يواصل الجيش السوري عملياته العسكرية في حمص، حيث حققت تقدماً ملحوظاً في عدد من الأحياء، فيما قتل أمس أكثر من ستين شخصاً، بينهم أطفال ونساء وأربعة عسكريين، خمسون منهم في حمص. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مقتل «ما لا يقل عن خمسين مواطناً إثر أعمال عنف تتعرض لها أحياء عدة في حمص». وأشار المرصد إلى أن «العدد مرشح للازدياد بسبب صعوبة الاتصال ووجود أشخاص تحت الأنقاض». وقال المرصد إن بين الضحايا ثلاث عائلات قتلت على أيدي عناصر غير عسكرية اقتحموا منازلهم.
في ريف دمشق، «قتل ضابط وثلاثة جنود إثر تفجير دبابة من مجموعة منشقة في قرية بالقرب من الزبداني، التي أسفر القصف فيها عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة العشرات». كذلك قتل شابان في ريف إدلب ومواطن في تسيل في ريف درعا وطالب جامعي في ريف دير الزور، بحسب المصدر ذاته.
وطالبت المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، نافي بيلاي، أمس، بـ«تدابير فاعلة» لحماية المدنيين في سوريا، معتبرة أن فشل مجلس الأمن في الاتفاق على قرار شجّع «الحكومة على المضي أكثر في قتل شعبها».
بدورها طلبت ماري بيار الييه، رئيسة منظمة «أطباء بلا حدود»، من السلطات السورية «أن تحيّد المستشفيات والعيادات، التي ينبغي أن تكون أماكن محمية يعالج فيها الجرحى من دون تمييز، ولا يتعرضون فيها لأي سوء معاملة أو تعذيب».
وأفاد المتحدث باسم «الهيئة العامة للثورة السورية» هادي العبد الله بأن «هناك أحياء لا نتمكن من الدخول إليها بسبب النيران»، مشيراً إلى «عدم ورود أي معلومات عن هذه الأحياء بسبب انقطاع وسائل الاتصالات عنها، لكننا نسمع أصوات القصف عليها».
وأكد الطبيب علي الحزوري (27 عاماً)، الذي كان يشرف على مستشفى ميداني أغلق بعد تعرضه للقصف، وجود 500 جريح في بابا عمرو، نصفهم من النساء والأطفال، مناشداً «دخول الهلال الأحمر وإجلاء الجرحى وتوفير الطعام للمدنيين».
وأكد الناشط عمر شاكر، في اتصال عبر سكايب مع وكالة «فرانس برس» من حي بابا عمرو، أن «البنية التحتية لبابا عمرو أصبحت تحت الصفر». وقال «من الواضح أن الهدف من الهجوم تمهيد الطريق لهجوم بري على معاقل المحتجين في المدينة» التي يبلغ عدد سكانها 1,6 مليون نسمة. وأشار الناشط إلى أن قوات النظام «تحاول الاقتحام، وقد اقتربت من حي الإنشاءات، واحتلت مشفى الحكمة».
وبثّ ناشطون مشاهد مباشرة من مدينة حمص صباح أمس، تظهر تعرض المدينة للقصف، فيما سمعت أصوات تكبير من المآذن.
في المقابل، أورد الإعلام الرسمي السوري رواية مختلفة لأحداث حمص. وبثّ التلفزيون السوري صوراً حية من بابا عمرو تسمع فيها أصوات إطلاق نار، وتظهر آثار فجوات في بعض المباني نسبها إلى «مجموعات إرهابية مسلحة».
وذكر التلفزيون السوري الرسمي أن «مجموعة إرهابية مسلحة» فجّرت سيارة في حمص، ما أدى إلى مقتل وجرح عدد من المدنيين وعناصر من القوى الأمنية، كذلك استُهدفت مصفاة حمص بعدد من قذائف الهاون، ما أدى إلى اشتعال النيران في خزّاني وقود. وأضاف أن هذه المجموعات استهدفت جامعة البعث في حمص، مشيراً إلى أن الأضرار اقتصرت على الماديات.
وناشدت مواطنة في حي باب السباع، عبر اتصال أجراه التلفزيون معها، السلطات «الضرب بيد من حديد»، مضيفة «نريد حلاً أمنياً وحسماً عسكرياً» ضد «هؤلاء الذين يروّعون المواطنين».
وفي ريف درعا، تحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان عن «انشقاق 18 جندياً، بينهم ضابط برتبة ملازم أول بعتادهم الكامل، في قرية تسيل القريبة من الحدود الأردنية السورية». وذكرت لجان التنسيق المحلية، من جهتها، أن منزلين تهدّما تماماً جراء «القصف العنيف على بلدة تسيل»، مشيرة إلى «اقتحام المدينة بالدبابات».
وفي ريف دمشق، أشار المرصد إلى «تهدم الكثير من المنازل في الزبداني التي تعيش حالة إنسانية صعبة، في ظل عدم توافر المياه والكهرباء. وسجل نزوح مئات العائلات عنها». وأضاف أن «حملة اعتقالات في معضمية الشام مترافقة مع إطلاق رصاص كثيف، كذلك استمرت السلطات السورية في حملة المداهمات والاعتقالات في بلدة عربين التي اقتحمتها الأسبوع الفائت». وفي محافظة حمص، قال المرصد إن مدينة الرستن تتعرض لقصف براجمات الصواريخ التي تستخدمها القوات المتمركزة قرب بلدة تلبيسة».
وقال نشطاء إن شخصين قتلا في قصف على مدينة الزبداني على الحدود مع لبنان، أول من أمس، ليصل إلى عشرة على الأقل عدد الذين قتلوا في الزبداني في اليومين الماضيين. وقالت وسائل الإعلام الحكومية إن «أربعة من أفراد القوات الخاصة قتلوا في سهل الزبداني في ريف دمشق... وإن الاشتباك أدى إلى مقتل عدد من الإرهابيين».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)