من سوء حظ إسرائيل أن يتزامن تفاقم الأزمة المالية العالمية والأزمة الاقتصادية الإسرائيلية مع تصاعد التهديدات المحدقة بالدولة العبرية، التي وضعتها أمام خيارين: إما رفع مستوى الجهوزية العسكرية، الذي يتطلب ضخ المزيد من الأموال، على حساب موازنات الإنفاق في المجالات الاجتماعية، أو العمل على تحسين الواقع الاقتصادي الاجتماعي عبر الاقتطاع من موازنات أخرى، وعلى رأسها الموازنة العسكرية. التجاذب بين متطلبات الاستعداد لمواجهة التهديدات، وبين سياسة أكثر توازناً لمصلحة الاقتصاد الاجتماعي، أنتج حتى الآن كباشاً حاداً بين وزارة الدفاع والجيش من جهة، وبين وزارة المال ورئاسة الحكومة من جهة مقابلة، حاول كل طرف منهما الضغط على الآخر عبر مخاطبة الرأي العام من خلال وسائل الإعلام. وضمن هذا الإطار، أعلنت المؤسسة العسكرية العديد من القرارات المفاجئة التي تمسّ القدرات الهجومية والدفاعية لإسرائيل. بعد التقارير الإعلامية التي تحدثت عن عدم إقرار الموازنة المفترضة لمشروع دبابة ميركافا 4، حتى الآن، قرر الجيش تجميد مشروع صناعة منظومات الاعتراض الصاروخي القصيرة والمتوسطة المدى، «القبة الحديدية» و«العصا السحرية»، وتقليص نشاطات الجيش.
الإعلان عن هذه القرارات عبر وسائل الإعلام استدرج ردوداً من مصادر مقربة من كل من وزير المال يوفال شطاينتس، ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وصفت فيها هذه الخطوة بالمناورة التي تستهدف الضغط من أجل الحصول على المزيد من الأموال. رغم ذلك، أعلم المدير العام لوزارة الدفاع، أودي شني، شركة تطوير وسائل القتال، رفائيل، بحسب تقارير إعلامية إسرائيلية، بوقف تزويد الجيش ببطاريات جديدة من منظومات الاعتراض الصاروخي، الذي كان من المفترض أن يتسلم بطارية رابعة من «القبة الحديدية»، تُضاف الى البطاريات الثلاث التي يمتلكها، وأخرى خامسة كان من المفترض بحسب الخطة الموضوعة، تسلمها حتى نهاية العام الجاري، فضلاً عن بطارية سادسة مع بداية العام 2013.
وفي ما يتعلق بالمفاعيل النفسية والعملانية، لقرار تجميد منظومات الاعتراض الصاروخي، رأى ضباط كبار في الجيش أن «الموازنة الحالية أعادت الجيش الى عام 2003، الذي تميز بتدريب أقل من أي سنة سابقة». وبحسب ما نشرته صحيفة «يديعوت احرونوت» فقد ألغى الجيش مناورة كتائب وأطر احتياط داعمة للقتال» تضاف الى قرار سابق، بحسب ما نشرته الصحيفة نفسها الأسبوع الماضي، بإلغاء «مناورة فرقة إضافة الى خمس مناورات لوائية احتياطية».
في السياق نفسه، قرّر رئيس أركان الجيش، بني غانتس، بحسب يديعوت أحرونوت، تقليص نشاطات الجيش بنسبة 10%، الذي أتى على حساب تدريبات جهاز الاحتياط، وبموجبه تم إلغاء تدريبات القيادات الميدانية وكتائب المشاة، وكتائب قيادة الجبهة الداخلية، إضافة الى تأجيل التدريب على نداءات الطوارئ السرية وفق التقنيات الجديدة التي جرى تطويرها في الجيش، الى موعد غير محدد.