سوريا | أعلنت دول مجلس التعاون الخليجي أمس أنها قررت الطلب من سفراء «النظام السوري» مغادرة أراضيها فوراً، في مقابل سحب سفرائها من دمشق، وذلك بالتزامن مع قيام عدد من الدول الأوروبية باستدعاء سفرائها من دمشق للتشاور واستعداد الاتحاد الأوروبي لفرض مزيد من العقوبات على السلطات السورية. أما تركيا، فاكتفت بالاعلان أنها ستطلق «مبادرة جديدة بشأن سوريا مع دول تدعم الشعب وليس النظام».
وأوضح مجلس التعاون الخليجي، في بيان، أن «المملكة العربية السعودية الرئيس الحالي للمجلس تعلن أن الدول الأعضاء بالمجلس قررت سحب كل سفرائها من سوريا، وتطالب أيضاً كل سفراء النظام السوري على أراضيها بالرحيل على الفور». واعتبر البيان أن هذه الخطوة جاءت «بعدما انتفت الحاجة لبقائهم إثر رفض النظام السوري كل المحاولات وأجهضت كافة الجهود العربية المخلصة لحل هذه الأزمة وحقن دماء الشعب السوري».
ووفقاً للبيان، فإن «دول المجلس ترى أن على الدول العربية المقرر أن تجتمع في مجلس الجامعة الأسبوع المقبل أن تتخذ كافة الاجراءات الحاسمة أمام هذا التصعيد الخطير ضد الشعب السوري، بعدما قاربت الازمة السنة دون اي بارقة أمل للحل». وأكد أن دول الخليج «تشعر بالأسى البالغ والحزن الشديد على هدر الارواح البريئة، وتكبد التضحيات الجسيمة، لا لشرف الدفاع عن الوطن ضد معتد أجنبي بل لتحقيق مآرب شخصية تهدف إلى الصراع على السلطة دون اعتبار لكرامة المواطن السوري وحريته».
وعلى الصعيد العربي أيضاً، أعلن مجلس الشعب المصري أنه بناءً على طلب الأعضاء فيه، سيوقف أي تعاون مع البرلمان السوري، فيما اعتبر وزير الخارجية المغربي سعد الدين العثماني، في مؤتمر صحافي مع نظيره البرتغالي باولو بورتاس، أنه ينبغي «ممارسة كل الضغوط الممكنة» على النظام السوري لوقف اعمال العنف، لكنه استثنى من ذلك «التدخل العسكري».
وفي موازاة التحرك العربي، أعلنت مجموعة جديدة من الدول الأوروبية استدعاء سفرائها من دمشق للتشاور، فيما أعلن الاتحاد الاوروبي أنه لا ينوي سحب رئيس ممثليته في سوريا، بحسب المتحدث باسم الاتحاد، الذي أكد أن الاتحاد يحتاج الى التواجد في سوريا حتى نستطيع ان نكتب التقارير ونراقب ما يحدث.
وأوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، برنار فاليرو، أنه «نظراً لتصاعد حملة القمع التي يشنها النظام السوري ضد شعبه، قررت السلطات الفرنسية استدعاء السفير الفرنسي في سوريا للتشاور». وأضاف «بدأنا محادثات مع شركائنا في بروكسل لتشديد العقوبات مرة أخرى». كذلك لفت إلى أن فرنسا تتابع الخطة التركية، إلّا أنه «ليس لدينا الكثير من المعلومات عنها». ودعا فاليرو وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي يزور سوريا إلى استخدام نفوذ بلاده للضغط على سوريا من أجل قبول خطة سلام اقليمية.
كذلك استدعت كل من اسبانيا وبلجيكا وإيطاليا وهولندا سفراءها في دمشق، فيما ترأس رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون اجتماعاً لمجلس الأمن القومي البريطاني خصص لبحث الوضع في سوريا. أما وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، كاثرين آشتون، فجددت، بعد لقائها وزير خارجية البرازيل انطونيو باتريوتا في البرازيل، دعوة الاتحاد الأوروبي للرئيس السوري بشار الأسد إلى التنحي لإفساح المجال أمام عملية انتقال للسلطة تشمل كل السوريين بمن فيهم الأقليات والأكثرية لإيجاد طريق نحو حل سلمي للأزمة الراهنة.
ولفتت آشتون إلى أن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي سيلتقون خلال الأسبوعين المقبلين وسيناقشون الوضع في سوريا، وذلك في وقتٍ يبحث فيه الاتحاد الاوروبي تشديد العقوبات على النظام السوري ويفكر خصوصاً في استهداف تعاملات البنك المركزي ومبيعات الذهب والمعادن الثمينة. من جهتها، تستعد أستراليا لتوسيع حظر السفر والعقوبات المالية على عدد من السوريين لتشمل 75 شخصاً إضافياً و27 مؤسسة في سوريا.
في غضون ذلك، أعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده تعد «مبادرة جديدة مع دول تدعم الشعب وليس النظام» في سوريا، بدون أن يوضح طبيعة هذه المبادرة، بالتزامن مع انتقاد شديد وجهه للرئيس السوري. وأكد أردوغان أمام نواب حزب العدالة والتنمية أن تركيا «تستخدم كل السبل الدبلوماسية للفت انتباه الأسرة الدولية» إلى الأزمة السورية، فيما من المقرر أن يتوجه وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو اليوم الى الولايات المتحدة حيث سيلتقي وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ويبحث معها الملف السوري.
كذلك، ندد أردوغان باستخدام روسيا والصين حق النقض في مجلس الأمن، مؤكداً أن هذا «الفيتو» هو «إذن بالقتل يعطى للطاغية»، قبل أن يؤكد أن أنقرة لا يمكنها أن تبقى مجرد متفرج على أعمال العنف في سوريا. وأشار إلى أن «سوريا ليست بجارة عادية بالنسبة لنا... والشعب السوري ليس بشعب عادي، إننا نرى في كل متر مربع من سوريا آثار تاريخنا المشترك. والشعب السوري أشقاء لنا. وتآخينا مع هذا الشعب مدون في التاريخ بالدماء». وأضاف لذلك «لا يمكننا البقاء صامتين حيال ما يجري في سوريا، ولا يمكننا إدارة ظهورنا إلى الشعب السوري. وإننا لا نربت كتف الظالمين الذين يقتلون شعوبهم، كما يفعل حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي». وبعدما ذكّر بأن حكومته قدمت الكثير من الدعم للإدارة السورية «لتندمل جراح الماضي» وتنفيذ الإصلاحات، أضاف أن أنقرة خاب أملها «لأن الأسد نكث بوعوده». وأضاف أن «المسؤلين عن (أحداث) حماه لم يحاسبوا ولكن المسؤولين عن أحداث حمص سيدفعون الثمن عاجلاً أم آجلاً. وإن من يتبعون طريق آبائهم سوف يحصلون على ما يستحقون».
أما أميركياً، فبرز تضارب في مواقف أعضاء الكونغرس الأميركي حيال النهج الواجب اتباعه تجاه الأزمة السورية.
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)