رغم عدم نجاحه في حشد نسبة أكبر من المقترعين، وتحقيق فوز أكثر صدى ووقعاً في الواقع السياسي والإعلامي في إسرائيل، بات بنيامين نتنياهو رئيساً لليكود للمرة الخامسة، ومرشحه إلى رئاسة الحكومة المقبلة، وباتت المسألة الأكثر حضوراً لدى المراقبين وباقي الكتل السياسية، إن كانت إسرائيل على أبواب انتخابات عامة مبكرة، في ضوء حقيقة أن رئيس الحكومة يملك القدرة على الذهاب في خيار كهذا، من الناحيتين القانونية والسياسية. مهما كانت التقديرات التي قد تتفاوت في ترجيح سيناريو تقديم موعد الانتخابات، أو استبعاده، أصبح رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أكثر قوة داخل حزبه وفي مواجهة خصومه السياسيين وشركائه الائتلافيين، وخصوصاً إزاء استحقاق مناقشة الموازنة في شهر حزيران المقبل، حيث من المقدر أن يحضر العامل الانتخابي، بقوة في خلفياتهم، بحكم أن الحكومة تكون قد أنهت في حينه سنتها الثالثة، في مقابل أن كل الحكومات الإسرائيلية خلال الـ15 سنة الأخيرة، لم تتمكن، أو تكاد، من تجاوز، هذا الحد الزمني.
في هذه الأجواء، قدَّر عدد من كبار الوزراء الإسرائيليين إمكان أن يكون نتنياهو يدرس تقديم الانتخابات العامة إلى تشرين الأول المقبل، أي إلى ما قبل نحو سنة من موعدها الرسمي. وبالرغم من أن مقرَّبين لرئيس الحكومة أكدوا أنه لم يتخذ قراراً كهذا، حتى الآن، إلا أنهم أضافوا أنه «سبق أن ناقش هذه المسألة في الماضي، ومن ناحيته ثمة إمكانية واقعية لهذا الخيار تمهيداً لمناقشة الموازنة المقبلة»، في موقف يعكس نيته استغلال جهوزيته التي أتمها من خلال إعادة انتخابه رئيساً لليكود، في مواجهة أي عملية ابتزاز سيتعرض لها من شركائه.
وفي جزء من الرسائل التي تهدف إلى الكشف عن تعزز قوته في المعادلة الحكومية، رأى أحد المقربين من رئيس الحكومة أن نتنياهو سيكون بدءاً من صباح الغد «قوياً، ليس فقط في الاستطلاعات، بل أيضاً داخل الحزب، وهو ما سينعكس أيضاً في المسارات السياسية والاقتصادية التي يريد الدفع بها، وأيضاً في ما يتعلق بدفع خطة تقديم الانتخابات»، وخصوصاً أنه لم يعد يخشى أي أحد، في الوقت الذي «سيكون إمرار الموازنة مهمة غير ممكنة وفق الصيغة التي يريدها، من دون الخضوع للشركاء الائتلافيين».
من هنا يذهب أحد مقربيه إلى التأكيد أن نتنياهو «اتخذ قراراً مبدئياً بأن يكون مستعداً للذهاب للانتخابات في الخريف المقبل. ورسالته ستكون عدم الاستعداد لتضخيم الموازنة، وإذا ما أرادوا انتخابات، فهو بالتأكيد لن يخشى ذلك»، وتحديداً في ظل الاستطلاعات التي تؤكد أن مكانته أكثر قوة من خصومه في الرأي العام الإسرائيلي.
بناءً عليه، بات بالإمكان القول إن نتنياهو بات في موقع يسمح له إما بالإملاء على شركائه خياراته، في القضايا الخلافية، وبالتالي عدم السماح لهم «بتحويل الموازنة إلى موازنة انتخابات»، أو الذهاب إلى انتخابات عامة بعناوين تجتذب الرأي العام لجهة عدم الخضوع للابتزاز في ظل الأزمة الاقتصادية التي عبّرت عن نفسها خلال الأشهر الماضية بمسيرات احتجاج غير مسبوقة في الدولة العبرية على هذه الخلفية.
بموازاة هذا السيناريو وما يقف وراءه من تقديرات ودوافع، رأت شخصيات من محيط نتنياهو أن «موضوع تقديم موعد الانتخابات ليس مطروحاً على جدول الأعمال»، لكن وزراء رفيعي المستوى، أكدوا أن رئيس الحكومة أجرى مناقشات في هذه القضية وقدَّروا أن هذه القضية ستدرس في الفترة القريبة بعد نتائج الانتخابات الداخلية في كديما وبما يتلاءم مع استمرار تصاعد مكانته في الاستطلاعات.