 عاماً)، هو أحد أعمدة شبكة المواطنين الصحافيين الذين يزودون وسائل الإعلام العالمية وشبكة الإنترنت بالأخبار وأشرطة الفيديو والصور عن أحداث سوريا. وأشار إلى أن رامي السيد كان من أكثر الأشخاص الذين يصورون في المدينة، ومن أبرز مزودي الصور التي بدأت خلال الفترة الأخيرة تبث مباشرة من حمص عبر الإنترنت.
ورامي السيد هو ابن عم باسل السيد (24 عاماً)، المواطن الصحافي الذي قتل في 29 كانون الأول 2011 خلال قيامه بالتصوير في بابا عمرو في حمص. كما قتل قبل أسابيع المواطن الصحافي عمر السوري، واسمه الحقيقي مظهر طيارة، في حي الإنشاءات في حمص أثناء محاولته إسعاف جرحى أُصيبوا في سقوط قذيفة فأُصيب بدوره إصابة قاتلة.
وقتل أمس أيضاً مواطنان في إطلاق نار من رشاشات ثقيلة تعرضت له مدينة خان شيخون في محافظة إدلب، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، وبذلك تكون حصيلة القتل 28. وبحسب لجان التنسيق المحلية، سُجل الأربعاء أيضاً «قصف عنيف بقنابل الهاون والقذائف الصاروخية والرشاشات الثقيلة على مدينة القصير في حمص». وفي دمشق، أفادت اللجان عن خروج تظاهرة في منطقة البحصة في وسط العاصمة «هاجمتها قوات الأمن».