واصل مؤتمر هرتسليا أمس أعماله، واستضاف عدداً من الشخصيات السياسية والاقتصادية والأكاديمية والأمنية قدمت، كل في مجال اختصاصها، مداخلات تناولت الأوضاع الدولية والإقليمية والإسرائيلية الداخلية. وتناوب على منبر الندوة التي افتتحتها رئيسة المعارضة الإسرائيلية، تسيبي ليفني، العديد من المسؤولين الحاليين والسابقين، إلا أن الكلمة الأبرز كانت تلك التي ألقاها رئيس الأركان، بيني غانتس، وعرض فيها التهديدات التي تحيط بإسرائيل في ظل المتغيرات الإقليمية، وفي مقدمتها تعاظم قوة المقاومات المسلحة في غزة ولبنان، وسعي إيران إلى امتلاك سلاح نووي و«الربيع العربي». ورأى غانتس أن المنطقة تمر حالياً بجولة من عدم الاستقرار، من غير الواضح الوجهة التي ستسلكها، «وإذا نجحت المنظومة المحيطة في الإتجاه الراديكالي، فإننا قد نجد أنفسنا في مواجهة جيوش كثيرة وتهديدات ضخمة. لذلك، علينا أن نكون مستعدين لهذا النوع من الأحداث». أضاف: «الربيع العربي يغير وجه الشرق الأوسط، والظاهرة تتسع. لست أعلم ما هي الأنظمة المستقبلية في الدول العربية المحيطة بنا: هل سيكون ذلك الإسلام الديموقراطي أو الإسلام الراديكالي الذي يعمل ضد دولة إسرائيل». وأشار غانتس إلى أن «السلام مع مصر أمر ثمين ينبغي الحفاظ عليه، لكن الواقع ليس مضموناً ويجب الحذر».
وبالانتقال إلى الجبهات الفاعلة، قال غانتس إن هناك «مخزني سلاح كبيرين في غزة ولبنان تغذيهما إيران وسوريا وروسيا التي تواصل إرسال السلاح إلى سوريا، رغم أنّه غير واضح من سيحكم هناك لاحقاً. إن الشرق الأوسط تحوّل إلى المنطقة الأكثر تسلحاً في العالم، والبشرى غير الودودة هي أن المستهدف من هذا التسلح هو إسرائيل». وشدد في هذا السياق على أن أعداء إسرائيل في الشمال والجنوب باتوا يمتلكون قدرات نارية غير عادية تغطي كل نقطة في إسرائيل، وأشار إلى أن هذه القدرات تقفز فوق القدرات الدفاعية البرية للجيش الإسرائيلي، وتستهدف مباشرة الجبهة الداخلية. ورغم كل شيء، أوضح غانتس أن هناك «أخباراً جيدة تتمثل في الشرخ الحاصل في المحور الراديكالي بين طهران ودمشق والضاحية»، في إشارة إلى الأحداث داخل سوريا.
وتطرق غانتس إلى الموضوع الإيراني، مشيراً إلى أنه «ما من شك في أن إيران تسعى إلى امتلاك سلاح نووي، وإذا قررت القيام بذلك خلال عام، فإنها ستكون قادرة على اجتياز عتبات من القدرة الآخذة في التحقُّق». ومضى شارحاً أن «هذا النظام يريد أن يرسي الأسس لنفسه بوصفه قوياً ويمتلك طبقة ردع نووي، حتى لو لم يكن يرغب بتفعيلها، فإنه سيحاول استخدامها لتحصين مكانته ومنع التدخل في شؤونه. هذه الحصانة ستخدم إيران في كل ما يتعلق بالتأثير على دول الخليج المحيطة بها، وبقدرتها على دفع مصالحها قدماً في دول مختلفة على مستوى العالم». وعن علاقة إيران بجيرانها، لفت إلى أنه «إذا أصغينا إلى ما يحصل في دول الخليج، فإننا سنسمع قلقاً لا يقل حجماً عما نشعر به نحن». وفيما رأى أن إيران هي «مشكلة عالمية إقليمية وإسرائيلية»، شدد غانتس على ضرورة عدم نسيان أن «إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي يدعو أحد ما إلى إبادتها، ويعمل على امتلاك الوسائل لتحقيق ذلك، وهذا ليس شيئاً يمكن التغاضي عنه». وتابع قائلاً إنّ من «الصواب مواصلة تشويش الإجراءات المتعلقة بتطور المشروع النووي الإيراني، ومن المهم جداً مواصلة بناء قدرة عسكرية مثيرة للانطباع، قوية، ذات صدقية عالية، متأهبة وكفوءة وأن نكون مستعدين لاستخدامها عندما تقتضي الحاجة». وفي موازاة ذلك، دعا الرجل العالم إلى «مواصلة عزل إيران وفرض العقوبات التي بدأت تظهر بوادر إنجازاتها عليها»، مشيراً إلى أن «عملاً حازماً» من جانب المجتمع الدولي بإمكانه إقناع الجمهورية الإسلامية بالتنازل عن المشروع النووي.
وقدم وزير المال الإسرائيلي، يوفال شتاينتس، مداخلة خلال الندوة، رأى فيها أن دولة الاحتلال تواجه منذ ثلاث سنوات أزمة عالمية هي الأصعب منذ قرن.