الكويت | أتت رياح الانتخابات البرلمانية الكويتية بما لا تشتهي سفن السلطة؛ إذ أظهرت النتائج الرسمية حصول المعارضة التي يقودها الإسلاميون والمقربون منهم على أربعة وثلاثين مقعداً من أصل خمسين، بعدما كانت تملك نحو 20 مقعداً فقط في البرلمان السابق. وتشير هذه النتائج إلى أن المعارضة ستتمكن من التحكم بقرارات مجلس الأمة، رغم حق الوزراء (15 وزيراً) بالتصويت في البرلمان. بالتالي، من المتوقع أن تلجأ هذه المعارضة، ومن ضمنها 23 نائباً من «الإخوان المسلمين» والسلفيين، مباشرة إلى بدء طرح مطالبها الخاصة بالتغيير. وقد خاطبت المعارضة الإسلامية، الحكومة، فور صدور النتائج، بأنها ستفتح كل ملفات الفساد، وتعهّدت أنّ الكويت «ستتغير»، علماً بأنّ موضوع مكافحة الفساد كان السبب الرئيسي وراء حلّ البرلمان في كانون الأول الماضي، بعد استقالة الحكومة السابعة لناصر المحمد الصباح، الذي اتُّهم بفساد مالي. وبغضّ النظر عن نتائج الانتخابات، تبقى صلاحية تعيين رئيس الوزراء حصراً بيد أمير البلاد، صباح الأحمد الصباح، كذلك سيكون رئيس الوزراء من الأسرة الحاكمة إضافة إلى الوزراء الرئيسيين، وهو ما ستسعى المعارضة إلى تغييره، مع نيتها أن تطرح إمكان تعيين رئيس وزراء من خارج الأسرة الحاكمة. وبلغت نسبة التصويت في انتخابات أول من أمس، نحو 62 في المئة، في ارتفاع طفيف عن نسبة المشاركة في الانتخابات السابقة التي جرت عام 2009 وبلغت 58 في المئة.
وكشفت نتائج الانتخابات أن نسبة التغيير عن البرلمان السابق هي بحدود 54 في المئة، بما أن 27 نائباً جديداً نجحوا، فيما لم تتمكن المرأة من الحصول على أي مقعد، بعدما كانت تملك أربعة في المجلس السابق. ولا يُرجع المراقبون إخفاق النساء هذه المرة، إلى عدم تقبّل المجتمع لهنّ أو بسبب الغلبة الإسلامية، بل بسبب غياب إنجازات النائبات الأربع في المجلس السابق. من ناحية أخرى، تراجع عدد النواب الشيعة من عشرة إلى سبعة. وجاءت خسارة النائب الشيعي المعتدل حسن جوهر في الدائرة الأولى مدوية بين أوساط الطرح الوطني المعادي للطائفية، وهي خسارة كبيرة لنائب احتل كرسيّ البرلمان منذ عام 1999.
وبدا أن العزف على وتر الطائفية والقبلية قد آتى ثماره عند الناخبين؛ إذ إن نجاح مرشحَي الدائرة الثالثة نبيل الفضل ومحمد الجويهل، جاء بعد دعم شيعي قوي في تلك الدائرة المعروفة بغالبيتها الليبرالية. ودعم وكيل المرجعيات الشيعية في الكويت السيد محمد باقر المهري المرشح نبيل الفضل، وهو الكاتب الصحافي المعروف بانتقاده اللاذع لجماعة التشدد السنّي، فيما كان ظهور النائب السيد حسين القلاف إلى جانبه في عدّة ندوات، دليلاً قاطعاً على الحشد الشيعي للمرشّح الذي وعد بـ«نتف ريش المعارضة والإسلاميين» في حال فوزه.
ويتوقع المراقبون أن تزيد التوترات السياسية والاجتماعية في الكويت، على صعد عدة، بين المعارضة والموالاة من جهة، والسنة والشيعة من جهة أخرى؛ فوجود عناصر إسلاميين سُنَّة مثل أسامة المناور ووليد الطبطبائي ومحمد هايف المطيري، في البرلمان، مقابل آخرين شيعة مثل عبد الحميد دشتي وحسين القلاف، من شأنه أن يزيد احتمالات الاحتكاك المذهبي تحت قبة المجلس، الأمر الذي قد ينعكس على الشارع. ويُتوقع أيضاً أن تبرز القبلية بقوة بعد فوز محمد الجويهل في الدائرة الثالثة، بما أن الأخير معروف بتهجُّمه على القبائل، وهو الأمر الذي أدى إلى إقدام شباب قبيلة «مطير» إلى إحراق مقره الانتخابي، ثم اقتحام مقر تلفزيون «الوطن».

رئاسة المجلس

ويرى الكثيرون أن معركة رئاسة مجلس الأمة ستكون مؤشراً على شكل العملية البرلمانية في الإمارة ومسارها، علماً بأن التوقعات تشير إلى أن النائب أحمد السعدون سيستعيد كرسيّ الرئاسة الذي خسره عام 1999. والسعدون هو من أبرز أقطاب المعارضة، ويطلق عليه البعض لقب «العرّاب» الذي يدير المعارضة في البلاد. وفي حال ترؤسه المجلس، ينتظر أن تبرز مشكلة كبيرة، بما أنه قد يسعى مع الغالبية الفائزة إلى تعديل بعض مواد الدستور كما كان يطالب سابقاً.