الرباط | يبدو أنه لن يكون مكتوباً للحكومة الجديدة في المغرب أن تعمل بمنأى عن الاحتجاجات والتوترات الاجتماعية المتكررة، رغم تأكيد رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران ضرورة تغليب لغة الحوار لحل المشاكل. فقد تجددت المواجهات في مدينة تازة التي أضحت بؤرة توتر بين السكان الغاضبين والقوات الأمنية منذ مساء أول من أمس واستمرت حتى فجر أمس متسببةً في سقوط أكثر من مئة وستين جريحاً. وأكدت مصادر لـ«الأخبار» إصابة حوالي ثمانين من المحتجين بجروح متفاوتة الخطورة مع تسجيل رفضهم الذهاب إلى المستشفى خوفاً من الاعتقال. وبحسب مصادر في المدينة، فإن غضب السكان المحليين من غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار تأجج بعد إقدام الأمن على اعتقال خمسة شبان من حي الكوشة الهامشي يوم الثلاثاء الماضي واقتيادهم إلى جهة غير معلومة على خلفية أحداث الرابع من كانون الثاني الماضي التي شهدتها ذات المدينة.
وعلى الأثر، تطورت الاحتجاجات بعد اعتصام نُفذ أمام محكمة الاستئناف في تازة أعقبه قطع الطريق الوطنية رقم 6 ومسيرة توجهت إلى سجن المدينة تعاملت معها قوات الأمن بعنف، ما أدى إلى انضمام سكان أحياء مجاورة للاحتجاجات، لتندلع حرب شوارع بين السكان والقوات الأمنية.
وحذر محمد الشيابري، من فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في تازة، في حديث مع «الأخبار»، من أن ما يقع في تازة أصبح يدعو للقلق وغير مطمئن، مشيراً إلى أن الصدامات شهدت تراشقاً بالحجارة بين الطرفين واستعملت فيه القوات العمومية الغازات المسيلة للدموع. من جهتهم، أشار ناشطون إلى وصول تعزيزات أمنية من مناطق مجاورة، فضلاً عن حدوث حملات تمشيط واسعة ومداهمات للمنازل ليلاً أسفرت عن عدد كبير من الاعتقالات بعد قطع الكهرباء.
وفيما التزمت الحكومة المغربية الصمت، ولم تصدر أي بيان رسمي للتعليق على الأحداث لتكرر سيناريو أحداث تازة الأولى، ناشد فاعلون حقوقيون الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان محمد الصبار التدخل الفوري لنزع فتيل التوتر في تازة قبل فوات الأوان.
من جهتها، دعت مجموعة من الأحزاب المنتمية إلى المعارضة غير الممثلة في البرلمان إلى وقف أشكال «عسكرة المدينة»، مطالبةً النظام بوقف رهانه على سياسة «العصا» والمقاربات الأمنية الفاشلة في إخماد الغضب والاحتقان الاجتماعي، ومحذرةً من تفجر الأوضاع مجدداً ليس فقط في تازة وإنما في عدد من مناطق المغرب.