«نسألك الرحيل»، المطلب الذي حرك عشرات المسيرات من مناطق متعددة في القاهرة، نحو وزارة الدفاع، حيث مقرّ المجلس الأعلى للقوات المسلحة من أجل تسليم السلطة للمدنيين، في وقت نفى فيه مصدر عسكري نية رئيس الحكومة، كمال الجنزوري، الاستقالة ردّاً على ما طرحته جماعة الإخوان المسلمين عن استعدادها لتأليف حكومة ائتلافيه، وسط تصاعد الدعوات إلى الإضراب العام والعصيان المدني اليوم في ذكرى تنحي حسني مبارك. المسيرات تحركت أمس عقب صلاة الجمعة، وطافت عدداً من الشوارع مندّدة بحكم العسكر، متوجهةً جميعها إلى مقرّ وزارة الدفاع بكوبري القبة. وكان الجيش في استقبال المتظاهرين بحواجز أمنية وأسلاك شائكة وأعداد غفيرة من المجندين، لمنع وصول التظاهرات إلى مسافة قريبة من الوزارة. وقال مصدر عسكري إن إجراءات تأمين الوزارة مشدّدة، وجرت الاستعانة بـ 100 مدرعة ومئات العساكر. وطالب المتظاهرون بإسقاط العسكر وإعدام المشير، بسبب مسؤوليته عن الجرائم التي وقعت خلال عام منذ تولي العسكر الحكم. وحمّلوا المشير المسؤولية الكاملة عن أحداث استاد بورسعيد، التي راح ضحيتها ما يزيد على 70 مشجع كرة قدم، مؤكّدين أنها ضمن مخطط إثارة الفوضى لاستمرار العسكر في الحكم.
وأعرب المشاركون في التظاهرات عن رفضهم ما يسوّقه إعلام العسكري من أن «الجيش وقيادته شيء واحد ولا يصح انتقاد المجلس العسكري بدعوى أنّه الحاكم». ورفعوا لافته كتبوا عليها «جيشنا فوق الرأس مرفوع والمجلس تبع المخلوع»، مؤكّدين بذلك أن المجلس العسكري عيّنه المخلوع حسني مبارك. وهتفوا «يسقط يسقط حكم العسكر احنا الشعب الخط الأحمر».
وحاولت القوى المسؤولة عن تأمين الوزارة تشتيت المتظاهرين عبر عزف مقطوعات موسيقية عسكرية، لكنّ أصوات المتظاهرين تعالت بهتاف «المشير اتجنن... ارحل ارحل»، بينما أقام عدد من أنصار المجلس العسكري وحركة أبناء مبارك، دروعاً بشرية في عدد من الشوارع المؤدية إلى وزارة الدفاع، واعتدوا بالضرب على بثينة كامل، المرشحة المحتملة لرئاسة الجمهورية، في منطقة حدائق القبة، كما تعرض من معها في المسيرة للاعتداء والسب. وهذا ما جرى أيضاً للنائب محمد أبو حامد، الذي كان قد حمّل المجلس العسكري، مسؤولية سوء الأوضاع الأمنية والسياسية، خلال جلسات مجلس الشعب. ووصف ما تعرّض له خلال المسيرة بأنه «محاولة اغتيال من جانب بلطجية المجلس العسكري». ولم تنحصر التظاهرات في العاصمة، بل خرجت مسيرات ضخمة في عدد من المحافظات، على رأسها الإسكندرية، التي انقسمت فيها التظاهرات ما بين مؤيد ورافض لحكم العسكر. وتوجهت جميعها الى قصر رأس التين. واستعانت الشرطة العسكرية بقوات من سلاح البحرية للفصل بين التظاهرتين، كما نظم المئات في محافظة الجيزة مسيرة ضد العسكري.
في غضون ذلك، أعلن التلفزيون المصري نقلاً عن مصدر عسكري، أن حكومة الجنزوري مستمرة في عملها حتى الانتهاء من انتخابات رئيس الجمهورية، نافياً بذلك ما أُشيع من توقعات عن استقالة حكومة الجنزوري، بعد إعلان جماعة الإخوان المسلمين، على لسان نائب مرشدها خيرت الشاطر، «تأليف حكومة ائتلافية»، إضافة الى تصريحات عضو مجلس الشعب عن حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية للجماعة، أسامة ياسين، عن أن هناك نقاشاً يدور داخل الجماعة بهذا الشأن.
في هذه الأثناء، تسعى الحكومة جاهدة الى إجهاض الإضراب الذي دعا إليه عدد من القوى السياسية والعمالية والطالبية اليوم في ذكرى تنحي مبارك. ولهذا حذّرت عدد من المؤسسات الحكومية الموظف الذي سيتغيب عن عمله اليوم، فيما انتشرت فتاوي من الأزهر وبعض الكيانات الدينية بحرمة الإضراب العام.
محمد...