قتل ثمانية وعشرون شخصاً من العسكريين والمدنيين والشرطة، في تفجيرين انتحاريين في حلب، استهدفا مقر الأمن العسكري في حلب الجديدة، وكتيبة حفظ النظام في العرقوب، في إعلان صارخ عن إدخال حلب، التي كانت عنواناً للاستقرار الأمني، مرحلة جديدة، في وقت أفاد فيه ناشطون عن سقوط مزيد من القتلى في أعمال عنف، ولا سيما في حمص، التي اقتحمت القوات السورية أحد أحيائها ليلاً بالدبابات. وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن أربعة أشخاص قتلوا في حي بابا عمرو وحي باب السباع، اللذين تتحصن فيهما المعارضة.
واتهمت سوريا أطرافاً «مدعومة من دول عربية وغربية» بتنفيذ التفجيرين، وطالبت الدول التي تستضيف وتدعم وتمول وتسلح «المجموعات الإرهابية» بتسليم أفرادها إلى السلطات السورية. وجاء الاتهام في رسالة وجهتها وزارة الخارجية السورية الى الأمين العام للامم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، والأمين العام لجامعة الدول العربية، ومجلس حقوق الإنسان في جنيف، بشأن هذين التفجيرين، بحسب وكالة الأنباء الرسمية (سانا).
وأعلن وزير الصحة السوري وائل الحلقي أن ثمانية وعشرين شهيداً، و 235 جريحاً سقطوا في الهجومين. وقتل في التفجير الذي استهدف مبنى فرع الأمن العسكري، وتسبب بأضرار كبيرة في المباني المجاورة نحو أربعة وعشرين شخصاً، نصفهم تقريباً من العسكريين، والنصف الآخر من المدنيين، بينهم عامل نظافة وأفراد عائلة كانت تتنزه في غابة المحلق الغربي القريبة، فيما سقط أربعة قتلى من شرطة حفظ النظام في التفجير الذي سبقه بدقائق قليلة. وأعلن نائب رئيس الأركان في ما يسمى الجيش السوري الحر، العقيد المنشق عارف الحمود، مسؤولة هذا الجيش عن تفجيري حلب، في تصريح سارع قائد هذا الجيش، العقيد المنشق رياض الأسعد، إلى نفيه.
ولاحقت قوات من حفظ النظام مجموعة من المسلحين، فرت إلى مقبرة جبل العظام بالقرب من جامع ميسلون بعد تصدي دوريات أمنية لها بالقرب من دوار التليفون الهوائي، إثر محاولة فرارها بعد فشل هجوم على فرع شرطة النجدة، وكتيبة حفظ النظام، التي كانت قد استُهدفت قبل ثلاث ساعات بتفجير نفذه انتحاري كان يقود حافلة صغيرة، وفق التحقيقات الأولية. وقال شهود عيان لـ «الأخبار» من أهالي حيي ميسلون والجابرية إنهم سمعوا «صوت الرصاص خلال صلاة الجمعة في جامع ميسلون، وكان آتياً من مقبرة جبل العظام، حيث أُخلي الجامع، وأُمّن خروج المصلين الذين كان معظمهم يصطحبون أطفالهم معهم». وخرج أنصار المعارضة في عدة مناطق بمدينة حلب، حيث اشتبك مسلحون منهم في حي المرجة مع الشرطة، وأوقعوا أربع إصابات في صفوف عناصر قسم الصالحين. وقالت فضيلة الشايب، المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية، إن الخدمات الصحية العادية في سوريا تعاني التوقف، بسبب غياب الامن وصعوبة وصول مقدمي الخدمة إلى المصابين، أو وصول المصابين إلى المنشآت الصحية.
وتوقع دبلوماسي غربي مقيم في لندن أن تسمي الجامعة العربية خلال اجتماعها الأحد المقبل موفداً خاصاً الى سوريا. وقال هذا الدبلوماسي طالباً عدم الكشف عن هويته «يبدو أنهم (الوزراء العرب) يستعدون لتسمية موفد خاص، ونحن نشجع على هذه الخطوة، وننتظر بفارغ الصبر للعمل مع الشخص الذي سيسمونه كائناً من كان». وتابع هذا الدبلوماسي إنه قد يكون هناك «اقتراح لصالح إنشاء مجموعة «أصدقاء سوريا»، أو قرار بإنشاء شيء مشابه»، خلال هذا الاجتماع المقرر الأحد في القاهرة.
ورأى هذا الدبلوماسي الغربي أن الهدف من إنشاء هذه المجموعة هو «تكثيف الضغوط على النظام السوري وحشد الدعم الدولي لخطة الجامعة العربية وزيادة الالتزام لصالح المعارضة السورية». واستبعد فكرة التدخل العسكري او دعم المعارضة السورية بالسلاح، كما رأى أن الاحتمال ضئيل في الاتفاق على إقامة ممر إنساني أو منطقة حظر جوي في سوريا. كذلك قال إنه لا أدلة على وجود قوات ايرانية على الاراضي السورية، مضيفاً «ما نراه في الوقت الحاضر هو دعم فني كبير من الإيرانيين لأجهزة الاستخبارات السورية».
وأعلن وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو تأييد بلاده إنشاء مجموعة «أصدقاء سوريا»، داعياً الى العمل لإيصال المساعدات الإنسانية الى الشعب السوري. وصرح داود اوغلو في مؤتمر صحافي عقده في واشنطن حيث سيلتقي نظيرته الأميركية هيلاري كلينتون «ندعو الى تبلور وعي دولي، وأن يتحقق ذلك من خلال مجموعة مثل (أصدقاء سوريا الديموقراطية) أو أي تسمية اخرى يمكن مناقشتها».
واتهم نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد الداعين الى تأسيس «مجموعة أصدقاء سوريا» بالتآمر عليها، مؤكداً أن المؤامرة التي تتعرض لها سوريا مصدرها دول استعمارية تشاركها اطراف عربية وأخرى مرتبطة بأدوات داخلية.
وقال مسؤول في جامعة الدول العربية إن وزراء خارجية الجامعة، التي علقت الشهر الماضي بعثة مراقبة كانت قد أرسلت إلى سوريا بسبب تصاعد العنف، سيناقشون اقتراحاً بإرسال بعثة مشتركة من الأمم المتحدة والجامعة عندما يجتمعون في القاهرة يوم الأحد.
ودعت الخارجية الروسية كل قوى المعارضة السورية إلى تأييد البروتوكول الموقع من جانب الحكومة السورية وجامعة الدول العربية بشأن الوضع القانوني لبعثة مراقبي الجامعة في سوريا. بدوره صرح وزير الخارجية الإيطالي جوليو تيرزي بأن الولايات المتحدة وايطاليا تدعمان جهود الجامعة العربية «ونيتها إرسال بعثة جديدة للمراقبين» الى سوريا، كما رحّبت وزارة الخارجية الإيرانية، بقرار جامعة الدول العربية استئناف مهمة مراقبيها في سوريا، وقالت إنها ترحّب بأي مشروع يدعم عودة الهدوء إلى سوريا.
وقال برنار فاليرو المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية إن وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه سيجتمع مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في فيينا يوم الخميس المقبل، لبحث الأزمة السورية. وضمت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون صوتها إلى الاصوات الدولية التي تطالب روسيا بدعم قرار الأمم المتحدة، الذي يطالب الأسد بوقف القمع. وقال رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي، بعد قمة الاتحاد الأوروبي والهند الثانية عشرة في نيودلهي، «اتفقنا على حاجة المجتمع الدولي إلى الضغط على النظام السوري، ودعم خطة الجامعة العربية».
لكن روسيا الحريصة على التصدي للنفوذ الأميركي في المنطقة تقول إنه لا ينبغي لأحد أن يتدخل في الشؤون السورية. واتهم نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف أمس دولاً غربية، لم يحددها بالاسم، بتسليح المعارضة السورية، وتقديم المشورة إليها. وقال «المجلس التابع للأمم المتحدة ليس أداة للتدخل في الشؤون الداخلية، وليست الوكالة التي تقرر ما هي الحكومة القادمة في هذا البلد أو ذاك»، مضيفا «إذا لم يتفهم الشركاء الأجانب ذلك فسنضطر إلى استخدام تدابير صارمة لإعادتهم إلى أرض الواقع». وأمل ريابكوف «أن يدين العديد من ممثلي المعارضة السورية التفجيرين الإرهابيين في حلب». وحمّل المعارضة المسؤولية إذا استمر «نزيف الدم». وحث مجلس النواب الروسي (الدوما)، في بيان تبناه أمس بشأن سوريا، مجلس الأمن الدولي على عدم تبني قرارات تدعو الى انقلابات أو تغيير في النظام السياسي في سوريا. وأعلن رئيس (الدوما)، سيرغي ناريشكين، استعداد المجلس لتوجيه موفديه إلى سوريا في مهمة المراقبة.
وطرح مسؤولون من الولايات المتحدة ومن دول أخرى إمكان البدء في عملية إنسانية لمساعدة الناس في حمص، لكنّ دبلوماسيين قالوا إن إقامة ممرات آمنة ستكون محفوفة بمخاطر وصعوبات. ودعت المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للامم المتحدة مجلس الأمن الدولي الى إحالة ما عدّته «جرائم ضد الإنسانية» التي تُرتكب في سوريا على المحكمة الجنائية الدولية. وقال دبلوماسيون إن الاتحاد الأوروبي سيفرض في نهاية شباط حظراً على صادرات الفوسفات السورية، ويجمد ودائع المصرف المركزي السوري، ويمنع تجارة الألماس والمعادن مع هذا البلد، في إطار تعزيز العقوبات على دمشق.
وفي موقف لافت قال الملك السعودي الملك عبد الله، خلال لقائه أمس الشخصيات المدعوة الى مهرجان الجنادرية، إن الثقة في الأمم المتحدة «اهتزت» بعد استخدام روسيا والصين حق الفيتو لمنع تبني قرار يدين سوريا. وأضاف «نحن في أيام مخيفة. ومع الأسف الذي صار في الأمم المتحدة باعتقادي بادرة غير محمودة أبداً (...) ما حدث لا يبشر بخير، لأن ثقة العالم كله في الأمم المتحدة ما من شك أنها اهتزت». وتابع إن «الدول مهما كانت لا تحكم العالم كله أبداً... لكن سنصبر والله يمهل ولا يهمل».
( أ ف ب، يو بي آي، رويترز)
(شارك في التغطية من حلب مراسل «الأخبار» زياد الرفاعي)



جمعة النفير العام


خرجت تظاهرات في عدد من المناطق السورية أمس في ما أطلق عليه ناشطون سوريون اسم جمعة «روسيا تقتل أطفالنا ـــــ حان وقت النفير العام»، ترافقت مع انتشار كثيف لقوات الأمن. وسارت التظاهرات في دمشق وريفها وعدة مناطق سورية قبل صلاة الجمعة وبعدها، وأعلن المركز السوري لإحصاء الاحتجاجات أن التظاهرات أمس وصلت إلى 615 تظاهرة في 492 منطقة. ويظهر الإحصاء أن التظاهرات الموثقة بالفيديو، التي رفعت على يوتيوب تبلغ نسبتها 44% من إجمالي التظاهرات في سوريا. كذلك شارك الآلاف، معظمهم من الملتحين والمنقبات، في تظاهرات نظمت في عدد من المدن التونسية، للتعبير عن التضامن مع المعارضة السورية. وسارت تظاهرات في ماليزيا وليبيا والبحرين، والمغرب، واليمن، والسودان وموريتانيا ولبنان.