القاهرة | هي الحرب على النائب زياد العليمي لأنه تجرأ وهاجم رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، المشير حسين طنطاوي، والداعية السلفي الشيخ محمد حسان. الأول بسبب موقفه من أحداث بورسعيد، التي راح ضحيتها أكثر من 70 قتيلاً، والثاني بسبب مبادرته بجمع تبرعات من المواطنين بدلاً من الاعتماد على المعونة الأميركية. قال العليمي في حق المشير المثل المصري الشهير يجب «أن لا نترك الحمار ونمسك بالبردعة» (غطاء ظهر الحيوان). وقال في مبادرة حسان إنه «لا يجب على الشيخ أن يقول إنه سيجمع تبرعات حتى من بائعة الفجل، فهؤلاء الغلابة يحتاجون إلى التبرعات لا إلى أن يتبرعوا هم للدولة».
بناءً عليه، أعلن القضاء العسكري أنّه تلقى آلاف البلاغات ضدّ النائب تطالب بمحاسبته على إهانته للمشير، فيما أعلن رئيس مجلس الشعب أنّه تلقى برقيات كثيرة تطالب برفع الحصانة عن العليمي ومحاكمته. وشارك غالبية أعضاء المجلس، المنتمين إلى التيار الإسلامي، في الحملة الشرسة على العليمي، بل قادوها، وطالبوه بالاعتذار عما قاله في حق شيخهم، بينما وقف النائب مصطفي بكري، المعروف بعلاقاته القوية مع العسكر، ليطالب بمحاكمة زياد لأنه وصف المشير بـ«الحمار».
الأزمة كادت أن تنتهي بعد زيارة العليمي للشيخ حسان في مكتبه، واتفاق عدد من ممثلي الأحزاب على أن يتقدم بصيغة اعتذار لما نُسب إليه من تصريحات. لكن جلسة أول أمس، شهدت تراجعاً عن الاتفاق، إذ وقف خلالها النائب يقول: «لا أرى حرجاً في الاعتذار إذا ما فهم أحد من زملائي أو الشعب المصري، أني قصدت الإساءة إلى الشيخ حسان، وهذا أقصى ما يمليه علي ضميري»، مؤكّداً أنه لم يسب المشير.
صيغة رفضها أعضاء المجلس، وطالبوه بالاعتذار صراحة من الشيخ حسان والمشير، فما كان من العليمي إلا الرفض، مصراً على أن الصيغة كتبها ممثلو الهيئات البرلمانية. وهو ما أكّده ممثل الهيئة البرلمانية عن حزب الوسط، عصام سلطان، معلناً أن الصيغة التي تلاها النائب العليمي مقبولة «وأراد بها الاعتذار، وليس مقبولاً أن نطالبه بأن ينحني ليلمس الأرض»، مضيفاً أن جميع الأعضاء في هذا المجلس سيدفعون ثمن هذا التصرف. وأكد أنّ العليمي كان يتلو نص الاعتذار الذي كتبه نائب حزب «الحرية والعدالة»، محمد البلتاجي، وهي الصيغة التي جرى التوافق عليها بحضور وكيلي المجلس، أشرف ثابت ومحمد عبد العليم داود، وحرص زياد على ألا يخرج عنها.
مع ذلك، قرّر رئيس المجلس، سعد الكتاتني، إحالة النائب للتحقيق أمام هيئة مكتب رئاسة المجلس. وقد استغرب النائب عمرو حمزاوي، موقف المجلس من العليمي، في الوقت الذي رفض من قبل محاسبة نائب اتهم مواطناً مصرياً بالعمالة للخارج، مستطرداً: «عندما اتهم النائب مصطفى بكري، محمد البرادعي بالعمالة لأميركا رفض المجلس أن يحقق معه». لكن المتحدث باسم الهيئة البرلمانية لحزب «النور»، أحمد خليل، قال إن العليمي أحرج الحزب عندما أعلن على موقعه الخاص في «تويتر» أنه لم يقدم اعتذاراً للشيخ محمد حسان.
وكان مجلس الشعب قد تلقى رسالتين، واحدة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة وثانية من الشيخ حسان. العسكري دافع في رسالته عن نفسه، واتهم البعض بمحاولة الوقيعة بين الجيش والشعب، وبين الجيش وقياداته، وحذر كل من «يتطاول على القوات المسلحة»، مؤكّداً فيها أنه سينتظر ما ستسفر عنه الإجراءات التي اتخذها مجلس الشعب، مثمناً الإجراءات التي بادر فيها البرلمان تجاه «العضو الذي تطاول على المجلس الأعلى».
ورأى المجلس العسكري في رسالته أن الألفاظ التي قالها النائب «يعف اللسان عن ذكرها، بهدف الوقيعة بين الشعب وقواته المسلحة، وإثارة الفتن، تشكل جرائم مكتملة الأركان». وأضاف أن «الألفاظ الخارجة عن حدود الأدب واللياقة لا يمكن أن تبرر بعدم جواز مؤاخذة نائب الشعب على ما يبديه من آراء؛ فهذه حصانة مشروطة بشرط أولي، هو صدور الأقوال والآراء في ساحات المجلس». واتهم المجلس «محاولات قلة، النيل من جيش مصر، والعمل على شق الصف بين قيادته، لهدم ركن ركين من أركانها، ليدفعوا مصر إلى فوضى لا تُبقي ولا تذر». لكنه عاد وأكد أن هذه المحاولات لن تفلح «فتضافر شعبنا الواعي والقوات المسلحة الباسلة سيرد كيد الكائدين ويبطل سعي المتربصين».
على العكس من ذلك، جاء في رسالة حسان، التي تلاها أمام أعضاء المجلس، أنه استقبل العليمي، وبيّن له وجه نظره في ما قاله، واعتذر له و«أنا عفوت وسامحت لله».