الكويت | بعد أخذ وردّ بين رئيس الحكومة الكويتية المكلّف جابر المبارك الصباح، والمعارضة التي يطغى عليها الإسلاميون، أبصرت التشكيلة الحكومية النور، أمس، خالية من أيّ معارض، لتدخل البلاد مرحلة جديدة، يبدو أن التأزيم سيكون عنوانها الأبرز، وفيما رفضت السلطة الحاكمة شروط المعارضة للمشاركة في الحكومة، أُعلنت التشكيلة الوزارية التي أدّت اليمين الدستورية، لتحضر اليوم الجلسة الأولى لمجلس الأمة، الذي وُلد بعد الانتخابات الأخيرة التي جرت في الثاني من الشهر الجاري، وحصل فيها الإسلاميون على أكثر من 30 نائباً من أصل 50. وكانت المعارضة قد اشترطت الحصول على 9 وزراء من أصل 15، على أن يكون وزراؤها من غير النواب، لتضمن أكثرية في كل من مجلسي الوزراء والأمة، حيث يحق للوزراء التصويت، كما اشترطت، للدخول في الحكومة، التزام مبدأ تعديل الدوائر الانتخابية، فضلاً عن ضرورة تحقيق إصلاحات سياسية واسعة وإقرار تعديلات دستورية.
وضمّت الحكومة الجديدة ستة أعضاء من مجلس الوزراء السابق المثير للجدل، الذي كان يرأسه ناصر المحمد الصباح. وأبرز العائدين وزراء الداخلية والمالية والبلدية، بينما أربعة من أعضائها كانوا في السلك العسكري، الأمر الذي أثار استغراب المعارضة، التي رأت أن الكفاءة لم تكن هي المعيار في تأليف الحكومة، بحسب ما وعد به رئيسها جابر المبارك الصباح في وقت سابق.
وكان بارزاً غياب النساء عن التشكيلة الوزارية للمرة الأولى منذ إقرار حقوقهن عام 2006، ولعلّ هذا الغياب يعكس غيابهن عن التمثيل الشعبي أيضاً، حيث لم تفز أي امرأة في الانتخابات التشريعية الأخيرة. وفور إعلان التشكيلة الحكومية، سارع أقطاب المعارضة إلى التنديد والاستنكار والتهديد، فأكد النائب السلفي وليد الطبطبائي أن «الحكومة الجديدة فيها نفس النهج السابق ولم يتغير»، متّهماً بعض الوزراء بأنهم «عناصر تأزيمية، وكان لهم دور كبير في التأزيم في عهد الحكومة السابقة». وأعرب عن خيبة أمله من الأسماء الجديدة، وأسفه من رفض تخصيص تسع حقائب للغالبية النيابية، وأشار في تعليقه إلى وجود «مَن يخلق أزمة» في الإمارة، حتى إنه رأى أن «هذه الحكومة ستكون مؤقتة، ومهمتها محصورة في التصريف العاجل للأعمال لانتخاب رئيس مجلس الأمة ونائبه».
بدوره، أدلى النائب الإسلامي المعارض، مبارك الوعلان، بتصريح حمل النبرة نفسها لزميله الطبطبائي، إذ أعرب عن خيبة أمله في التشكيلة، واتهم بعض أعضائها بحمل «نفس عنصري بغيض»، مع تسجيله «غياب الانسجام عنها كفريق عمل»، كما توقع أن يكون التصادم قريباً معها. أما من ناحية الموالاة، فقد وصف النائب علي الراشد الحكومة الجديدة بأنَّها «حكومة تكنوقراطية، ولم تخضع للمحاصصة»، مشدداً على «وجوب إعطائها الفرصة للعمل». إلا أنَّ الراشد استنكر عدم وجود أي امرأة في الحكومة الجديدة، شأنها في ذلك شأن مجلس الأمة 2012. وفي السياق، ذكرت مصادر أن الحكومة سوف تصوّت لمصلحة النائب محمد جاسم الصقر، المرشح لرئاسة مجلس الأمة، ضد النائب أحمد السعدون المدعوم من الإسلاميين. وكشفت المصادر أنّ المعارضة اتفقت على التصويت لكل من السعدون لرئاسة المجلس، والنائب السلفي خالد السلطان لمنصب نائب الرئيس علناً من دون التقيّد بالتصويت الإلكتروني المعمول به في المجلس منذ عام 2006، بحيث يكون التصويت ورقياً، بحجة أن النظام الإلكتروني قد يحدث به تلاعب، يؤدي إلى نتائج غير حقيقية، وأيضاً من أجل التأكد من أن المعارضة قد صوّت بعضها لبعض. وأكد النائب مرزوق الغانم، وهو قريب من المرشح الصقر، التصدّي «لأي محاولة لخدش مبادئ السرية وهيبة اللائحة الداخلية في انتخابات رئاسة مجلس الأمة»، كما اتهم الغانم المعارضة بأنها «تسعى إلى العودة بالزمن إلى الوراء بتغيير آلية التصويت في انتخابات الرئاسة من النظام الإلكتروني إلى الورقي».