نشرت صحيفة «هآرتس»، أمس، مضمون وثيقتين، قالت إنهما مقرصنتان وصادرتان عن مكتب الرئيس السوري، بشار الأسد، وتشيران إلى وجود تعاون ودعم إيراني لسوريا، لتجاوز العقوبات العربية والدولية المفروضة عليها. وأضافت أنه جرى تسريب الوثيقتين في أعقاب هجوم إلكتروني شنّته مجموعة من القراصنة الإلكترونيين، خرقت بواسطته شبكة البريد الإلكتروني للرئاسة السورية، وتحديداً وزير شؤون الرئاسة في الحكومة، منصور عزام. وقالت الصحيفة إن الوثيقتين موقّعتان من قبل عزام، وجرت صياغتهما في كانون الأول الماضي، وتتناولان العلاقات بين حكومتي سوريا وإيران، وتلخّصان محادثات بين وفد إيراني رفيع المستوى ومسؤولين سوريين، يتعهد بموجبه الإيرانيون بمساعدة سوريا في التغلب على حظر النفط والرحلات الجوية من سوريا وإليها، والعقوبات على البنك المركزي السوري.
وأوضحت «هآرتس» أن صيغة الوثيقتين جاءت بمعظمها غامضة، لكن في عدد من المقاطع يشار بوضوح إلى أن المحادثات تناولت وسائل مساعدة لسوريا لتجاوز العقوبات الدولية عليها، وأحد التعابير التي تتكرر في الوثيقتين هو الرغبة السورية في «التعلم من التجربة الإيرانية لمواجهة العقوبات»، مشيرة الى أن «الولايات المتحدة وتركيا والاتحاد الاوروبي، وأيضاً الجامعة العربية ومحافل دولية أخرى، فرضت عقوبات شديدة على سوريا، في أعقاب ذبح مواطنيها، وفي إطار العقوبات أوقفت دول الجامعة العربية علاقاتها مع البنك المركزي السوري، والرحلات الجوية، وفرض الاتحاد الأوروبي حظراً للنفط على سوريا»، علماً بأن 90 في المئة من النفط السوري يصدّر إلى الدول الأوروبية.
وقالت الصحيفة إنه «في أعقاب الاضطرابات في سوريا، والعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، يعيش النظام أزمة اقتصادية خطيرة جداً، ويحتاج إلى مداخيل مالية لتمويل النشاط العسكري وعصابات الشبيحة ضدّ المتظاهرين، وأيضاً إلى مبالغ مالية لدفع رواتب عشرات الآلاف من الموظفين في المؤسسات الحكومية، ممن يرغب النظام في إبقاء ولائهم له»، وإنه «بموجب الوثيقة التي صاغها عزام، التزم الوفد الإيراني بتخصيص مبلغ مليار دولار لشراء منتجات أساسية من سوريا، ومعظم البضائع التي وافق الإيرانيون على شرائها هي بضائع أساسية جداً، كاللحوم والطيور والزيوت والفواكه».
وبحسب «هآرتس»، فإنه «ليس واضحاً إن كان الإيرانيون بحاجة فعلية إلى منتجات كهذه، أم هي خطوة تهدف فقط الى تزويد الاقتصاد السوري المنهار بهواء للتنفس، من خلال توفير المال لصناديقه»، مضيفةً أن «الإيرانيين وافقوا أيضاً على الاستثمار في قطاع الحبوب والمواد الخام للصناعات البتروكيماوية، ما يؤمن للدولة السورية دفعات مالية على المدى الطويل».
وتكشف الوثيقة، بحسب «هآرتس»، أن «الوفد الإيراني تباحث مع المسؤولين السوريين في الوسائل الكفيلة لتجاوز حظر النفط على سوريا، إذ وعد الإيرانيون بدراسة شراء 150 ألف برميل نفط خام يومياً من سوريا، على مدى عام كامل، وذلك لاستخدامها للاحتياجات الداخلية في إيران، أو لإعادة بيعها لطرف ثالث، الأمر الذي يمكّن سوريا من مواصلة إنتاج النفط رغم العقوبات». وحسب الوثيقة، فإن «إيران ستزوّد سوريا بقطع غيار لصناعة النفط التي تجد صعوبة في شرائها بسبب العقوبات».
وعن الحظر على الرحلات الجوية السورية، قالت الصحيفة إن الوثيقتين تكشفان أن البلدين درسا سبل تجاوز العقوبات على قطاع الطيران في سوريا، والحظر على نقل البضائع إليها جواً، وتحديداً بعدما أغلقت تركيا مجالها الجوي أمام الطائرات المتجهة الى سوريا أو التي تنطلق منها، إذ إن شركة الطيران السورية باتت غير قادرة على الهبوط في معظم المطارات العربية والأوروبية»، مشيرة الى أن «المسألة بحثت بين الجانبين، وطرحت خطة لإقامة محطة مركزية في إيران، بدلاً من الإمارات العربية المتحدة، للتخفيف من وطأة العقوبات على قطاع الطيران السوري، كذلك اقترحت إيران ترميم الطائرات السورية في إيران».
وبحسب الوثيقة، فإنه لغرض تجاوز الحاجة الى المرور في الأراضي التركية أو في مجالها الجوي، اقترح الإيرانيون فتح خط طيران مباشر بين طهران ودمشق عبر العراق، في أعقاب مغادرة القوات الأميركية لهذه الدولة. كذلك يرد في الوثيقة أن «الإيرانيين اقترحوا مبدئياً إقامة معبر آمن بري لعبور البضائع بين البلدين عبر العراق». وتشير الوثيقتان الى أن الجانبين بحثا في تجاوز العقوبات على المصارف في الدولتين، من خلال التأسيس لمصرف مشترك، ونقل الأموال الى الجانبين، عبر روسيا والصين.