غزة | غرق قطاع غزة في الظلام، لليوم الثاني على التوالي، بعد توقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع عن العمل، إثر أزمة توريد الوقود عبر أنفاق التهريب أسفل الحدود مع مصر، وسط حال غليان تخيّم على 1.7 مليون فلسطيني يقطنون القطاع الساحلي المحاصر منذ خمسة أعوام. وحمّل فلسطينيون، في أحاديث مع «الأخبار»، الحكومتَين في غزة والضفة المحتلة، المسؤولية عن أزمة الكهرباء، وأزمات كثيرة تنغّص عليهم حياتهم، كتلوث المياه، والإنترنت البطيء، وشبكات الصرف الصحي المهترئة، وتدنّي الخدمات الصحية نتيجة الانقسام السياسي. وحذّرت «اللجنة العليا لفك الحصار عن غزة» من انفجار شعبي ضد من يشاركون في تجويع القطاع، وطالبت كافة الجهات المسبّبة لأزمة الكهرباء بالتدخُّل العاجل لوقف هذه الأزمة قبل وقوع كوارث إنسانية. وقال رئيس اللجنة العليا، محمود أبو دف، خلال اعتصام شاركت فيه النقابات المهنية أمام مقر الأمم المتحدة في مدينة غزة، إنّ «انقطاع التيار الكهربائي سيؤثّر تأثيراً خطيراً على مجمل جوانب الحياة، وفي مقدمتها قطاع الصحة، فهناك الآلاف من المرضى ممّن يشرفون على بوابات الموت جرّاء ذلك». وأوضح أنّ «المخزون الحالي يكفي لتشغيل مستشفيات وزارة الصحة ومراكزها لمدة ثلاثة أيام فقط، وفي حال توقفت محطة توليد الكهرباء عن العمل كلياً، فلن تكفي الكمية إلا ليوم واحد». وأشار أبو دف إلى الآثار السلبية لأزمة الكهرباء على العملية التعليمية، حيث يحرم الطلبة من متابعة دروسهم بطريقة اعتيادية، ما يؤدي إلى خفض تحصيلهم العلمي.
وحمَّل الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن الحصار وأزمة الكهرباء، إضافة إلى تذكيره بأن السلطة الفلسطينية مسؤولة عن حياة أكثر من مليون وسبعمئة ألف فلسطيني يغرقون في الظلام. وناشد أبو دف الدول العربية، وخصوصاً مصر، ضرورة التدخل لإنهاء هذه الأزمة.
تحذير إنساني مشابه صدر عن المسؤول في نقابة الأطباء في غزة، عبد المنعم لبد، «قبل أن تنقلب الأمور ويثور الشارع ضد كل من سبّب معاناة الشعب الفلسطيني وحصار غزة». بدورها، نبّهت وزارة الصحة في حكومة «حماس» المقالة إلى أن مخزونها من مادة السولار اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية في المستشفيات ومراكز الرعاية الأولية سينفد بالكامل في مدة تتراوح ما بين يوم إلى يومين فقط. وبحسب المتحدث باسم وزارة الصحة، الدكتور أشرف القدرة، فإن أكثر من 80 في المئة من مرضى غزة مهدَّدون بتفاقم وضعهم الصحي جرّاء توقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع.
وتحدث القدرة عن «كارثة صحية ستطال كافة المرضى المنوّمين في الأقسام الحيوية في المستشفيات مباشرة، الذين يعتمد علاجهم على استمرار التيار الكهربائي المرتبط بالأجهزة الطبية، ولا سيما الأطفال الخدَّج في أقسام الحضانة. كذلك فإن الخطر يطاول حياة أكثر من 400 شخص من مرضى الفشل الكلوي، «ويُعتبر توقف الأجهزة عن وظيفتها الحيوية بسبب انقطاع التيار الكهربائي بمثابة إعلان ضمني بإنهاء حياتهم، إضافة إلى نحو 66 مريضاً من الأطفال والنساء والشيوخ والشبان سيواجهون المصير نفسه في غرف العناية الفائقة» وفق تعبير القدرة. فضلاً عن هؤلاء الضحايا المحتملين، فإن 39 غرفة عمليات ستتوقف بالكامل عن العمل، إذا استمرت أزمة الكهرباء.