المغرب | أثارت التصريحات المنسوبة لرئيس الحكومة المغربية، عبد الإله بنكيران، لإذاعة «صوت إسرائيل»، زوابع في المغرب وفي بعض الأوساط الفلسطينية والعربية، لم تهدأ حتى الساعة، مع أن أول رئيس حكومة إسلامية في المغرب نفياً قاطعاً إدلاءه بتصريح لأي جهة إعلامية إسرائيلية على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس. وقال بنكيران إن ما نُشر حول إدلائه بتصريح لمبعوث الإذاعة الاسرائيلية لا يعدو كونه تشويشاً، فيما نفى وزير الإعلام المغربي مصطفى الخلفي أن يكون رئيس الحكومة المغربية قد خص أي وسيلة إعلام إسرائيلية الجنسية بأي حديث صحافي.
في غضون ذلك، لم تستبعد مصادر مقربة من حزب «العدالة والتنمية»، الذي يقود الحكومة، أن يكون بنكيران قد تورّط في الإدلاء بتصريح للإذاعة المذكورة من دون أن يدري، وخصوصاً أنّه أكّد دخوله في نقاش مع بعض الصحافيين عند نهاية مداخلته في ندوة حول التحول الديموقراطي في شمال أفريقيا بعد ثورات الربيع العربي في دافوس، لكن لا أحد من الصحافيين الذين حدثهم قدّم نفسه على أنه صحافي إسرائيلي، أو يتعامل مع وسيلة إعلام إسرائيلية.
الإذاعة الإسرائيلية كانت قد كتبت على موقعها الإلكتروني أن راشد الغنوشي، زعيم حركة «النهضة»، قد رأى أن مستقبل علاقات بلاده مع اسرائيل يحكمه التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية، وأن رئيس الحكومة المغربية زعيم حزب «العدالة والتنمية» قد أدلى برأي مشابه. وأردفت الإذاعة أن الاثنين أضافا لمندوب إذاعة «صوت اسرائيل» في المنتدى الاقتصادي العالمي أن على الفلسطينيين أن يقرروا بأنفسهم بشأن طبيعة علاقاتهم مع اسرائيل، وأن الحركات الإسلامية ستتصرف بموجب القرار الفلسطيني.
وإذا كانت وسائل الإعلام المغربية الرسمية قد تحاشت التطرق للموضوع واكتفت بنشر التكذيب الذي نشره وزير الإعلام المغربي، إلا أن الإعلام المغربي الخاص، بدوره، تناولها على استحياء كبير وتجنب الخوض فيها أكثر مكتفياً بنقل الروايتين: رواية الإذاعة الإسرائيلية ورواية النفي. وتجنبت هذه الوسائل الخوض في التفاصيل الإضافية أو توجيه أي نقد لبنكيران أو حزبه، بل ذكرت بمواقف الحزب السابقة الصارمة والرافضة لأي شكل من أشكال التطبيع.
من جهة ثانية، حذرت جهات وجمعيات مناهضة للتطبيع في المغرب حكومة بنكيران من مغبة التراجع عن مواقفه من الكيان الصهيوني حينما كان في صفوف المعارضة. ولم تخف بعض الفعاليات الفلسطينية خيبة أملها من موقف الزعيمين الإسلاميين التونسي والمغربي، رغم تبرؤهما من الإدلاء بالتصريحات المذكورة. وقال القيادي في «حماس»، محمود الزهار، «نحن ضدّ هذا الموضوع ولا نشجعهم وننصحهم أن لا يستمروا بهذه السياسة. ولا أعتقد أن من الحكمة أن يكون هناك أي تطبيع مع العدو لا على المستوى الإعلامي ولا على أي مستوى آخر».
لم يكن بنكيران محظوظاً كثيراً؛ فبعد مرور أقل من أسبوع على حصول حكومته على ثقة البرلمان المغربي، يجد نفسه في قفص الاتهام بشبهة غير عادية وهي «التطبيع». «لقد خانته قلة التجربة والاندفاع والرغبة في التواصل»، بحسب ما أسر مقربون منه لـ«الأخبار». «(بنكيران) هكذا هو. لا يقدّر أحياناً ثمن بعض المواقف»، وفق ما قال بعض من خبروا بنكيران وعرفوه عن قرب، قبل أن يضيفوا «سيكون عليه الآن أن يكون أكثر حذراً في التعامل مع وسائل الإعلام وسوف لن يجيب عن أي سؤال صحافي على هامش المؤتمرات الدولية ما لم يتأكد من هوية الوسيلة الإعلامية التي ينتمي إليها السائل. إنه درس جديد من جملة دروس يتعلمها بنكيران في مدرسة السلطة».